Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

فلسطينيو ٤٨... كرأس جسر للتطبيع مع إسرائيل!!

368 (1).jpg

بقلم: سليمان أبو إرشيد

غريبة تلك المكرمات التي بدأت تهل علينا بشائرها من السعودية، نحن الذين أطلقت علينا تسمية "عرب إسرائيل"، التي لطالما حرمتنا تلك التسمية الاعتباطية من التمتع بحقوق وامتيازات حظي بها سائر الفلسطينيين والعرب، وبينها حق السفر والزيارة والإقامة الدائمة أو المؤقتة في الدول العربية والعمل فيها، وخاصة الدول الخليجية منها.

تلك التسمية المشتقة من الواقع السياسي المركب الذي أفرزته نتائج نكبة 1948 على الشعب الفلسطيني، فرضت علينا على مدى 20 عاما وتحديدا حتى هزيمة 1967، طوقا شاملا عزلنا ليس عن عالمنا العربي فقط، بل عن أهلنا الفلسطينيين بمن فيهم أقارب من الدرجة الأولى ألقت بهم النكبة في مخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.

وإذا كانت من ضارة نافعة في هزيمة 1967، هي في أنها كسرت هذا الطوق، وساهمت في إعادة فتح أبواب العالم العربي التي شرعت أمامنا نهائيا بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ومعاهدة وادي عربة (العرابا) لاحقا، وليس من قبيل الصدفة أن تسمح السعودية لأول مرة لحجاج فلسطينيي الـ 48 بزيارة الديار الحجازية وأداء فريضة الحج في ذات السنة التي جرى فيها التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، بعد أن حرمتهم من تلك الفريضة مدة 30 سنة.

المفارقة هي في أن الدول العربية التي قدمت بعضنا - أرضا وسكانا- والمقصود منطقة المثلث (التي قدمت هدية مجانية لإسرائيل في اتفاقيات رودوس عام 1949)، ربطت مصيرنا بمصير إسرائيل، وساهمت بذلك بقدر مساهمة الأخيرة في تكريس مصطلح "عرب إسرائيل"، واستعملته كوسيلة للتسليم بالواقع السياسي الذي "يخلخله" وجود مليون ونصف المليون فلسطيني داخل هذا الكيان.

من هنا جاءت عودتنا لعالمنا العربي، من بوابات الهزيمة واتفاقيات الاستسلام وبـ "الجواز الإسرائيلي"، الذي يحظى الفلسطيني حامله (بشكل مباشر أو غير مباشر) باحترام في معابر ومطارات تلك الدول أكثر من سائر الفلسطينيين حملة الجوازات العربية أو ممن لا يتمتعون بجواز سفر أصلا.

لقد أبدع غسان كنفاني عندما وصف كيف تخيل على مدى عشرين عاما أن بوابة "مندلباوم"، التي كانت تفصل بين شطري القدس الشرقية والغربية، تفتح من جهة الشرق بأيدي الجيوش الفاتحة، حتى اعتقد أن جميع البوابات تفتح من جهة واحدة، ولم يتصور أبدا أنها ستفتح من الغرب لاستكمال احتلال ما تبقى من القدس وفلسطين.

واليوم، تنهار جميع البوابات وتسقط معها جميع براقع الخجل العربي بافتتاح مزاد "صفقة القرن" (الورشة الاقتصادية في البحرين) ،الذي أعلن عنه ترامب لبيع القضية الفلسطينية مقابل حفنة دولارات هي أصلا أموال عربية، وترجمة لبرنامج نتنياهو المتمثل بالسلام الاقتصادي الذي يعرض على الفلسطينيين التنازل عن القدس والعودة والدولة، مقابل الرخاء الاقتصادي، وهو ما بدأ ترامب بتنفيذه فعلا على الأرض.

ومن المفارقات، أن تقوم السعودية بالتزامن مع افتتاح هذا "المزاد"، بالإعلان عن نظام إقامة جديد، أسمته "الإقامة المميزة"، سيتمكن بموجبه "العرب الإسرائيليون" (فلسطينيي 48)، من العمل في السعودية التي ترى في خريجي الجامعات الإسرائيلية مهنيين نوعيين، وفق ما نقلت مجلة "غلوبس" الإسرائيلية.

ويأتي الكشف عن هذا الإجراء، بعد أشهر فقط من الإعلان عن رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب والرياض، لنقل حجاج ومعتمري فلسطينيي 48 إلى الديار الحجازية، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول هذا الحب الفجائي الذي وقع على "عرب إسرائيل" من حكام السعودية، ونحن نستعمل تلك التسمية خصيصا، لأن ذلك الحب مرتبط بها، بل بشقها الثاني تحديدا، ونقصد إسرائيل، وليس بالعرب أو بفلسطين.

ورغم إدراكنا أنه لطالما جرى استخدام فلسطينيي 48 كرأس جسر للتطبيع مع إسرائيل في المجالات الاقتصادية والسياسية في السابق، فإنه يبقى من المستغرب تقديم هذه "المكرمات لهم في سياق ‘صفقة القرن‘، والأغرب هو عقد مؤتمر لدعم الاقتصاد الفلسطيني يقاطعه الفلسطينيون.