Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

المجلس الوطني مرآة غزة

فضائية فلسطين اليوم

يعد انعقاد البرلمان في العادة مطلباً عاماً شعبياً في أي بلد، والمجلس الوطني الفلسطيني، إحدى مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، هو هذا البرلمان بالنسبة للشعب الفلسطيني، ويعترف بهذا حتى معارضو قيادة المنظمة، وإلا لما ثارت هذه الضجة على انعقاد المجلس، الذي بدأ عماله مساء أول من أمس. 


في الحالة الفلسطينية، صار هناك تيار ينادي بتأجيل انعقاد المجلس، كلما طرحت فكرة عقده، لأسباب، لخصها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، في خطاب ألقاه في غزة بالتزامن مع افتتاح المجلس في رام الله. وقال فيه "لقد كان الخيار المفضل وما يزال يتمثل في تأجيل عقد المجلس وإعطاء الأولوية لإجراء حوار شامل يضم الأطراف كافة للاتفاق على رزمة شاملة تتضمن البرنامج السياسي، وأسس الشراكة، وتفعيل المجلس التشريعي، وتشكيل حكومة وحدة تحضر لانتخابات عامة، واستكمال أعمال اللجنة التحضيرية لعقد جلسة مجلس وطني وحدوي لانتخاب أعضائه، وهذا الخيار لم يتم حتى حينه".


وهنا يجب تسجيل مجموعة نقاط، منها أنّ الحوار المشار إليه يستمر منذ مطلع التسعينيات، أي منذ نحو 27 عاما، وكان يصطدم بأمور مثل عدد مقاعد حركة "حماس" في المجلس الوطني، وقد أصرت "حماس" على إعادة صياغة طريقة تشكيل المجلس، بداية بطلب أن يُقتَسَم المجلس بين الفصائل، ليكون لها مباشرة نحو نصف المجلس، مع أنّ المستقلين والاتحادات المهنية والشعبية والمؤسسات المختلفة لها نِسَب كبيرة في التمثيل، الأصل أن يأتي جزء منها بالانتخاب. وقد وافقت "فتح" مع "حماس" في السنوات الأخيرة على مطلب إلغاء مقاعد هذه الاتحادات لصالح "انتخابات نسبية".


بالنسبة للبرنامج السياسي، رغم أن وثيقة "حماس" المعلنة في أيار (مايو) 2017، تجعل لا فرق مع برنامج منظمة التحرير، العام 1988، إلا أنّ فكرة الاتفاق على البرنامج قبل دخول المجلس، يعلم الجميع أنها ليست القضية الأساسية، وهي أمر غير ديمقراطي، فأنت تنتخب أو تتوافق على أعضاء المجلس الوطني لتقرر البرنامج السياسي وليس العكس. وقد توقفت حوارات إعادة إطلاق المجلس  العام الفائت، بعد تأسيس "حماس" لجنة لإدارة قطاع غزة، فيما عد رفضا لاستئناف مسيرة المصالحة. ثم عاد الأمل لهذه المسيرة نهاية العام، قبل أن تنتكس بسبب ملفات "جباية الضرائب والرسوم ووحدانية سلاح الأجهزة الأمنية" في غزة، وهما ملفان ترفض "حماس" التعاطي معهما، بينما ترفض الحكومة الفلسطينية تبني الإنفاق التام في غزة وتبني الموظفين الذين عينتهم "حماس" قبل توليها هذه الملفات. 


وفي المقابل، بات الانقسام، لسنوات، ذريعةً لتعطيل إعادة تفعيل منظمة التحرير، لتكون ممثلة حقاً للشعب الفلسطيني. وهناك مشكلة حقيقية في تركيبة المجلس الحالية السياسية، كما في خصائص أفراده من حيث أعمارهم، ومن حيث مدى تمثيلهم الشعبي. فهناك أولاً فصائل باتت غير موجودة شعبياً ولا تمارس أي عمل نضالي أو وطني لأسباب أنها بلا أعضاء تقريبا، وتحتفظ بمواقع بارزة في المنظمة، وتحصل على إمكانيات، على حساب فئات شابة وشعبية داخل وخارج فلسطين. فحملة طُلابِيّة تقودها شابة في الولايات المتحدة مثلا، قد يكون لها وجود وتأثير أكثر كثيراً من هذه الفصائل. والاتحادات المهنية معطلة، وبلا تجديد انتخابي. وبدون مجلس (برلمان) فإن أي  قيادة لا تضطر لمواجهة المعارضة والمحاسبة. 


لا يمكن الارتهان للتوافق الفصائلي إلى ما لا نهاية، لأنّ وضع منظمة التحرير ودوائرها ومجلسها الوطني، هو بصعوبة وضع قطاع غزة، كلاهما صور في مرآة للآخر. 


يمكن إعادة تفعيل المنظمة عبر الاتحادات المهنية والشعبية وتفعيل الجاليات، والانتخابات حيث أمكن، وبطريقة تجعلها مفتوحاً للجميع، بدءا من المستقلين والناشطين خارج الفصائل، وصولا للفصائل، ولكن من دون "بدعة" انتظار المفاوضات، وانتظار التوصل لبرنامج سياسي. فالمنظمة لديها مجلسها الوطني، ولديها برنامجه السياسي، الذي يمكن تعديله بالطريقة ذاتها التي أقر بها (داخل المجلس). 
ما تحتاجه منظمة التحرير هو تفعيلها وتجديدها وفق الأسس المحددة داخلها أصلا، الكفيلة بفتح الأبواب للجميع بطريقة بعيدة عن فكرة "التقاسم"، مع ضرورة إعادة النظر بأمور مثل "كوتا" الفصائل المتلاشية، في اللجنة التنفيذية، ويمكن للمجلس الحالي إطلاق أسس جديدة، تستقطب الفئات الشعبية، خصوصاً، في المرحلة الأولى، خارج الفصائل التي لم تدخل منظمة التحرير، وتأمين آلية لدخول الفصائل، إذا رغبت.