خالد صادق
زيارة وفد من الجهاد الإسلامي برئاسة الأمين العام الأخ القائد زياد النخالة إلى العاصمة الإيرانية طهران, أقلقت «إسرائيل» بشدة, ودفعتها إلى قراءة أبعاد هذه الزيارة وفق منظورها الخاص, خاصة بعد اللقاءات التي جمعت وفد الجهاد بجل القيادات الإيرانية واهتمام وسائل الإعلام المختلفة بهذه الزيارة, حيث تصدرت الخبر الأول في نشرات الأخبار, فصحيفة الجيرزاليم بوست الإسرائيلية التي تصدر باللغة الانجليزية زعمت ان حركة الجهاد الإسلامي أبلغت إيران عن أنشطتها وتحضيراتها للحرب القادمة مع «إسرائيل» وانه يمكنها إطلاق آلاف الصواريخ تجاه الاحتلال, وقد تصل صواريخها إلى تل أبيب ومناطق أخرى حسب مزاعم الصحيفة, وما تروج له الجيرزاليم بوست هدفه التحريض وإيجاد مبرر للاحتلال لارتكاب جرائم ضد الشعب الفلسطيني, والحقيقة ان ما تروجه الصحيفة الإسرائيلية ليس جديدا فقد تحدث عنه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في مقابلات عدة سبقت زيارته لطهران منذ أشهر مضت فقد تحدث عن تطور قدرات المقاومة وسرايا القدس, وقدراتها الهائلة التي ستفاجئ الاحتلال, وحذر من إقدام الاحتلال على ارتكاب أية حماقات ضد شعبنا.
إذن ما هي مبررات القلق الحقيقية التي يخشاها الاحتلال ويعمل على عدم تحقيقها أو إعادة تفعيلها من جديد. أولا: ان الاحتلال الصهيوني الذي يشرع بخطوات التطبيع وإقامة علاقات مع دول عربية يسعى لتغييب القضية الفلسطينية إعلاميا والالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني, ومنع أي خطوات من اجلها إعادة تصدير القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث حتى لا يؤثر هذا على مسلسل التطبيع بينه وبين دول عربية أخرى.
ثانيا: ان الاحتلال يسعى لتفريغ المنطقة من كل جهة عربية أو إسلامية تساند الشعب الفلسطيني وتدعم حقوقه بما فيها حق مقاومة الاحتلال الذي كفلته القوانين الدولية وذلك لتسهيل مخطط تمرير الحل النهائي الذي ستفرضه «إسرائيل» على السلطة الفلسطينية والدول العربية والمجتمع الدولي بعد ان تنكرت لقراراته.
ثالثا:»إسرائيل» تحاول ان تتجنب في هذا الوقت تحديدا المواجهة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية, وتسعى لوقف كل أشكال الدعم الإيراني للفصائل الفلسطينية, وتعمل على خلق حالة من العداء بين الدول العربية وإيران باللعب على الوتر الطائفي أحيانا, وما أسمته بمخطط إيران التوسعي في المنطقة العربية.
رابعا: خشية الاحتلال من توحد مشروع المقاومة في مواجهته, بعد ان صعدت «إسرائيل» على جبهات عدة لضرب المقاومة الفلسطينية واللبنانية, وهذا استوجب الحديث عن تحرك مشترك لمواجهة أي تصعيد عسكري صهيوني, لأن هدف الاحتلال هو إسقاط مشروع المقاومة بالكامل لتمرير صفقة القرن, وخطط الحل النهائي.
وفد الجهاد الإسلامي لا يتحرك فقط تجاه إيران, إنما يتحرك في اتجاهات عدة, فقد سبق وزار الوفد روسيا, وهو يتحرك دائما تجاه مصر الشقيقة, وسبق ان زار بلداناً عربية وإسلامية عدة بشكل سري وعلني فهو قريب من أي جهة بقدر قربها من فلسطين, والهدف دائما خدمة القضية الفلسطينية ودعم صمود شعبنا في الوطن والشتات, ولكن «إسرائيل» دائما تريد ان تعتم على القضية الفلسطينية وتغيبها تماما, وهى احتجت مؤخرا على دعوة روسيا لقيادة حركة حماس لزيارة موسكو, وستبقى تلاحق أي تحرك فلسطيني دبلوماسي, فمعركتها الآن منصبة على تغيير معادلة الصراع مع الفلسطينيين, وخلق واقع جديد تريد ان تفرضه على الجميع بالقوة, ويساعدها في ذلك الانحياز السافر من الإدارة الأمريكية لصالح الاحتلال, لكن التحرك الفلسطيني على مستوى العالم سيستمر, وكل فصيل فلسطيني مطالب بالبحث عن جهات أو دول تساند الحقوق الفلسطينية وتدعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات الاحتلال.
وفد الجهاد الإسلامي في طهران قام بجهد سياسي كبير, وسيستمر في أداء واجبه الوطني تجاه شعبه وقضيته الفلسطينية, وسيتواصل مع كل الجهات التي تساند حقوق الشعب الفلسطيني, ولن تترك الساحة للاحتلال والإدارة الأمريكية دون مواجهة مخططاتهما وأطماعهما في المنطقة, انه الواجب الوطني الموكل للشرفاء والأحرار, وستستمر الحركة في أداء هذا الواجب رغم انف الاحتلال, وستبقى دبلوماسية الجهاد تقلقهم .