Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

ترامب ومعاداة السامية

وكالات

د.فايز رشيد

بعد صدور توصية مجلس النواب الأمريكي بإدانة الرئيس ترامب والعمل على عزله وتحويل القضية إلى مجلس الشيوخ، وقّع الرئيس الأمريكي مرسوماً يهدف إلى ما أسماه «مكافحة معاداة السامية» في الجامعات الأمريكية. بتوقيعه، يجري توسيع نطاق التعريف الذي تعتمده وزارة التعليم لمعاداة السامية في ما يتعلّق بتطبيق قانون الحقوق المدنية الصادر في 1964. ويأمر النصّ - خصوصاً وزارة التعليم - بأن تعتمد في تعريفها لمعاداة السامية التعريف المعتمد من قبل «التحالف الدولي لذكرى المحرقة».

ترامب قال خلال حفل أقيم في البيت الأبيض بمناسبة عيد الأنوار اليهودي «هذه هي رسالتنا إلى الجامعات: إذا كنتم ترغبون في الاستفادة من المبالغ الضخمة التي تتلقونها كل عام من الحكومة الفيدرالية، فعليكم أن ترفضوا معاداة السامية». من جانب آخر، أثار هذا المرسوم تساؤلات حول ما إذا كان فعلاً هدفه محاربة «معاداة السامية» أم أن هدفه الرئيسي هو قمع حرية الطلاب في التعبير عن رأيهم الناقد للاحتلال «الإسرائيلي».

وفي الإجابة عن السؤال، يعتقد المحلل السياسي الأمريكي والمختص بالشأن «الإسرائيلي» جو ماكرون أن «المرسوم يهدف إلى منع حرية التعبير داخل حرم كل جامعة، ولا سيما في ما يتعلق بحركة مقاطعة «إسرائيل»». وأوضح أن «ترامب وضع الجامعات الأمريكية بين خيار احترام حق الطلاب والأكاديميين في التعبير، وخيار احتمالية خسارة برامج تمويل فيدرالي»، مضيفاً: «إن هناك غموضاً في تعريف معنى معاداة السامية، فهو يشمل حتى انتقاد السياسات «الإسرائيلية». وهو ما سيترك الباب مفتوحاً على دعاوى قضائية متبادلة لتحديد ما إذا ما قال أحدهم في جامعة معينة خطاباً يعدّ معاداة للسامية أم لا».

ومعروف أن هذا المرسوم بشكله العام قد سبقته قوانين سنتها من قبله 26 ولاية أمريكية في أوقات مختلفة ضد منتقدي «إسرائيل»، وقد جرى تقييمها في تلك المراحل بأنها اعتداء على البند الأول في الدستور الأمريكي الذي ينص على «حرية تعبير الإنسان عن رأيه». لذا من المتوقع أن صدور المرسوم سيصعب، ويعيق النشاطات المناوئة للاحتلال، وعمل حركة مقاطعة «إسرائيل»، وهي الناشطة في الولايات المتحدة. ولكن السؤال: هل سيوقفها؟ يقول بعض المراقبين: على العكس سيسهم في تصعيدها على الرغم من أنه «سيمنح المناوئين لحق المواطن الأمريكي في التعبير عن رأيه ضد الاحتلال «الإسرائيلي» بعض المناعة ليقاوموا المقاطعة ضد «إسرائيل»، ولكن لن ينهيها». فمن وجهة نظر أحدهم من المغتربين العرب، وهو خالد ترعاني، فإن «المرسوم قد يُعطي بعض المشرعين الفرصة لأن يسنوا قوانين متماهية معه»، مضيفاً: «وقد تصدر بعض الجامعات تعليمات تمنع نشاطات حملات مقاطعة «إسرائيل»، محتمية به، بحيث تحمي نفسها من المساءلة القانونية في حال طردت طلاباً ينتقدون أو يقاطعون الاحتلال». وأشار إلى «محاولة إحدى جامعات كاليفورنيا سابقاً طرد طلاب اعترضوا على وجود شخصية «إسرائيلية» لإلقاء محاضرة، الأمر الذي دفع هؤلاء الطلاب للتوجه للمحكمة التي أقرت بحق الطلاب في التعبير عن رأيهم».

ومعروف سعي دويلة الاحتلال ومناصريها في العالم الغربي إلى تجريم كل من ينتقدها بوصفه معادياً للسامية، ودائماً ما يتم استخدام هذا المصطلح سلاحاً موجهاً ضد كل من ينتقد الاحتلال، لذا سيكرس مرسوم ترامب عدم التفريق بين انتقاد الاحتلال ومعاداة السامية؟ من هنا يمكن الاستنتاج أن الحركة الصهيونية (وتحديداً الآيباك) والاحتلال «الإسرائيلي» والتيار الصهيومسيحي الأنجليكاني المتطرف في أمريكا سيحاولون إعادة تعريف معاداة السامية بأنها معاداة الاحتلال ومناوأته. لقد اكتسب هؤلاء مناعة بل حصانة كبيرة بصدور مرسوم ترامب، حيث سيوفر لهم حماية أكبر لمقاضاة ومعاداة الذين ينتقدون الاحتلال «الإسرائيلي». لقد أصبح من الصعب بعد صدور مرسوم ترامب وضع حد فاصل بين انتقاد «إسرائيل» ومعادة السامية، وذلك لأن أي انتقاد لسياساتها سيعتبر عداء للسامية!

المرسوم هو ضمن سلسلة «الهدايا» التي يواصل الرئيس الأمريكي تقديمها إلى دولة الاحتلال لخدمة هدفه النهائي، وهو إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية. 

نقلاً عن الخليج الاماراتية