بكر السباتين
أعلن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، الاثنين، أن الولايات المتحدة لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية “غير متسقة مع القانون الدولي”، وقال إنه “بعد دراسة جميع جوانب النقاش القانوني بعناية، توافق هذه الإدارة على أن إقامة مستوطنات مدنية إسرائيلية في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي”.
وعقب ذلك حذرت السفارة الأمريكية في الكيان الإسرائيلي مواطنيها من زيارة الضفة الغربية أو توخي الحذر الشديد، وأوضحت السفارة أن أفرادا أو مجموعات تعارض تصريحات بومبيو الأخيرة، قد يستهدفون مواقع تابعة للحكومة الأميركية، أو المصالح الأميركية الخاصة، والمواطنين الأميركيين.
وتجدر الإشارة إلى أن تصريحات بومبيو دليل متجدد على السياسة الامريكية الاجرامية بحق الشعب الفلسطيني وشرعنة واضحة للعدوان والاستيطان والاحتلال لأرض فلسطين.. وقد تركت أصداءها السيئة لدى الفلسطينيين الذين عبروا عن رفضهم لهذه التصريحات المجحفة بحقهم، الأمر الذي أجج الدعوات إلى تثوير الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية رداً على هذه العربدة السياسية التي تنتهجها أمريكا في المنطقة وخاصة كلما اقترب حليف ترامب المدلل نتنياهو من أزمة سياسية كالتي يعانيها في أتون التحضيرات للانتخابات الإسرائيلية المقبلة، والتي لو فشل فيها نتنياهو سيذهب مباشرة إلى السجن على خلفية قضايا فساد، وكان على عرّابه ترامب تقديم طوق النجاة له، وخاصة بعد فشل ضربة نتنياهو العسكرية في غزة، وكل ذلك يدخل في الإطار العام لصفقة القرن التي عادت إلى التابوت من أجل اقتناص الفرصة لإعادة إحيائها من جديد.. فهل تجهض الضفة الغربية هذه الخطوة الأمريكية غير المسبوقة!
إن اعتبار الادارة الامريكية بان الاستيطان لا يتعارض مع القانون الدولي يشكل سابقة خطيرة ودليلا واضحاً على ان هذه الادارة تتعامل مع العالم والقوانين المتعارف عليها وفق مصالحها وعليه فإننا ندعو هذه الادارة إلى وقف الهيمنة والعربدة الامريكية التي تشكل المرتكز الأساسي للإرهاب في العالم ودعم كل أذرعه الإجرامية على رأسها العدو الصهيوني المتدرّع بدعمها السخي دون أية ضوابط قانونية دولية أو أخلاقية، ولكنها كما يبدو شريعة الغاب التي تسود العالم. وفي سياق متصل، أصدر الناطق باسم حركة المقاومة الشعبية في فلسطين، خالد الأزبط، تصريحاً صحفياً نشرته دنيا الوطن، تعقيباً على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي باعتبار المستوطنات التي يقيمها الاحتلال بأنها لا تتعارض مع القانون الدولي، داعياً “أهلنا بالضفة الغربية لإشعال الانتفاضة بكافة وسائلها”، وإحداث حالة اختراق على كل القيود الصهيونية وعلى التنسيق الامني الذي يشكل حاضنة مباشرة للاستيطان عبر منع وملاحقة المقاومة بالضفة. ومن الطبيعي أن حماية أي تحرك ميداني على الأرض يستلزم إيقاف التنسيق الأمني المشين بين الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة التي تستهدف المطلوبين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة حيث تلتهم بقاياها المستوطناتُ الإسرائيلية غير القانونية التي أمست في عرف ترامب قانونية.
وما زلنا في الموقف الفلسطيني إزاء تصريحات بومبيو حيث قال عضو المجلس الثوري، والمتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي: إن ترامب يسعى إلى إلغاء القانون الدولي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وإيجاد مرجعيات جديدة، تستند إلى الباطل وإلى مخالفة القانون والإجماع الدوليين، مذكراً برفض العالم أجمع، لكافة القرارات الأمريكية السابقة المتعلقة بالقدس و(أونروا)، والتي كان آخرها التصويت بأغلبية ساحقة في الأمم المتحدة لصالح (أونروا)، وهذا ما يحدث الآن أيضاً، في دلالة واضحة على عزلة الولايات المتحدة في موقفها المدان والمرفوض.
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. حنان عشراوي فقد استهجنت بشدة، تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اعتبار الاستيطان لا يخرق القانون الدولي، مؤكدة على أن هذه التصريحات ليس لها أية صلاحية قانونية.
وفي سياق عربي، فقد حذر أبو الغيط في بيان صحفي نقلته (الوكالة الفلسطينية الرسمية) اليوم الثلاثاء، من أن هذا التغيير المؤسف في الموقف الأميركي، من شأنه أن يدفع جحافل المستوطنين الإسرائيليين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية، ضد السكان الفلسطينيين، كما أنه يقوض أي احتمال ولو ضئيل لتحقيق السلام العادل القائم على إنهاء الاحتلال في المستقبل القريب عبر جهد أميركي. وهذا بحد ذاته موقف لم يرقَ إلى مستوى الرفض الحازم المطلوب.
وخلاصة القول أنه لا يحق للولايات المتحدة الأمريكية، إعادة كتابة القانون الدولي، وتشويه النظام الدولي القائم على القواعد والأسس بناءً على ميولها الأيديولوجية المشوّهة، أو استخدامها كورقة دعم لحليفها نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية المنتظرة، والذي من المنتظر لو فشل؛ أن يقضي سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية على خلفية قضايا فساد، وبالتالي كتابة مذكراته السيئة والمليئة بالمخالفات للقانون الدولي وحقوق الإنسان التي سانده فيها ترامب. إن تشكل المستوطنات الإسرائيلية يُعَدٌّ انتهاكًا خطيرًا وصارخاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، لا بل هي في عرف القانون الدولي جريمة حرب وفقًاً لنظام روما الأساسي، وهذه حقائق ومسلمات لا يمكن لإدارة ترامب تغييرها أو محوها بكل رعونة واستخفاف. وعليه فأين دور منظمة الأمم المتحدة الراعية للقانون الدولي من تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي يتحدث بدوافع سياسية مكشوفة دون مرجعيات أممية، وكأن ذلك المبنى الأممي المقام في نيويورك مجير لسياسات البيت الأبيض ومزاج المقامر الأمريكي الأشقر دوناند ترامب الذي ما فتئ يقدم سلسلة من العطايا المجانية لدولة الاحتلال الإسرائيلي المجرم.. من هنا لا بد من موقف أممي رافض لهذا التصريح المشين، ونصر شعبنا المظلوم ووقف الية الارهاب الصهيوامريكي الممنهج والعمل لفرض كل القوانين الدولية التي توقف عمليات التهويد والاستيطان على ارض فلسطين المحتلة..
لا بل نطمع بمؤازرة احرار العالم وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الاوروبي للوقوف كل عند مسؤولياته إزاء هذا الاستهتار بحقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة في وضح النهار.. والكلمة الفصل أخيراً لا بد أن تكون فلسطينية، لا بد من تثوير الشارع الفلسطيني لزلزلة الأرض تحت أقدام الاحتلال الذي لم يتعلم بعد من دروس المقاومة في غزة.. نعم الحل فلسطيني بامتياز؛ ولكن متى! فالرهان معقود على الشرفاء في ظل سلطة أوسلو التي نفقت ويعاد إحياؤها كل حين.