حالد صادق
القصف العنيف الذي تعرض له قطاع غزة الليلة الماضية على يد الجيش النازي الصهيوني, وادعاءات الاحتلال انه استهدف البنى التحتية لفصائل المقاومة الفلسطينية, وان القصف اوقع خسائر كبيرة لدى المقاومة تدل على حالة التخبط والهذيان التي يعيشها الاحتلال, فالخسائر وقعت في مشفى الدرة وفي مركز تأهيل الاشخاص من ذوي الاعاقة, ومسجد الودود في حي التفاح شرق غزة, ودمار في عدد من المصانع بغزة, بالإضافة الى اصابتين في صفوف المواطنين الفلسطينيين, فهل هذه هي الاهداف العسكرية التي يتحدث عنها الاحتلال الصهيوني ويتفاخر انه اوقع بها خسائر فادحة, ان بنك الاهداف التي يتحدث عنها الاحتلال هو بنك مفلس ولا يكاد الاحتلال يتوقف عن قصف نفس هذه الاهداف في كل عدوان اجرامي يشنه على قطاع غزة, والضحايا دائما مدنيين والخراب يحدث في مؤسسات مدنية ومنشأت صناعية ومستشفيات ومراكز تأهيل.
الاحتلال الصهيوني استخدم هذه المرة في استهدافه لقطاع غزة صواريخ تدميرية ارتجاجية, حيث قصفت طائرات الاف 16 مناطق زراعية قريبة من منازل الفلسطينيين واحدثت فيها دمارا كبيرا, ويبدو ان الاحتلال كان يوجه رسائل لغزة بان القصف سيزداد ويحمل دمار اوسع واكبر لغزة في حال استمرار المقاومة بإطلاق صواريخها تجاه المغتصبات الصهيونية, وهو يعتقد انه بذلك سيخشى الفلسطينيين ردات الفعل الصهيونية, وسيرفعون غطاء الحماية عن مقاومتهم الباسلة خوفا على حياتهم وممتلكاتهم ومنشأتهم الزراعية والصناعية, ولا يعلم ان العلاقة بين المقاومة وشعبها فاقت كل الحدود ووصلت الى مرحلة التلاحم والتعاضد والتكامل بينهما, ولا يمكن للقصف مهما كان حجمة ان يؤثر في هذه العلاقة الحميمية بينهما, ان رهانات الاحتلال دائما خاسرة, ولا يمكن ان ينجح في احداث أي تصدع في جبهتنا الداخلية.
وزارة الصحة الفلسطينية ووزارة الاوقاف استنكرتا عمليات القصف التي استهدفت المستشفيات والمساجد واربكت العمل داخلها, لكن المؤسسات الحقوقية والانسانية الدولية وقفت كعادتها دائما عاجزة تماما امام هذا الفعل الاجرامي الصهيوني, ولم نسمع شجبا او استنكارا لجرائم الاحتلال بحق المدنيين ومنشآت صناعية وزراعية ومستشفيات ومراكز تأهيل ومساجد, وهو الامر الذي يزيد من قناعة الفلسطينيين ان هذه المؤسسات تتخلى دائما عن دورها وواجبها عندما يرتكب الاحتلال مثل هذه الجرائم البشعة بحق الفلسطينيين, ولا يظهر دورها الا عندما يصرخ الاحتلال ويستعين بها لإدانة أي فعل للمقاومة الفلسطينية حتى ان كان الفعل مشروعا وفق القوانين الدولية, فغياب الدور للمجتمع الدولي في حماية الفلسطينيين من قصف الاحتلال وحصاره لقطاع غزة منذ اكثر من 15 عاما يؤكد ان الموازين الدولية غير عادلة, وان امل الفلسطينيين في رد فعل المجتمع الدولي على جرائم "اسرائيل" يتبدد شيئا فشيئا, وهذا ما يدفع الفلسطينيين للدفاع عن انفسهم بأنفسهم.
هذا القصف الذي استهدف قطاع غزة الليلة الماضية, والذي يأتي في ظل تفشي فيروس كورونا بين الفلسطينيين الى حد كبير, وفي ظل قرار الداخلية بمنع التجوال خوفا من تزايد الحالات المرضية "بكورونا" وهو يمثل رسالة واضحة للمطبعين واللاهثين خلف التطبيع مع الاحتلال الصهيوني, بأن "اسرائيل" كيان مجرم ومغتصب وقائم على الدماء وازهاق الارواح, وانه لا يؤمن بالسلام والتعايش المشترك, وانه يعيش على قهر الشعوب واثارة الازمات وزيادة المشكلات, وان التطبيع مع هذا الكيان المجرم جريمة لا تغتفر, ويجب على كل المطبعين العرب, ومن قبلهم السلطة الفلسطينية ان يعيدوا حساباتهم مجددا, ويستقرؤوا فكر وسياسة هذا الكيان الاجرامي, ويبنوا مواقفهم منه على حقيقة هذا الكيان البشع, وليس على اوهام وتخيلات ليس لها حضور على ارض الواقع, فهذا الاحتلال مجبول بكره العرب والمسلمين, ولديه اطماع كبيرة في المنطقة, ويهدف للسيطرة على مقدرات هذه الامة وخيراتها, ولن يتوقف حلمه في التمدد عند حدود جغرافية محددة.