لا يكاد صوت الرصاص أن يختفي أو ينقطع بعد مرور كل تلك السنين فمنها نستذكر العظام الذين عاشوا على هذه الأرض المباركة ، أخوة الدم وشركاء السلاح ووقود الفكرة التي إنطلقت من القرآن الكريم ، وحب الجهاد وواجب الكفاح وعشق الشهادة ،
الشهيد القائد أحمد عايد الفقيه والشهيد البطل محمد مصطفى شاهين أبناء العشرين عاماً وقت تنفيذ عملية عتنائيل البطولية والتي جائت رداً على جريمة إغتيال القائد المجاهد حمزة أبو الرب التي طالته يد الغدر في قبل يوم من عملية عتنائيل 27/12/2002
هما الشهيدان الحيان اللذان كانا من خيرة شباب مدينة دورا الأبية جنوب مدينة الخليل حيث تلقى الشهيدان تعليمهما في جامعة بوليتكنك فلسطين في مدينة الخليل حيث كانا يدرسان الهندسة وكانا من الطلبة المتفوقين في الجامعة وكان لهما الأثر الطيب بين صفوف الطلبة آنذاك ، ومن خلال " الجماعة الإسلامية " الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كانا يقدمان كل العون لأخوتهم الطلبة وكانا خير من مثل الإطار الطلابي وتتلمذ الشهيدان على أيدي الشهداء القادة أمثال الشهيد القائد محمد سدر وغيرهم من الأسماء التي سطرتآياتٍ من الفخر والعزة في ميادين الجهاد والمقاومة .
بعد أن أقدم الإحتلال على إغتيال القائد حمزة أبو الرب ومجازره بحق أبناء شعبنا الصابر أقسم الأخوة شاهين والفقيه أن لا يطول الرد فكان على شاكلة عملية " زقاق الموت " والتي نفذها مجاهدون من سرايا القدس وكانت بنوعيتها الفريدة قد أربكت العدو ولقنته درساً لن ينساه خصوصاً أنه قد قتل قائد المنطقة في جيش الاحتلال وعدد كبير من جنود الاحتلال.
توضأ البطلان وكان القرآن أنيسهما قبل ليلة العملية وكتبا وصيتيهما وتلقيا عدد من التوجيهات من القائد الأسير منيف أبو عطوان الذي كان قد أعد خطة محكمة ودراسة عميقة عن مكان العملية والتي كانت تستهدف أكبر عدد من التجمع للمستوطنين المعروفين بتطرفهم في معبد داخل مغتصبة عتنائيل المقامة على أراضي المواطنين في جنوب مدينة الخليل . وبعد الإعداد من قبل القائد الشهيد ماجد أبو دوش والقائد عبد الرحيم التلاحمة وعدد من قادة سرايا القدس في الخليل ،انطلق المجاهدان احمد الفقيه ومحمد شاهين واضعين نصب أعينهم لا عودة إلا بنصرٍ أو شهادة .
التنفيذ
في تمام الساعة السابعة والنصف من مساء ليلة الجمعة 27/12/2002 انطلق الإستشهاديانإلى البوابة الخلفية من المستوطنة وبعد دخولهم بالقرب من المعبد اليهودي والذي يقضي فيه الجنود والمستوطنين إجازتهم السنوية في دراسة كتبهم المسطرة بالتوراة فاجئهم المجاهدان وهم يتنكرون بزي الجنود الصهاينة ويحملان بنادق من نوع ( إم16) وعدد من القنابل اليدوية ،فبدأت المطاردة بين أروقة المعبد والنيران تأتي كالغيث المنهمر على رؤوس المستوطنين والجنود فتمكن المجاهدان من قتل مالايقل عن 5 جنود وكبار حاخاماتهم وجرح عشرات من المستوطنين وهذا ما أعترف به العدو إلا أن من يسكن بالقرب من مكان المستوطنة من السكان الفلسطنيين أكد بأن هناك عشرات الجثث خرجت محملة بسيارات الإسعاف التي هرعت إلى المكان .
الشهادة
بعد أن مضى مالايقل عن ساعتين والإشتباكات مستمرة بين المجاهدين وجنود الاحتلال إرتقى أحد الأبطال شهيداً ومضى الإستشهادي الآخر واستطاع أن ينسحب من المكان ليبدأ جنود الاحتلال بمطاردته حتى تمكنوا من قنصه على مشارف مدينة الظاهرية وكانت كثرة الإصابات التي تلقاها داخل المستوطنة تحول بينه وبين الفرار من المكان بسلام .
وبعد تلك الليلة عرف الإحتلال وأيقنوا بأنه لا مناص من ضربات سرايا القدس والتي لا تترك دماء قادتها ولا تكل ولا تمل دون الدفاع عن مقدساتها وأرضها وهذا ماصرح به قادتهم آنذاك بعد إعترافاتهم بخسارتهم الفادحة نتيجة العملية .
وكعادة الإحتلال في كل مرة وسياسة العقاب الجماعي كان القرار بهدم منزلي الشهيدين انتقاماً منهم لما فعله الشهيدين. ولكن هذا ما لايستطيع فهمه الإحتلال والذي جاء على لسان والدة الشهيد الفقيه بأن لن يكون هدم المنزل أعز من فلذة كبدها وأن بيتاً في الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها
وايضاً أحتجز الإحتلال جثمان الشهيدين في مقابر الأرقام حتى تم تسليمهما في منتصف شهر فبراير عام 2014 ليوارى جثمانهما الثرى في مقبرة دورا وقد زفه الآلاف من أبناء المدينة تتقدمهم رايات الجهاد الإسلامي وحناجر المواطنين التي هتفت لأرواحهم الطاهرة .
رحل عنا الشهيدان جسداً ولكن لا تزال ذكراهم خالدة في قلوب كل حرٍ وشريف يعيش في هذه الأرض الطاهرة .