أكد محللون ومراقبون أن تصاعد واستمرار حدة العمليات الفردية في مختلف مدن الضفة الغربية والقدس المحتلتين، يشكل هاجساً كبيراً لدى الاحتلال الإسرائيلي من اتساع دائرتها وزيادة حدتها خلال الفترة المقبلة.
وشدد المراقبون في أحاديث منفصلة لـ"الاستقلال " على أن نجاح منفذي العمليات الفردية على التخفي من أعين وقبضة الاحتلال الإسرائيلي لفترات طويلة ، الأمر الذي سيشجع آخرين على السير بذات الدرب وتنفيذ مزيد من العمليات الأمر الذي يتسبب بقلق كبير للاحتلال ويعمل لذلك الف حساب.
وخلال أسابيع القليلة الماضية استطاع عدد من المقاومين الفلسطينيين من تنفيذ عمليات فردية ضد أهداف إسرائيلية في مختلف مدن الضفة الغربية ، نجحوا بعدها التخفى من قبضة الاحتلال الإسرائيلي كما فعل المطارد اشرف نعالوة الذي تمكن من التخفي عن الاحتلال منذ اكثر من شهرين.
إذ أصيب الأحد الماضي 9 مستوطنين أحدهم في حالة الخطر ، في عملية إطلاق نار بطولية من سيارة مسرعة على الطريق العام قرب مستوطنة "عوفرا" شمال مدينة رام الله بالضفة الغريبة .
كما استشهد أمس الشاب "عمر حسن العواودة" (27 عاما) مثأثرا بجراحة التي أصيب بها بعد اطلاق الاحتلال النار صوبه في بلدة بيت اذنا بالخليل ، بعد أن ادعى الاحتلال الإسرائيلي أن جنوده أطلقوا النار على سيارة فلسطينية رفض سائقها التوقف للفحص .
وللشهر الثاني على التوالي يفشل الاحتلال الإسرائيلي في الوصول للمطارد أشرف نعالوة أو حتى الحصول على معلومة تمكنها من اعتقاله أو تصفيته ميدانيا، بعد أن نفذ عملية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول ، قتل خلالها مستوطنين إسرائيليين وأصاب آخر بجروح خطيرة .
وفي ذات السياق حذر المعلق السياسي اليكس فيشمان في افتتاحية كتبها بصحيفة يديعوت الإسرائيلية ، من الارتفاع الملحوظ والانفجار الأمني الآخذ في النضوج في الضفة الغربية ، بعد تنفيذ عدة عمليات العام الجاري ، أدت خلال العام الحالي إلى مقتل عشرة اسرائيليين و اصابة 76 اخرين.
كما اكد جهاز الامن الإسرائيلي "الشاباك" اعتقاله في العام 2017 ما مجموعه 148 خلية تنتمي لحركة للمقاومة ، كما اعتقل 250 خلية العام الجاري.
واتهم ضابط إسرائيلي كبير، الثلاثاء، المقاومة بالعمل على محاولة إشعال الضفة الغربية من خلال محاولاتها لتوجيه الفلسطينيين لتنفيذ هجمات بالضفة الغربية.
ونقلت صحيفة هآرتس العبرية، عن الضابط قوله: إن هناك زيادة ملحوظة في عمليات إطلاق النار والهجمات المختلفة، مشيراً إلى أن نحو 10 هجمات على الأقل وقعت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في الضفة الغربية.
المحلل والكاتب السياسي أحمد رفيق عوض أشار الى تصاعد حجم العمليات الفردية ضد أهداف صهيونية في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا على أن العمليات الفردية تعد أحد أشكال تعبير الشباب الفلسطيني عن غضبهم، إزاء ما يرتكبه الاحتلال الاسرائيلي من انتهاكات جسمية ضدهم.
ورأى عوض لـ"الاستقلال " أن القلق الإسرائيلي إزاء تصاعد العمليات الفردية يوما بعد الآخر واختلاف أشكالها في الضفة المحتلة والقدس لكونها تتم بشكل فردي ولا تتبع لتنظيمات وفصائل مقاومة.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش في حالة خوف؛ لعجزه عن الامساك بمنفذي العمليات الفردية الذين يتمتعون بقدرة فائقة على التخفي والإفلات من قبضته، مما يشجع آخرين على تنفيذ مزيد من العمليات ضده، مشيرا إلى أن تصاعد العمليات بات يشكل هاجساً كبيراً لدى الاحتلال من انفجار الأوضاع في الضفة المحتلة.
ولفت الى أن الاحتلال الاسرائيلي حينما يسخر أجهزته كافة للوصول إلى منفذي العمليات الفردية ، يهدف لزرع الطمأنينة المفقودة لدى مستوطنيه ، ويحاول تخفيف مشاعر الخوف التي زرعت في نفوسهم ، خاصة مع تزايد العمليات وقدرة منفذيها على الهروب .
وتوقع أن تشكل حالة الإحباط واليأس التي يعيش الشباب الفلسطيني بالضفة الغربية ، وعدم وجود افق سياسي؛ لإنهاء ما يعانيه من أزمات متراكمة وحالة الانقسام والتخبط لدى المسئولين الفلسطينيين ، سبب كفيل في إشعال جبهة الضفة في وجه الاحتلال.
وطالب أن ترتقي تهديدات السلطة باتخاذه عدة إجراءات إزاء اقتحامات الاحتلال الإسرائيلي للمدن الفلسطينية الأخيرة الى مستوى محاولات الاحتلال فرض حلوله على أرض الواقع، ولا تقتصر على التهديد اللفظي ، إنما باتخاذ قرارات موحدة ضد الاحتلال.
بدروه ، اعتبر المحلل والكاتب السياسي هاني المصري أن تصاعد حده العمليات الفردية في مختلف مدن الضفة الغربية وقدرة منفذيها على الهرب ، تطور طبيعي لأحد أشكال المقاومة المتنامية منذ سنوات رفضا لأشكال التغول الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي .
وأوضح المصري لـ"الاستقلال " أن التوسع الاستيطاني المتزايد وهدم البيوت والاعتقالات المستمرة وفرض القوانين العنصرية ، كقانون القومية الذي تحول لدستور في " إسرائيل " كلها أسباب دفعت الشباب الفلسطيني للتعبير عن غضبه من حجم ما يتعرض له .
وبين أن كافة الشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله أراضيه حتى الآن بشتى الطرق والوسائل ، ليؤكد على تمسكه بأرضه وحقوقه ونيل أهدافه المتمثلة بالحرية والعودة والاستقلال.
وأشار إلى أن قدرة الشباب الفلسطيني بتنفيذ العمليات والانسحاب بهدوء ، ليس بأمر جديد عليه ، إذ ينسجم ذلك مع تاريخ الشعب الفلسطيني الذي دائماً يجد الطريقة للإفلات من القيود والإجراءات الإسرائيلية .
واستبعد المصري أن تصل حدة العمليات الى اشتعال انتفاضة واسعة في مدن الضفة، متوقعا اقتصار الأمر على موجات لأعمال مقاومة محدودة جراء التزام السلطة الفلسطينية بالاتفاقات الموقعة ووقوفها ضد الانتفاضة المسلحة وكذلك الانقسام الذي أحدث نتائج مدمرة على كافة المستويات .