Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

تفعيل دور الشباب في المشاركة السياسية..!!.. عباس الجمعة

تفعيل دور الشباب في المشاركة السياسية..!!.. عباس الجمعة

  أكثر الظواهر المقلقة التي تترسخ اليوم في ذهن كل وطني فلسطيني، تلك التي تتجلى في التزايد المتسارع لتراكمات الاحباط واليأس في نفوس الشباب الفلسطيني، وهذا اصبح يستدعي ضرورة انتزاع حقهم الديمقراطي وحقهم في الانتماء الوطني.

 

ان ما يعيق دور الشباب في الحياة السياسية الفلسطينية هي محاولة بعض الجمعيات والمؤسسات الفلسطينية منع الشباب والشابات من الانتماء الوطني، ومنعهم من ممارسة فتح آفاق الديمقراطية في العلاقات الفلسطينية من خلال برامج وقوانين وسياسيات تطرحها هذه المؤسسات من أجل تطبيق سياسة من يدعمها من مصادر الدول الغربية الراسمالية وتخضع لشروط المانحين سواء مباشرة بتوقيع وثيقة مناهضة المقاومة (شكليا مناهضة الإرهاب) ولا مباشرة وهو توجيه هذه الأموال لإعادة هندسة المجتمع بسحبه بعيدا عن ثقافة الصراع والمقاومة إلى ثقافة التسامح مع المغتصِب، وذلك سواء بت: الثرثرة المكتوبة عن تنمية غير موجودة.

إذن، من يقود المجتمع الفلسطيني سياسيا، ومن يقود المستوى التثقيفي هل هي المؤسسات الأهلية المتمولة من الخارج، وهي تكرس ثقافة الليبرالية والارتزاق وتحويل المؤسسات بدلا من القوى السياسية وكل هذا يصطف في خانة الطابور المعروف بافساده للمجتمع الفلسطيني.

أن دور الشباب لا ينحصر فقط على الالتزام بالجمعيات والمؤسسات الاهلية بل يجب ان يكون هنالك انتماء وطني، وخاصة اننا نناضل من اجل ان يأخذ الشباب دورهم في كافة القوى والفصائل والمؤسسات الوطنية وصولا الى الدور القيادي والمشاركة والترشيح والانتخاب سواء على المستوى الوطني او الفصائلي او اللجان والاتحادات الشعبية او المؤسسات الاجتماعية والاهلية.

إنطلاقاً من ذلك، فإن الشباب الفلسطيني كان وما يزال الفئة الاكثر تضررا وتأثرا من الواقع والظروف الصعبة التي مر بها الشعب الفلسطيني وخاصة في مخيمات لبنان، هذه المخيمات التي تعرضت منذ بدايات اللجوء لكل اشكال القهر والتهميش الاقتصادي والاجتماعي بفعل القيود التي فرضت عليها، وخاصة ما تعرضت له مخيمات اللاجئين من عدوان صهيوني قبل خروج الثورة الفلسطينية من لبنان وبعدها.

من هنا نرى ان للشباب دور مؤثر في العمل الوطني الفلسطيني، حيث انخرط هؤلاء الطليعة بشتى ميادين العمل وبمختلف المراحل النضالية التي مرت على الشعب الفلسطيني. وقدموا اغلى التضحيات دفاعا عن القضية وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه بالعودة الى دياره وممتلكاته ومواجهة مشاريع التهجير والتوطين.

وامام هذه الظروف وبالرغم من النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني وإقتلاعه من أرضه والظروف الصعبة التي واجهوها، إلا ان الشباب اليوم يتطلعون الى النجاة والخلاص الذي يمكنهم من العيش الكريم ومواجهة كل التحديات التي تعصف بظروفهم السياسية والإجتماعية. وهم محرومون من الإطار السياسي والاجتماعي الذي يضمن لهم الحياة الكريمة والمستقرة ولو بمستوى نسبي، الا ان هذا الطموح لدى الشباب الفلسطيني في لبنان يصطدم للاسف بالكثير من العوائق لعل اهمها هو حالة الحرمان والتمييز.

ان واقع الحرمان والمعاناة المفروضة على الشباب الفلسطيني في لبنان، تزيد حياته صعوبة وتعقيداً، وتؤثر بشكل كبير على واقعه الاقتصادي والاجتماعي، كما يسهم هذا الواقع الناجم عن تفاقم وارتفاع نسبة البطالة بين صفوف الشباب الفلسطيني في لبنان، في توفير الأرضية الخصبة لنمو المشكلات والظواهر السلبية. وتفشي العديد من الآفات الاجتماعية بين صفوف الشباب، وتفاقم المشكلات النفسية الناجمة عن الإحساس بالاغتراب والقهر، إلى جانب إسهامها بهجرة أعداد كبيرة من الشباب والكثير منهم يخاطر بحياته هروباً من هذا الواقع المؤلم، وهذا أخطر ما في الأمر، خاصة بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني الذي يشكل الشباب عماده الرئيسي وثروته الأساسية التي يراهن عليها لإكمال المسيرة النضالية التي يخوضها من أجل إستعادة حقوقه الوطنية.

لذلك ننظر جانب أزمة التعليم التي بدأت تتفاقم في السنوات الأخيرة وخاصة لدى الطلاب الجامعيين الذين يصطدمون بارتفاع تكاليف التعليم الجامعي في لبنان حيث يحرم مئات الطلاب سنوياً من متابعة دراستهم الجامعية، وغياب الاهتمام بالتعليم المهني.

هذا الواقع، يطرح العديد من الأسئلة والتساؤلات حول مستقبل الشباب الفلسطيني في لبنان، والاستراتيجية المطلوبة لمعالجة ومجابهة التحديات التي تواجهه على مختلف الصعد.

وانطلاقاً من الدور المحوري للشباب الفلسطيني في مسيرة النضال الفلسطيني، وضرورة التعاطي معهم كقطاع اجتماعي له خصوصيته وقادر على ممارسة أشكال مختلفة من النضال، لا بد من سياسة جديدة، وتعاطي مختلف مع قضايا الشباب، من خلال تقديم البرامج التي تمكن شريحة الشباب من أداء دورها الوطني النضالي والسياسي إلى جانب متابعة مشكلاتها وقضاياها على الصعد الاجتماعية والإقتصادية والتربوية والثقافية وغيرها، وضرورة تنظيم صفوفهم وتأطيرهم بشكل منظم وإعطائهم الفرصة بإفساح المجال أمامهم للارتقاء بدورهم وفعلهم النضالي والسياسي والاجتماعي دفاعاً عن حقوقهم ومصالحهم، وتمكينهم من أخذ دورهم المتقدم في المخيمات الفلسطينية من خلال المؤسسات الوطنية والأهلية واللجان الشعبية والاتحادات حتى تتمكن هذه القوة المؤثرة من مواصلة نضالها من أجل حق العودة ومن أجل إنجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من خلال برامج عمل وخطط تستجيب لتطلعاتهم واهتماماتهم واحتياجاتهم وفقاً لاولويات وظروف المرحلة التي يعيشونها وخاصة أمام التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية مما يتطلب من كافة القوى والفصائل والهيئات واللجان التعاطي بكل إيجابية مع الحراك الشبابي من خلال إدارة الحوار والتفاعل المباشر معهم عبر الانشطة وورش العمل التي تسهم في إشراك أكبر قاعدة ممكنة من الشباب بالتفاعل والحوار بمختلف القضايا السياسية والوطنية وإجراء الانتخابات للجان الشعبية والاتحادات النقابية حتى يتمكنوا من الاهتمام بالجوانب الثقافية والإبداعية، رغم الأهمية القصوى لهذا الجانب وإدراك الجميع بأن الثقافة والإبداع هي جزء من المعركة والمسيرة النضالية من أجل العودة واستعادة الحقوق المسلوبة. وتعتبر الثقافة مكوناً أساسياً من مكونات العملية الوطنية، وعاملاً هاماً من عوامل الوعي واليقظة، وحماية الهوية الوطنية والنضال الوطني.

هذا الواقع يفرض تفعيل وتطوير دور الاتحادات والمراكز الشبابية والثقافية للنهوض بالواقع الثقافي وتحفيز الشباب على الإبداع وبلورة الطاقات الكامنة لديهم، ومعالجة كافة المشاكل التي يعانوها وهذه مسؤولية وطنية تقع على عاتق مختلف الجهات، بدءأ بالمؤسسات الوطنية والفصائل والأحزاب إلى جانب المؤسسات المجتمعية، على أساس أن الشباب شريك فاعل في القرارات داخل المجتمع، والإتجاه نحو تعميم الديمقراطية والانتخابات وتعميم تجربة التمثيل النسبي في كل المؤسسات والإتحادات واللجان الشعبية بما يكفل وضع حد لظاهرة التفرد والهيمنة الفئوية، ويضمن التوجه نحو تفعيل النضال المطلبي وتفعيل صلة الحركة الشبابية بالقضايا المجتمعية، وكذلك ضرورة مشاركة الشباب والشابات في المؤسسات الوطنية والأحزاب السياسية ليأخذوا دوراً واضحاً يرتبط بقضايا التحرر الوطني والإجتماعي وصولاً إلى مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة والتحرر.

ختاماً: لا بد من القول  نحن نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى منظومة جذرية من القيم الفكرية والتنظيمية والسياسية التي تكرّس الهوية الوطنية الديمقراطية للشباب آخذين بعين الاعتبار وبوعي تجاوز الرؤية النظرية الشكلية المبسطة والوعي العفوي، اليوم علينا أن نكون مع مطالب الشباب، انطلاقاً من إيماننا بالمستقبل.. والطريق إلى ذلك، يكون من خلال التجربة السياسية والثقافية والاجتماعية.