Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

عتبات .. الكيان الصهيوني وحتمية العجز عن تحقيق أهدافه

وكالات

يبدو أن قيادة الكيان الصهيوني لا تريد الاقتناع بأن أهم معضلة تواجهها وبشكل شبه محتم، تكمن في حقيقة أن أي عدوان عسكري تشنه لتحقيق ما تعده «مكاسب» وأن أي توسع في سيطرتها كقوات محتلة على المزيد من الأراضي، سرعان ما ينقلب على الأرض وبشكل ملموس إلى عبء وهزيمة أو في أدنى الاحتمالات إلى مجموعة تحديات ومواجهات لا تستطيع تحملها للمحافظة على «المكسب العسكري» الذي سيكشف بالضرورة عجزها عن المحافظة عليه إن حدث أصلاً.

فالجيوش بشكل عام لا تتوقع البتة حين تشن حروبها- وخاصة الاستباقية- أن تؤدي إلى زيادة الأعباء والمهام والصعوبات عليها، بل تتوقع أن يؤدي نجاح الحرب إلى تسريح عدد كبير من الجنود الاحتياط الذين جرى استدعاؤهم لهذه الحرب أو إلى منحهم إجازات طويلة وتخفيض درجة الاستنفار والجهوزية العسكرية. لكن هذا الكيان كانت حروبه وأشكال عدوانه تؤدي دوماً إلى زيادة الصعوبات بعد كل عدوان أو حرب منذ أكبر عدوان شنه في حزيران 1967.

ففي أعقاب ذلك العدوان، بالغت (القيادة) الصهيونية بقيمة قدرتها العسكرية إلى حد جعل جيش الاحتلال والمستوطنين يعتقدون أن احتلال ثلاثة أضعاف مساحة الكيان في ثلاث جبهات سيحمل معه نتائج تنهي حالة الاستنفار والحذر الشديد والخوف الذي ساد عند جيش الاحتلال والمسؤولين الإسرائيليين قبيل 4 حزيران 1967 وسيجعل هذه الحرب آخر حروب المشروع الصهيوني لاعتقادهم الخاطئ بأن سورية ومصر والفلسطينيين (سيستسلمون ويسلمون) بوجود هذا الكيان المغتصب.. فإذا بالصهاينة جميعاً يرون بأعينهم أن الأخطار بدأت تزداد، وأن القوة النارية في الجبهات الثلاث: الجنوبية أمام مصر، والشرقية أمام المقاومة في الضفة وقطاع غزة ونهر الأردن، والشمالية على تخوم الجولان السوري المحتل، تكثفت كثيراً وأصبحت تتطلب انتشار أضعاف من قوات الاحتلال للتعامل مع هذه الجبهات.

ثم جاءت حرب تشرين التحريرية عام 1973 لتثبت أن المقاومة مستمرة وأن أعلى أشكالها من جبهتين سورية ومصرية. وبعد اتفاق «كامب ديفيد» عام 1979 مع السادات وإخراج مصر من الجبهة الجنوبية، اعتقدت القيادة الصهيونية برئاسة مناحيم بيغين وآرييل شارون حينها، أن خروج مصر من جبهة الحرب سيُسهل احتلال القوات الصهيونية للبنان في حزيران عام 1982 بعد (ضرب) الجيش العربي السوري والمقاومة الفلسطينية، وسيجعل أهداف المشروع الصهيوني التوسعي تتحقق، (وسيفرض الاستسلام) على سورية ولبنان، لكن الوقائع على الأرض جعلت المقاومة الوطنية اللبنانية والجيش العربي السوري وفصائل المقاومة الفلسطينية يجابهون قوات الاحتلال ويجبرونها على مواجهة حرب استنزاف قلبت موازين القوى على جبهة جنوب لبنان ووسعت انقسامات العدو ومزقت معنويات الجنود والمستوطنين وأجبرت الكيان الصهيوني على سحب قواته مدحوراً ومهزوماً من دون قيد أو شرط عام 2000.

هذا الانتصار المشترك لمحور المقاومة أسقط نظرية (الاستفراد) بسورية ولبنان وفلسطين بعد خروج مصر من جبهة الحرب، وحين عاد العدو لشن حرب بعد ست سنوات على الجنوب اللبناني تلقى هزيمة نكراء على يد المقاومة الوطنية اللبنانية. ولذلك يتوقع مسؤولوا الكيان الصهيوني أن عجزهم عن إيقاف ازدياد القدرات الصاروخية والخبرات القتالية عند قوى محور المقاومة سيؤدي إلى حرب قد يبادر بها أطراف محور المقاومة من جبهة الشمال قبل أن تجرؤ (قيادة) الكيان الصهيوني على شنها، لأن زمن الحرب الاستباقية الإسرائيلية ولى.

وتعلق ابنة الكاتب الصهيوني عاموس عوز، وهي بروفيسورة في العلوم السياسية، على الضعف الذي بلغه المشروع الصهيوني بأن الزمن لم يعد يعمل في مصلحة (إسرائيل) ومستقبل وجودها في المنطقة أمام العمق الذي تشكله جبهة الشمال التي أصبحت تمتد على ما سمته عوز (حدود إسرائيل) الشمالية بعمق يصل إلى العراق وايران.

ويرى رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن بيغين وشارون اعتقدا أن إخراج مصر من جبهة الحرب عام 1979 لن يجعل أي طرف عربي قادراً على تحدي «إسرائيل» ومقاومتها، وسيجعلها (قادرة على فرض هيمنتها على كل العالم العربي)، لكن كل هذا لم يتحقق، كما لم يتحقق أي شرط لهذا الكيان بعد الانتصارات التي حققتها سورية وحلفاؤها على الإرهابيين، وهذا ما سيُثبت أن انهيار قوة الجيش الصهيوني أخذ بالازدياد ولن تغيرالاعتداءات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بين الحين والأخر شيئاً من هذه النتيجة، لأن المعادلة أصبحت تؤكد أن كل أشكال العدوان العسكري الصهيوني لم تولد أي مكسب لهذا الكيان بفضل استمرار المقاومة وازدياد قدراتها بشكل مطرد.