ارتفع منسوب التوتر في الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، على خلفية الاتصالات حول تسوية تشمل وقف إطلاق نار في قطاع غزة. في الجانب الفلسطيني، هاجمت حركة فتح حركة حماس واعتبرت مفاوضات الأخيرة مع إسرائيل (عبر أطراف أخرى) «ضربا للهوية الوطنية». وفي الجانب الإسرائيلي، هاجم رئيس حزب «البيت اليهودي»، الوزير نفتالي بينيت، وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، واتهمه بأن المفاوضات حول التسوية هي «استسلام سيجلب الحرب».
هذا التوتر لم يكن مجرد مناكفات داخلية، وإنما من شأنها دفع خطوات، خاصة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، نحو استمرار، وربما تصعيد، الحصار على قطاع غزة والتضييق على سكانه بالأساس. ويبدو أنه في إطار التلاسن بين بينيت وليبرمان، دفع الأخير إلى اتخاذ قرار مفاجئ، أعلن عنه صباح أمس الأحد، بإغلاق معبر بيت حانون. وفسر ليبرمان قراره بأنه يأتي بسبب استمرار مظاهرات الفلسطينيين عن السياج المحيط بالقطاع. لكن أقوال بينيت موجهة إلى ناخبي اليمين الإسرائيلي، الذين يؤيدون عدوانا على غزة، وهم يشكلون مخزون أصوات ينافس ليبرمان أيضا على أخذ حصته منه.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس عن بينيت وصفه المفاوضات حول التسوية أن «ليبرمان اختار استسلاماً سيجلب الحرب علينا جميعا. وتردده وهذيانه بأن التحدث مع سكان غزة سيسقط حماس ويجلب الأمن إلى سكان غلاف غزة، هي هراء مطلق وعدم مسؤولية». وأضاف بينيت أن «ليبرمان نفسه الذي صرح بأنه سيدمر حماس ويصفي إسماعيل هنية، يمنحهم الآن جوائز على حساب أمن دولة إسرائيل. والسياسة الواهية التي يتبعها تحت غطاء المسؤولية والبراغماتية، تمكن حماس من إحراق الجنوب طوال 140 يوما والإملاء على السكان هناك متى ينزلون إلى الملاجئ ومتى يخرجون منها. ومن يستسلم للإرهاب، يجلب الإرهاب. وليبرمان استسلم. وتوجهه يشكل خطرا على دولة إسرائيل وسيؤدي إلى مواجهة لا يمكن منعها وستملي حماس التوقيت المريح لها».
ويبدو أن المفاوضات التي تجريها الفصائل الفلسطينية المجتمعة في القاهرة ستتأجل إلى الأسبوع المقبل، بسبب خلافات وأيضا بسبب حلول عيد الأضحى. واعتبرت حركة فتح، مساء السبت، أنه «لا يحق لأي فصيل على الساحة الفلسطينية أن يتفاوض مع إسرائيل أو غيرها، وأن التفاوض حول قضايا تهم شعبنا هو فقط من شأن منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وما تقوم به حماس ضرب للهوية الوطنية وتنازل عن القدس وحقوق شعبنا».
وكان رئيس السلطة، محمود عباس، تطرق إلى المفاوضات بين إسرائيل وحماس، وقال خلال الجلسة الختامية لاجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني، في رام الله، إنه «إما أن نستلم السلطة كما هي في غزة وفي الضفة، دولة واحدة، ونظام واحد، وقانون واحد، وسلاح واحد، وإما يستلمون هم. وأية أموال ومساعدات تأتي لغزة يجب أن تأتي من خلال الحكومة الفلسطينية الشرعية، وهي التي ترسلها إلى قطاع غزّة».
من جانبها، رفضت حماس أقوال عباس وقال القيادي في الحركة، سامي أبو زهري، إنه «لا قيمة لها، وهو يعبر عن موقف حركة فتح فقط»، معتبرا أن «عقد المجلس بهذه الطريقة المنفردة وعدم احترام مواقف القوى الرئيسية هو تكريس للانقسام واستخفاف بالجهود المبذولة لتحقيق المصالحة».