رغم انسحابها من صف الدول الممولة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا ،ووقف دعمها المالي لها ،لم تترك الولايايت المتحدة الامريكية الاونروا بحالها ،مما يؤكد ان الاعتراض الامريكي على الوكالة ليس ماليا ولا اقتصاديا وانما سياسيا بالدرجة الاولى ،وانها تنفذ مطالب الاحتلال الصهيوني الذي يسعى بكل قوة الى الغاء وجود الاونروا ،التي تعتبر عنوان القضية الابرز في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ،قضية اللاجئين الفلسطينيين،عصب وجوهر القضية الفلسطينية .
الضغط الامريكي على الجمعية العامة للامم المتحدة ،الذي سبقه الضغط المالي من قبل ادارة ترامب،دفع امين عام الامم المتحدة غوتيريش الى الطلب من بعض المنظمات غير الحكومية التابعة للامم المتحدة الى دراسة البدائل الممكنة للقيام بالعمل الذي تقوم بها الاونروا للاجئين الفلسطينيين،تنفيذا للرغبة الامريكية الرامية الى خدمة الاحتلال الصهيوني ،فاذا كانت البدائل التي يجري البحث عنها سوف تقوم بعمل الاونروا ،لماذ البحث عنها ما دامت ستؤدي نفس المهمة والخدمة والدور ،وهل غوتيريش فعلا جاد في البحث عن البدائل ،ام انه يريد ان يثبت انه لا يوجد بديل للاونروا يمكنه القيام بدورها ،في جميع الاحوال غوتيريش ينفذ طلبا امريكيا ويستجيب لضغود امريكية تتجاوز القوانين والاعراف الدولية ،وقواعد وصول عمل هيئة الامم المتحدة ،كما انها تتجاوز جميع دول العالم الاعضاء في الجمعية العامة .
وبما ان الاونروا تأسست بقرار دولي ،فان المنظات غير الحكومية ليست صاحبة القرار لا في اختيار البديل والبحث عنه ،ولا في تقرير مصير الوكالة من استمرار عملها او ايقافه،وهذا من صلاحيات الدول اعضاء الجمعية العامة للامم المتحدة ،لانها هي التي تقرر الابقاء على وجود الاونروا او الغاء وجودها بقرار دولي اممي .
خطوة غوتيريش مهما كانت النوايا التي تختفي خلفها ،يجب التصدي لها من خلال الدول الداعمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني الممثلة في الجمعية العامة ،وهي جميع دول العالم باستثناء اميركا والكيان الغاصب لفلسطين اضافة الى عدة دول لا تظهر على الخرائط العالمية ولا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة،والمسؤولية الاولى هنا تقع على مجموعة الدول العربية والاسلامية ودول عدم الانحياز والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي ودول اسيا الصديقة.
وبعد ان نجح الاردن وفلسطين في التغلب على العجز المالي والازمة العميقة التي عانت منها الاونروا خلال العام والحالي والعامين الماضيين ،حفاظا على استمراريتها ومواصلتها تقديم خدماتها لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس ،ها قد فتحت معركة سياسية في غاية الخطورة تستهدف وجود الوكالة كليا ،بعد ان فشلت الضغوط المالية والاقتصادية في زعزعة الاونروا واغلاق مؤسساتها الصحية والتعليمية والخدمية في المخيمات الفلسطينية ،الامر الذي يتطلب تشكيل جبهة دولية جديدة بجهد اردني فلسطيني مشترك ،تتسع دائرته ليصبح عربي اسلامي دولي ،مساندة للاونروا لمواجهة المشروع الامريكي الاسرائيلي وافشال الحراك القائم في اروقة الامم المتحدة الهادف الى ايجاد بديل عن الاونروا من خلال المنظمات غير الحكومية المؤيدة للاحتلال الصهيوني.