صادق البرلمان التونسي، مساء الثلاثاء، على القانون الأساسي الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بموافقة 125 نائباً مقابل امتناع خمسة عن التصويت ومعارضة نائب وحيد، لتكون بذلك تونس البلد العربي والإسلامي الأول الذي يسن قانونا مماثلا، بعد أن كانت سباقة في إلغاء الرق والعبودية منذ سنة 1841.
ونجح البرلمان التونسي في أول تحدياته مع انطلاق الدورة البرلمانية الأخيرة في تمرير قانون سيساهم في تعزيز منظومة حقوق الإنسان والحريات الفردية التي نص عليها دستور 2014، ويتناغم مع الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تتبناها الدولة التونسية.
وأكد رئيس لجنة الحقوق والحريات المسؤولة عن مناقشات هذه المبادرة القانونية، نوفل الجمالي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذا القانون يعد مكسبا يضاف إلى الترسانة التشريعية التونسية، وسيعزز ما جاء به دستور 2014 حيث يضم 11 بندا تمت صياغتها بشكل تشاركي بين البرلمان والسلطة التنفيذية والهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بهذا الملف".
وأوجب القانون عقوبات مالية في شكل غرامات بداية من 500 دينار تصل إلى 3000 دينار وبعقوبات سالبة للحرية تصل إلى 3 سنوات سجناً بحسب طبيعة الجريمة التي يتم تعريفها من قبل القضاء بالاحتقار أو النيل من الكرامة أو التحريض والتهديد ونشر الكراهية أو الإشادة بالتمييز أو تكوين تنظيم عنصري أو دعم الأنشطة العنصرية.
وأحدث القانون الجديد لجنة وطنية لمناهضة التمييز العنصري تعنى بمتابعة مختلف المعطيات والسياسات العمومية الكفيلة بالقضاء على التمييز العنصري، ترفع تقارير سنوية إلى اللجنة البرلمانية المكلفة بهذا الملف.
وحضر مداولات القانون بعض الناشطين في منظمات مناهضة للعنصرية من أصحاب البشرة السوداء الذين احتفلوا بالمصادقة على هذا القانون، وسط تصفيق وفرحة ملأت الأجواء داخل أروقة البرلمان.
وتحدثت سعدية مصباح رئيسة جمعية "منامتي" عن معاناة يومية يعيشها أصحاب البشرة السوداء بلغت درجة من الخطورة جنوب البلاد، خصوصا بفرض الزواج من اللون نفسه والقبيلة نفسها ومنعهم من الزواج من البيض، فضلا عن إقصاء السود من المواقع السياسية والاجتماعية والإعلامية الهامة في البلاد.
ويهدف مشروع القانون الأساسي المتعلق بمناهضة التمييز العنصري، وفق الجمالي إلى القضاء على كل أشكال التمييز العنصري ومظاهره حماية للذات البشرية، من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية بين جميع الأفراد، عبر التصدي لمختلف أشكاله وزجر مرتكبيه ومعاقبتهم، ووضع الآليات الكفيلة بحماية ضحاياه.
كما يلزم الدولة باتخاذ الإجراءات والآليات للوقاية من جميع أشكال التمييز وللتصدي لها، فتتعهد بنشر ثقافة حقوق الإنسان والمساوة والتسامح في إطار برامج توعوية.
وأحدث القانون إطارا قانونيا لتقديم الشكوى لدى النيابة العمومية، بتكليف قاض مختص لمتابعة هذه القضايا وتلقي شكاوى ضحايا التمييز العنصري الذي يتولى بدوره التحقيق والتقصي في الجرائم.