Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

نحو مساندة ودعم لمعتقلينا الإداريين

نحو مساندة ودعم لمعتقلينا الإداريين

  منذ ما يزيد على 47 يوماً يواصل أسرانا الفلسطينيون الإداريون اضرابهم المفتوح عن الطعام فيما تنضم اليهم افواج وأعداد من الاسرى المحكومين في عدة سجون اسرائيلية للاعراب لزملائهم عن وقوفهم معهم في معركة الامعاء الخاوية التي يخوضونها رفضاً لسياسة الاعتقال الاداري التي تنتهجها "إسرائيل"

وتم تبنيها من قوانين الانتداب البريطاني في اربعينيات القرن الماضي وحتى الآن، وتم زج آلاف من ابناء الشعب الفلسطيني في السجون دون تقديم تهمة او محاكمة احياناً الا بشكل صوري احياناً بفعل هذا القانون، كما جرى تمديد الاعتقال الاداري لعدة سنوات للبعض الاخر وهي عقوبة جماعية وفردية قد يقع ضحيتها أي انسان يعيش فوق هذه الارض بدون ان يعرف حتى سبب اعتقاله انما لمجرد انه فلسطيني.

ومن ميزات هذا الاضراب مقارنة مع اضرابات اخرى انه اضراب سياسي وليس مطلبياً، بمعنى انه لا يسعى لتحسين ظروف الحياة الاعتقالية بزيادة وتحسين وجبات الطعام مثلاً ولا حتى زيادة الاغطية او تحسين ظروف الزيارة او زيادة الكانتين وانما يهدف الى تغيير قانون ظالم جرى العمل به لسنوات طويلة، المعركة عنوانها القانون وأجهزة الامن الاسرائيلية التي تسعى لاستمرار تطبيق هذا القانون بكل قوة، ومن هنا تأتي تصريحات المستوى السياسي لعدد من وزراء حكومة اليمين الاسرائيلي "دعوا الاسرى يموتون جوعاً".

فالاستجابة لمطالب الاسرى يعني ان صفحة هذا الملف قد طويت في حين ان تراجع الاسرى وفشل الاضراب يعني ايضاً انهاك قوة الحركة الاسيرة وتراجع اية خطوات نضالية مستقبلية لها وهو ما يحمل في طياته عواقب وخيمة لانكفاء العمل النضالي الذي يخوضه الاسرى، كل طرف بات يدرك الآن ان التراجع لم يعد وارداً، عودة الاسرى للوراء ستحمل وبالاً يطال الكل الاعتقالي ومستقبل نضال الحركة الاسيرة برمتها، وتراجع الاحتلال سيزيل للابد موروثاً جرى اعتماده كأحد اعمدة السياسة الاسرائيلية ضمن مسلسل عقوباتها المتواصل.

ومع ضعف الحالة الشعبية المساندة التي لم ترتق لمستوى المعاناة التي يعيشها الاسرى الذين بدأت علامات تنذر بخطر داهم على حياتهم تظهر بشكل يومي، فقدان شديد للوزن وإغماءات متتالية، تغير في لون البشرة.. الخ، وغيرها من المظاهر الاخرى..

فحجم الفعاليات لم يكن بالمستوى المطلوب، هناك حراك ضعيف ومشتت وغير قادر على محاكاة الواقع المؤلم الذي يعيشه الاسرى، فعاليات يومية ولكنها متناثرة، وعشوائية وتمتد على مدار اليوم بمشاركة العشرات في احسن الاحوال بعيداً عن جلد الذات ورغم اهمية هذه الفعاليات في ذات الوقت ولكن الهدف ان تتواصل وتتوسع وتمتد لتصل الى هبة شعبية عارمة توصل رسالتها للقاصي والداني ان الشعب الفلسطيني بكافة قطاعاته وشرائحه وتلاوينه السياسية يقف الى جانب الاسرى في هذه المعركة التي يتفق الجميع بأنها فاصلة على كافة المستويات.

الا ان اللافت في الحراك الجاري هو الدعوات للاضراب الشامل، وهنا لابد من الاشارة الى عديد هذه الملاحظات والتي منها على سبيل المثال مصادر الدعوات فهناك جهات عديدة دعت لاضرابات والقوى الوطنية والهيئة العليا للاسرى والدعوات في ايام مختلفة بمعنى ان غياب التنسيق وتكامل الجهد يؤدي الى نتائج عكسية ويخلق حالة من التذمر في اوساط قطاعات مختلفة لا سيما التجار وأصحاب الورش والمصانع والشركات.

ثانياً، كان الاضراب خلال الانتفاضة المجيدة الاولى عنوان تحد للاحتلال وتعبيراً عن حالة جمعية يعيشها الشعب الفلسطيني في رفض وجود الاحتلال، اما اليوم فلا يوجد مظهر احتلالي "دائم" داخل المدن والمخيمات مع ان الشعب والسلطة ما زالا تحت الاحتلال بطبيعة الحال. والسؤال: لمن نوجه الاضراب في هذه الحالة. وهو في الحقيقة النقاش الذي شغل حيزاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مع اطلاق الدعوة للاضراب يوم الاحد 8-6 ودعوة اخرى لاعتبار الثلاثاء يوم اضراب ايضاً. وللإجابة على السؤال لابد من الاشارة الى ان حالة الضعف الراهنة وغياب القوة التي تقود الشارع وتشكل قوة جذب وتأثير له تقود الى العديد من الاشكال التي بمجملها تشكل فعلاً ولكن لا يكون في معظم الاحيان بحجم الفائدة المتوخاة ولا يحقق النتائج المرجوة منه مع اهمية الحفاظ على اشكال العمل الملتزمة والواعية وذات البعد الوطني الصادق.

ما هي الفائدة التي ستعود على الاسرى من اغلاق المرافق التجارية؟. هذا الاضراب هو حالة تشاركية عامة نعود معها للإحساس الجمعي بأن الهمّ العام لنا جميعاً هو الاحتلال بكل ادواته ومسمياته، وهذا يعطي احساساً قوياً بقوة المشاركة عندما نتساوى جميعاً ولو ليوم واحد في حالة نعيشها معاً، واهمية الاضراب في هذه الحالة أيضاً انه يرسل رسالة للاحتلال وللاسرى الذين هم في امس الحاجة لرفع معنوياتهم في اللحظات الحرجة التي يعيشونها امام استمرار اللامبالاة من قبل ادارات مصلحة السجون.

وفي تفاصيل الحالة والتوحد الوجداني ان جاز القول تكمن اهمية الاضراب الذي اتخذ قراره على طاولة الاطار المركزي للضفة الغربية بحضور معظم فصائل العمل الوطني والاسلامي، فالاضراب ليس يوماً للعطلة او الاجازة وانما هو يوم نضالي بالامكان ان يعكس صورة حضارية رائعة بالمعاني والدلالات. هذا الفهم المتواضع يستند الى تحويل الاضراب الى اداة كفاحية بأن تقف كل مؤسسة او شركة او نقابة امام المبنى الخاص بها وترفع الشعارات التي تقف مع الاسرى وتشد على ايديهم على امتداد الشوارع والأزقة في كافة المدن بينما تتوجه وفود اخرى الى خيم الاعتصام في مراكز المدن ويقف التجار يحملون ايضاً الشعارات في وقفة تحمل معاني الإسناد للاسرى.

غياب مظاهر الحياة العادية ليوم والحديث عن مآثر الاضراب وبطولة الاسرى وجوعهم وشل الحركة التجارية بما فيها المطاعم والمقاهي كلها ليست بلا معنى. على العكس فإذا احسن استغلالها فهي احد الاسلحة الهامة التي جربت فيما مضى وكانت ذات فعالية في مواجهة الاحتلال.

كيف يكون الاضراب وسيلة نضالية وليس عقاباً نعاقب به بعضنا بعضاً ضمن تقاذف المسؤوليات احياناً. الاضراب ليس لخلق حالة تباين والنقاش من قبل الاطراف كافة هو مشروع ومهم. التشارك في الموقف يعطي مدلولاً بالغ الاهمية حول التشارك في المصير والهدف وهو في نهاية المطاف انهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني الذي من اجله ذهب هؤلاء الاسرى الى عتمة الزنازين من اجل تحقيقه والوصول اليه، ذهبوا طوعاً وضحّوا بأعمارهم من اجل الوطن وكرامته وعزته.

الاسرى قالوا كلمتهم وأشكال التضامن والاسناد بحاجة الى توسعة والحراك الشعبي يتواصل في معظم المحافظات. ولكن الاساس ان يتكثف ويمتد، هذه الايام حاسمة بل مصيرية ليس للاضراب ومطالبه وانما لحياة الاسرى فهم مصممون على المضي بالاضراب حتى النهاية، قنوات الحوار مع ادارات السجون متوقفة. فهي لا تريد حواراً، العبء الاساس يقع على عاتقنا نحن للتعبير عن وقوفنا الى جانب الاسرى بما فيها الاضرابات ويجب دراسة جدواها بعمق وروية ومسؤولية وطنية.

كل الاطر المكونات مطلوب منها العمل بما فيها حركة اعلامية نشطة وخصوصاً الاعلام المحلي لمواكبة ما يجري. فالاسرى ليسوا ارقاماً وانما هم بشر لهم اهل يخافون على مصيرهم.

وسائل الاعلام المحلية مدعوة لزيادة مساحة برامجها عن الاضراب وتخصيص اوقات اطول للبث الاذاعي.

 

صحيفة "القدس"