Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

تصريحات بومبيو حول شرعية الاستيطان هدم لمبادىء القانون الدولي!!

معتز المسلوخي

لم تمض سوى أيام معدودات على صدور قرار محكمة العدل للاتحاد الاوروبي في 12 نوفمبر / تشرين ثان 2019 م والقاضي بقانونية وسم المنتجات القادمة من المستوطنات الاسرائيلية  إلى الاتحاد الاوروبي بفرض علامة تبين الاصل الذي أتت منه سواء في الاراضي الفلسطينية المحتلة أوالجولان السوري المحتل لكي يكون اختيار المستهلك مبني على الوضوح ورفضه قائم المبادىء الاخلاقية والقانونية . خرج علينا وزير الخارجية الأمريكي ⁧‫ مايك بومبيو⁩ يوم الاثنين الماضي 18 نوفمبر 2019م بتصريح صحفي  : ” بأن الولايات المتحدة الأمريكية  لم تعد تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية مخالفة للقانون الدولي و بأن القضايا القانونية المحيطة بمسألة المستوطنات هي مسألة تخص المحاكم الإسرائيلية”. “

هذا التصريح  الذي شكل صدمة في الأوساط السياسية والقانونية الدولية، وفي الجانب العام  فإن هذا التصريح تصرف غير مسؤول وغير أخلاقي وتصريح ظالم ومستفز للشعب الفلسطيني الذي عانى طوال سبعة عقود من القهر والاضطهاد  والانتهاكات اليومية التي تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلي ومن ناحية أخرى فهو تصريح غير مستغرب مضموناً ويأتي في سلسلة القرارات والاجراءات التي اتخذتها الادارة الأمريكية في سعيها الدؤوب لتصفية القضية الفلسطينية منذ وصول الرئيس ترامب للرئاسة مطلع يناير العام ٢٠١٧ ابتداء من اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني  ديسمبر 2017 ونقل سفارته اليها ، ومن ثم سعيها الممنهج لانهاء قضية اللاجئيين ومحاولات  تفكيك الاونروا وانهاء وجودها ووقف تمويلها واعادة تعريف اللاجىء الفلسطيني و ومن ثم انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الانسان في يوليو 2018  بعد اتهامه بالانحياز ضد اسرائيل احتجاجاً على قرار المجلس بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جرائم قوات الاحتلال الصهيوني في مسيرات العودة في قطاع غزة ، وما عقبها من مهاجمة المحكمة الجنائية الدولية وتهديد قضاتها واتهامها بعدم الشفافية وعدم الشرعية في سبتمبر 2018 .

وفي الجانب القانوني فالتصريح  باطل قانوناً (من حيث الشكل والموضوع )،  ولا يملك أي قيمة قانونية، ولا يرتب أي آثار  قانونية وفق احكام  وقواعد القانون الدولي ،  و لا يغير بأي حال من الأحوال من التكييف القانوني للمستوطنات الاسرائيلية بأنها عمل غير شرعي وباطلة وغير قانونية ويجب وقف بناءها وازالتها نهائياً وتعتبر جريمة حرب توجب المساءلة القانونية جنائياً بحق قادة دولة الاحتلال الاسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية وفي تفصيل ذلك نبين أوجه البطلان :

أولاً- من حيث الشكل  :

  • فالتصريح صادر من غير ذي صفة قانونية مخولة وهو اعلان فردي صدر من وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تملك أي صفة دولية تخولها ترسيم وصياغة قواعد القانون الدولي بخلاف كونها دولة عضو في الأمم المتحدة كسائر الدول الأخرى لا تملك أي تفويض دولي أو صفة  ذات صلاحية واختصاص وولاية عامة لتمثل الشرعية الدولية وتقرر ما هوقانوني وما هو غير لا يتعدى كونه مجرد  واقعة  مادية  صادر  عن  دولة واحدة   وبصورة فردية و غير ملزم لأي جهة كانت كونه غير قانوني ومخالف لمبادىء وقواعد القانون الدولي ولا يغير  من  المركز  القانونى  الحالى  للمستوطنات وحقيقة كونها  باطلة قانوناً وغير شرعية.

 

  • يعتبر التصريح سابقة خطيرة في تاريخ القانون الدولي والعلاقات الدولية فالولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها تعلن عن قانون دولي جديد برؤية أمريكية قانون يشرع الاحتلال والمستوطنات الاسرائيلية و تستمر في تنصيب نفسها بديلاً عن منظمة الامم المتحدة والمجتمع الدولي  ووتؤسس لشرعية زائفة ضاربة بعرض الحائط  القرارات والشرعية الدولية. وهي بذلك تكون قرعت جرس الانذار  ودقت ناقوس الخطر ووجهت رسالة ايذانا بانتهاء منظمة الامم المتحدة وتقويض للمقاصد التي قامت من اجلها وتقويض لشرعيتها في تمثيل ارادة المجتمع الدولي وهدم لمنظمة الامم المتحدة. وهذا ينذر بأن منظمة الأمم المتحدة على وشك أن تلاقي مصير سابقتها عصبة الأمم وهنا تكون كافة دول العالم والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني مطالبة بتحمل مسؤولياتها والتصدي لهذا الانتهاك الجسيم والحفاظ على هيبة الشرعية وحفظ كيان منظمة الامم المتحدة من الانحلال .

ثانياً- من حيث الموضوع :

  • يعتبر التصريح انتهاك واضح وصارخ لأحكام وقواعد آمرة ومبادىء أساسية في القانون الدولي العام والقانون الدولي الانساني وانتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية التي تدين الاستيطان باعتباره جريمة دولية ولـيس لـه أي شـرعية قانونيـة ويشـكل انتـهاكا صارخا بموجب القانون الدولي بكافة فروعه والتي رسخت عرفاً قانونياً  بمطالبتها الدائمة لدولة الاحتلال الاسرئيلي بالوقف الفوري وعلى نحو كامل  لجميع أنشطتها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة وأن من واجبها أن تتقيـد تقيـداَ صارماَ بالالتزامات والمسـؤوليات القانونيـة الملقـاة علـى عاتقهـا بوصفها السلطة القائمـة بـالاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب لسنة 1949 م .

  • يعتبر التصريح مخالفة جسيمة لعشرات القرارات الأممية  سواء الصادرة عن مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة اواليونسكو او باقي مؤسسات الأمم المتحدة والتي تدين  جميعها الاستيطان وتعتبره جريمة دولية وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ الـذي اتخـذه في جلسـته ٧٨٥٣ ،المعقـودة في ٢٣ كـانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٦م والذي صدر بإجماع الدول المصوتة في المجلس بموافقة 14 دولة وامتناع دولة واحدة عن التصويت هي الولايات المتحدة الأمريكية .

  • يعتبر انتهاك صارخ وإمعان في خرق ميثاق الامم المتحدة الذي يحرم احتلال أراضي الغير بالقوة، بل ويحرّم مجرد التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية  كما انه يمثل تهديد مباشر للسلم والامن الدوليين وتقويض لشرعية الأمم المتحدة ذاتها كونه يدعو لشرعنة الاحتلال  .

  • يعتبر انتهاك صارخ لقرار محكمة العدل الدولية في شأن الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص الجدار العازل الصادر 9 يوليو/ تموز ٢٠٠٤ والقاضي بعدم شرعية بناء جدار الفصل العنصري استنادا لان سيادة الاحتلال الاسرائيلي سلطة غير شرعية و ان الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1967 هي اراض محتلة وكان لاسرائيل فيها وضع السلطة القائمة بالاحتلال وجميع هذه الاراضي بما فيها القدس الشرقية ما زالت محتلة فقرة (78)” وتنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة .

  • التصريح مخالف للاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين لسنة 1966 لأنه ينتهك الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وممارسة سيادته على أرضه المحتلة وحقه الطبيعي والقانوني في تقرير مصيره .

  • التصريح مخالفة للاتفاقيات الدوليةً ذات الشأن وفي مقدمتها اتفاقية لاهاي لسنة 1907 وتحديداً المواد (46،52،55) واتفاقيـة جنيـف الرابعـة المتعلقـــة بحمايـــة المـــدنيين وقـــت الحـــرب والمؤرخـــة ١٢ آب/أغســـطس لسنة 1949م وتحديداً المواد (64،53،49) واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح لسنة 1954م والاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافث والطبيعي لسنة 1972 والبروتوكول الاضافي الاول لسنة 1979 المكمل لاتفاقيات جنيف الاربع . والتي تؤكد جميعها على مبادىء قانونية أساسية أهمها :

  • عدم جواز احتلال اراضي الغير بالقوة وعنطريق الحرب .

  • قوة الاحتلال لا تملك اي حقوق مليكة على الاقليم او الاراضي المحتلة وبالتالي لا تملك أي سيادة قانونية أوشرعية على الاقاليم المحتلة .

  • حظر نقل المدنيين في اراضي سلطة الاحتلال الى الاراضي المحتلة .

  • حظر اجراء تغيير دائمة في الاراضي المحتلة لا تكون في مصلحة السكان الواقعين تحت الاحتلال.

وتكمن خطورة هذا التصريح في كونه يكشف عن سياسة مممنهجة تتبعها الولايات لمتحدة الامريكية ومنذ تولي ادارة ترامب السلطة نحو هدم مبادىء القانون الدولي القائمة و اعادة صياغة قواعده بما يخدم  استمرارية الاحتلال الاسرائيلي ومشاريعه الاستعمارية التوسعية إذ أن اضفاء الصفة الشرعية القانونية على المستوطنات هو منح شرعية لسيادة الاحتلال الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها الضفة الغربية والقدس. ويمثل  تهديد حقيقي وجدي  لوجود منظمة الامم المتحدة نفسها و نسف لشرعيتها ومبررات وجودها وهذا  وفي قراءة عميقة التصريح يهدمواحد من اهم المباديء القانونية الاساسية التي يرتكز عليها القانون الدولي وهو مبدأ عدم جواز الاستيلاء علىً اراضي الغير بالقوة الجبرية .فالولايات المتحدة الأمريكية أضحت  تنصب نفسها بديلاً  لمنظمة الامم المتحدة وتمارس دور القاضي المفوض من دول العالم وهذا  في حقيقته جبروت السلطة المطلقة ووهم فرض قانون القوة بدلًا من قوة القانون الولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدة لتغيير مباديء التصريح دعوة للعودة الى شريعة الغاب وتشجيع على الاحتلال والعدوان وإحياء لشريعةالغاب وقانون القوة ضد قوة الحق والقانون .

وختاماً وفي ظل استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها اللامحدود وانحيازها اللاخلاقي واللانساني  لدولة الاحتلال الاسرائيلي هو صفعة جديدة للشرعية الدولية وامعان  في تحدي إرادة المجتمع الدولي  وإصرار على الاستمرار في تهديد السلم والأمن الدوليين وتماد غير مسبوق في انتهاك القانون الدولي وتقويض منظمة الأمم المتحدة فقد  بات لزاماً على المجتمع الدولي  بكافة مكوناته كدول ومنظمات حكومية وغير حكومية أن تتحمل مسؤولياتها القانونية والاخلاقية والتكاتف معاً لنصرة العدالة والانسانية وحماية الشرعية الدولية و التصدي للهيمنة الامريكية ومطالبتها بحزم  باحترام  احكام القانون الدولي في سبيل حفظ السلم والأمن الدوليين وعليها دعوة الأمم المتحدة  الى استعادة هيبتها  والدفاع عن وجودها ومبادئها  والمسارعة الى اتخاذ موقف حازم  واصدار قرار أممي برفض هذا التصريح وإدانته . و دعوة الدول الأطراف السامية في اتفاقية جنيف الرابعة إلى إلزام إسرائيل باحترام هذه الاتفاقية، وتطبيقها على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس.