قال مستشرق "إسرائيلي" إن "الرئيس الفلسطيني محمود عباس يشن حربا لا هوادة فيها على حرية التعبير ، ويتمثل ذلك بفرض غرامات باهظة على الصحفيين واعتقالهم، وتشديد الرقابة عليهم، خشية من حدوث أي انقلاب عليه، مما يعني أن سلوكه هذا تجاه الصحفيين والإعلاميين يعبر عن استراتيجية عليا".
وأضاف عيدو زيلكوفيتش في مقاله على موقع معهد ميتافيم للدراسات الإقليمية، ترجمته "عربي21" أن "المجتمع الدولي تأمل مع وصول محمود عباس لمقعد الرئاسة الفلسطينية، أن يستطيع بناء مجتمع فلسطيني ليبرالي حر، لكن الأمور لم تسر على هذا النحو، مع وجود جملة أسباب لهذه السياسة القمعية الفلسطينية تجاه حرية التعبير والصحافة، من بينها فقدان السيطرة على قطاع غزة، والحاجة لتمكين السلطة في الضفة الغربية".
وأوضح زيلكوفيتش أن "التغييرات التي شملت الأجهزة الأمنية الفلسطينية ساهمت بتقييد حرية التعبير، كجزء من التعامل مع التحديات الداخلية في الساحة الفلسطينية، مما يؤكد أن تقليصها عملية استراتيجية للسلطة الفلسطينية، لأنها منذ نشأتها تفرض رقابة صارمة على العمل الصحفي والإعلامي لإضعاف الأصوات الناقدة من حماس وقوى اليسار".
وأشار إلى أن "سياسة السلطة المعادية لحرية التعبير لم تكن في البداية بالقوانين والتشريعات، بل بإجراءات ميدانية تفرضها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، تمثلت بوضع قيود الرقابة بصورة انفرادية، دون وجود مؤسسة رسمية لذلك، حتى شكل شهر حزيران/يونيو 2017 استمرارا لقوانين الرقابة وقيودها عبر ما نشرته السلطة الفلسطينية من مرسوم رئاسي لمنع الجرائم الإلكترونية، في الوقت الذي تحولت فيه صفحة الإنترنيت بديلا عن ميدان التحرير".
وأكد أن "هذا المرسوم يمنح السلطة الفلسطينية فرض غرامات باهظة، وتنفيذ اعتقالات ضد كل من يوجه انتقادا بحقها، ويشمل صحفيين ونشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، ويتضمن القانون كل من يغرد على شبكات التواصل، أو يعيد تغريدات أخرى، ويضع إعجابات عليها، وسمح القانون الجديد للسلطة البدء باعتقالات ضد صحفيين مقربين من حماس والجهاد الإسلامي، ومدونين ركزوا انتقاداتهم ضد إسرائيل".
وأضاف أن "هذا الواقع أثار انتقادات للسلطة الفلسطينية في الداخل والخارج، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والاتحاد الأوروبي يتابعان بقلق مظاهر تقليص حرية التعبير، خاصة عقب اعتقال صحفيين، وفيما لا تتوقف هذه الانتقادات، فإن السلطة لا تبدو أنها مردوعة من هذه التحفظات والملاحظات، بل إنها تصعد من إجراءاتها ضد الصحفيين لأسباب سياسية داخلية".
وأشار إلى أن "قيادة السلطة تخشى من مؤشرات لعودة حماس من جديد للضفة الغربية، ورغم أن الحركة تفتقر لأي بنية عسكرية هناك، لكنها تحظى بتغطية إعلامية واسعة فيها، ولديها شبكة تلفزيونات فضائية ومحلية يصل بثها لمواطني الضفة، بجانب عدد كبير من الدوريات والصحف والمواقع الإخبارية ووكالات الأنباء المقربة منها، لاسيما وكالة شهاب التي يتابعها ملايين القراء، وتنتشر بصورة رائجة بالضفة الغربية والعالم العربي".
وأوضح أنه "في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، ونقل الرسائل بصورة سريعة، فإننا أمام وسائل انتشار كبيرة تسهم ببناء قوة سياسية وتأثير واسع، والسلطة الفلسطينية تعترف بقوة تأثير وسائل إعلام حماس، وتحاول المس بها، بل وتضحي بمبادئ حرية التعبير من أجل تحقيق هذا الهدف السياسي".
وختم بالقول إننا "أمام سياسة متبعة من السلطة الفلسطينية للحد من حرية التعبير، تسعى من خلالها إلى مواجهة التحديات السياسة الداخلية التي تواجهها في ظل ولاية أبو مازن، لاسيما مع عدم معرفة وريثه القادم، وعلامات الاستفهام حول بقاء السلطة من الأساس، مما يدفعها لتعميق سيطرتها على الشارع الفلسطيني، لأنها تدرك أهمية تأثير وسائل الإعلام على الرأي العام الفلسطيني خشية حدوث هزات سياسية قادمة".