Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

منع الفلسطيني من انتقاد التطبيع ودعم الثورات: مواءمة للانحدار

وكالات

خرج قبل أيام قرار من الرئاسة الفلسطينية، يمنع توجيه أي انتقادات للدول العربية التي تطبّع مع إسرائيل، وأن تعليمات شفهية ومكتوبة وصلت من الرئاسة الفلسطينية إلى منظمة التحرير وحركة "فتح" ووزارة الخارجية بالامتناع عن نقد الدول المطبّعة. ووصف أحد مسؤولي حركة فتح هذا القرار "بالحديدي" بما يشمل مواقع التواصل، والتدوينات المشيرة لانتقاد عملية التطبيع مع إسرائيل.

مفهوم الحياد والمنع الذي تحاول السلطة الفلسطينية تحديد قواعده بعبارات تقليدية بتقنين "واجبات المحايدين" من الشعب الفلسطيني مع قضيتهم، وما يتصل بها من حبل التآمر والخذلان الذي كلل بالنأي "الفولاذي" عن ما تعرض له أبناء فلسطين في سوريا من قتل وتهجير وموت تحت التعذيب على أيدي نظام الأسد، مفهوم معمول به منذ أوسلو وإلى اليوم، بحيث بات من واجبات المهام المطاطة للسياسة الرسمية للسلطة الفلسطينية مع هجمة التطبيع الجديدة المستهدفة حقهم في أرضهم. وهو تمثل انقلابا في القيم مع انتشار التطبيع وتمدد الفكرة الصهيونية وتعاليمها التلمودية في عواصم ومدن عربية جديدة، تحتفي وترقص على أنغام الفتوحات الصهيونية للمدن العربية.

الهجمة الصهيونية الجديدة بمؤازرة عربية رسمية، لا تعني إعفاء "واجبات الممنوعين" عن التعبير عن غضبهم من مبارزة استعمارية موجهة ضدهم، وموجهة ضد كل إنسان عربي مسلم ومسيحي، وتحتم التضامن والتعاون لمواجهتها.

تسريب فكرة الحياد لضحايا المشروع الاستعماري الصهيوني، وتبني سياسة تقمع أي رفض للتآمر والخذلان ومقاومة المحتل، هو انتهاك أساسي لمبدأ مقاومة المحتل ومشاريعه خارج حوزة الشعارات في البيانات السياسية النارية التوصيف أحيانا عن التطبيع من الغدر والخيانة، إلى مباركته بعودة التنسيق مع المحتل، ومع أنظمة لا تخفي وضوح الدعم لمشاريع المستعمرين في المستوطنات وسكك الحديد، وبرامج الأمن الصهيوني القامعة "للمحايدين" واختراق الأجواء وتبني لصوصيتهم على التاريخ والجغرافيا والمقدسات، وصولا لإنشاد شعائر تلمودية وإقامة معابد يهودية تتلى فيها أساطير صهيونية وشعارات "الموت للعرب".

الحياد الفلسطيني الموصوف بامتناع التعبير عن موقف أخلاقي وسياسي، من مقتلة الفلسطينيين في مسالخ الأسد، تبعته مواقف الدعم والإسناد للثورات المضادة بقيادة طغاة وسفاحين وعصابات قاتلة، مدعومة من زعماء التطبيع العربي مع المؤسسة الصهيونية.

بمعنى أوضح، لم يقتصر الأمر على عدم التطرق لموضوع ذبح أبناء فلسطين والشعب السوري، بل في تشغيل ماكينة إعلامية و"نخبوية" تنكر المذابح وتلقي اللوم على الضحايا، لتتطور بالتطوع للدفاع عن الأسد وتمجيد جرائمه، وإعفائه من المسؤولية عن تدمير وقتل وتشريد الملايين من أشقائهم السوريين.

لم يقتصر جهد المطالبين بحياد شعبهم عن نقد التطبيع بالصمت عنه، فكانت ماكينة الإعلام تعمل على تمجيد وظيفة السيسي في مصر، وتمجيد سحقه مجتمع "الإرهاب الإسلامي" لكي تضاء اليوم شموع الأعياد اليهودية في مدن عربية لا يجوز معها منطق الحياد بنفخ الهواء عليها لإطفائها. الحياد أن تعطي وهجا للشمعدان اليهودي، وألقا لسكين القاتل في فرع فلسطين، ومباركة لتجارة مربحة لمستعمر أرضك وتاريخك.

يسمح الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية من التطبيع، بتسلل أكثر للعطالة والعجز للسياسة الفلسطينية والعربية، ويسمح بعدم التدخل في حماية الفلسطينيين في مسلخ الأسد ومن عصابات المستعمرين وحلفائهم من النظام العربي، باتخاذ أعدائهم تدابير وسياسات تسهم بالقضاء على مشروعهم الوطني، كما أسهمت من قبل مواقف الحياد والتخاذل على الثورات بنفس النتائج على ما هو مفترض أنه عمق الشعب الفلسطيني في الشارع العربي وجبهة مقاومة التطبيع، التي تعرضت لسحق بفضل الآلة القمعية والهمجية للنظام الرسمي في القاهرة ودمشق والرياض وبغداد، وأبو ظبي وبنغازي والخرطوم وصنعاء والرباط.

مما لا شك فيه، أن قرار السلطة الفلسطينية بمنع التطرق للتطبيع ولسياسات الأنظمة ضد قضيتهم، وسياستها تجاه التطبيع بمنع نقده ومنع إشهار العداء له والتراجع عنه، لا يقصد منه عدم التدخل في سياسات الدول الأخرى، وهنا لا يصح الربط كونها بالأساس موجهه لضرب نضال الفلسطينيين والتآمر عليهم.

ابتغاء الصمت الفلسطيني، اعتراف بهذه السياسات وقبولها، أما الرهان على إدارة أمريكية جديدة تقلب كل المفاهيم وتقترب من الحقوق الفلسطينية، فهذا جلد دام للقضية بأوهام ميتة. إحياء القضية والحفاظ عليها دون شعبها، ودون التعاضد مع أشقائه لا يحمي أرضا ومقدسات ولا يسهم بإنقاذ أهلها، لا من الاستيطان والحصار، ولا من العدوان، ولا يخرج معتقل من زنزانة صهيونية أو أسدية، إنما يخلق مواءمة أكثر مع الانحدار والانهيار السحيق لحركة تحرر وطني وهي تراقب الحاخام الأكبر لإسرائيل يتسحاق يوسف، يحتفي في عاصمة عربية بافتتاح معبد يهودي، وهي لا تزال تفتش في صدور أبناء شعبها عن عداء للمحتل لتقبض عليه، أو تفتش جيوبهم عن سكين تجرمه به بتباه أمام المحتل في كل مناسبة.