Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

موقف "الجهاد الإسلامي" من الانتخابات.. الدوافع والأسباب

وكالات

أعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" بعد انتهاء لقاءات القاهرة موقفها الرافض للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية، لكونها مسقوفة باتفاق "أوسلو" للتسوية، فما الدوافع والأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك الموقف الرافض؟

إنّ اختيار حركة "الجهاد" عدم المشاركة في الانتخابات نابع من موقف أساسي في عقيدتها السياسية التي لا تقبل باتفاق "أوسلو" كسقف سياسي للعمل النضالي الفلسطيني، لأنه يمنح الاحتلال الصهيوني شرعية احتلال ما يقارب 79% من أرض فلسطين التاريخية، والأخطر أنه يعترف بـ"إسرائيل" كدولة تحت مبدأ حل الدولتين للقضية الفلسطينية، في تجاوز تاريخي وسياسي للحق الفلسطيني بكامل أرض فلسطين.

ورغم أنّ الحركة لم تشارك سابقاً في انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة الفلسطينية في العامين 1996 و2006، فإنها أجرت العديد من النقاشات الداخلية والوطنية، وصولاً إلى النقاشات مع الشرائح الشعبية والنخبوية في المشهد الفلسطيني.

وقد أبدت انفتاحاً غير مسبوق على المشاركة، لكن على أساس إقناع الكل الفلسطيني بتغيير المرجعية السياسية للانتخابات عن "أوسلو" باتجاه برنامج وطني توافقي، كمدخل للشراكة الوطنية التي تنهي الانقسام وتتيح للفلسطيني السبل لمقاومة الاحتلال بشكل موحد، وخصوصاً في ضوء مخرجات لقاء الأمناء العامين الأخير في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

تعليل حركة "الجهاد" عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية بوجوب إلغاء اتفاق "أوسلو" كسقف سياسيّ للانتخابات، ينبع من إدراكها أنَّ الشعب الفلسطيني ما زال في مرحلة التحرر الوطني، كما تؤكّد أدبيات قادة "الجهاد" وتصريحاتهم.

لذا، على النظام السياسي الفلسطيني أن يكون وسيلة في خدمة تحقيق عملية التحرر الوطني، بحيث تصبح السلطة الفلسطينية المراد انتخاب مجلسها التشريعي خطوة في مسار عملية التحرر الوطني المقاوم للاحتلال، ولا تكون نابعة عن اتفاق تفاهميّ (أوسلو) مع الاحتلال.

ورغم اعتبار البعض الفلسطيني أنّ "أوسلو" انتهى، وأن هناك قرارات فلسطينية بالتحلّل من كل الاتفاقيات مع "دولة" الاحتلال، ولكن بعيداً من اللعب على الألفاظ و"فهلوة" المصطلحات، فإنَّ ذلك البعض لا يمكن أن يعطي دلائل على كيفية انتهائه سوى كلام فضفاض يعارضه الواقع والسياسة.

يرجع البعض رفض مشاركة "الجهاد" في الانتخابات إلى كونها حركة عسكرية نخبوية، وليست حركة جماهيرية. هذا الكلام يحتاج إلى وقفة مع تاريخ تطور ممارساتها النضالية منذ انطلاقتها. ترتكز "الجهاد" على العمل العسكري كحل أمثل لإزالة الاحتلال الصهيوني، ولكن العمل العسكري فيها مبني على أساس فكري ثقافي عميق وأصيل، ما جعلها تظهر بصورة الحركة العسكرية النخبوية.

وقد برز هذا الأمر بشكل واضح في بدايات انطلاقها ومراحلها الأولى، لكن بعد مسيرة من المقاومة استمرّت أكثر من 40 عاماً، بكل ما حملته تلك المسيرة من شهداء وأسرى وجرحى واحتياجات خدماتية ولوجستية وعمل سياسي ونشاط طلابي وعمل نقابي وإعلام، وغيرها من متطلبات دعم المقاومة والعمل العسكري، بات مفهوم المقاومة أوسع بكثير من مفهوم العمل العسكري.

لذلك، إن الصورة الأكثر دقةً تتمثل في أن "الجهاد" حركة جماهيرية تنطلق من تأطير الجماهير حول مفهوم المقاومة، مع التأكيد على أن العمل العسكري ينال الاهتمام الأول لديها، لكونه الأساس الذي تبنى عليه جماهيريتها.

تعتبر "الجهاد" من الفصائل الفلسطينية المركزية والمقررة في المشهد الفلسطيني. ورغم قرارها عدم المشاركة، فإنَّ بيانها تحدَّث فقط عن المجلس التشريعي والرئاسة، وبقي الباب مفتوحاً أمام المجلس الوطني كبرلمان لكل الشعب الفلسطيني، مع ربط ذلك بالنقاشات الوطنية التي ستُجرى في شهر آذار/مارس القادم.

يعتبر هذا الموقف مؤشراً حقيقياً على حرص الحركة على الشراكة الوطنية وعدم تخوفها من وضع نفسها في اختبار القوة الجماهيرية، ومن الواضح أنها تعتمد على ما تحظى به من احترام وتقدير بين كلّ فئات الشعب الفلسطيني، وخصوصاً أنها لم تكن يوماً سبباً في مشاكله الوطنية المتمثلة في الانقسام، أو في مشاكله الحياتية أيضاً، لتحلّلها من محاصصة الحكم.

ومن يشكّك في قدرتها على تحقيق نتائج مهمة في الانتخابات في حال مشاركتها، فإنني أعتقد أن حديثه ليس مبنياً على معطيات دقيقة وصحيحة، لعدة أسباب:

أوّلها أنه ينطلق من تقديرات شخصيّة، من دون الاستناد إلى أيّ دليل حقيقي. ثانياً، إنَّ "الجهاد" مركّب قوي في الحالة الفلسطينية. وفي حساب الأوزان الانتخابات، تتفوّق الحركة على الكثير من الأوزان الأخرى التي قررت المشاركة في الانتخابات، ويعتقد البعض أنها ستحقّق مفاجآت انتخابية.