Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

في يوم المرأة العالمي.. إحتفالات المرأتين الفلسطينية والعربية مؤجلة

في يوم المرأة العالمي.. إحتفالات المرأتين الفلسطينية والعربية مؤجلة

  راسم عبيدات كيف ستفرح عبير أبو خضير "أم عنان" وهي ستغيب خلف جدران سجون الإحتلال قسرياً تاركة خلفها ولديها عنان وديار وبناتها الثلاثة عهد وأصالة وصمود.. وزوجها ناصر الضيف الدائم على سجون الإحتلال، والمعتقل حالياً بسجن ريمون الصحراوي؟

كيف ستفرح المعتقلة الجريحة إسراء جعابيص والتي تعاني حروق بنسبة 65% من جسدها، وحيث الإهمال الطبي الذي يتهدد حياتها في سجون الإحتلال، تاركة خلفها أطفالها؟ كيف ستعرف الفرح ناريمان التميمي وهي المعتقلة إلى جانب ابنتها أيقونة النضال الفلسطيني الطفلة عهد التميمي، واللتان يتوعدهما الإحتلال بعقوبات قاسية، حتى لا تشكلان نموذجين للنضال والمقاومة..؟ وكيف ستفرح أمهات 15 أسيرة قاصرات، عدد منهن مصابات بالرصاص الحي، يُمتن في اليوم ألف مرة، في ظل سياسة إهمال طبي متعمدة من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، وحقد صهيوني أعمى..؟ كيف ستفرح والدات الأسرى كريم يونس وماهر يونس ووليد دقه وصالح أبو مخ وإبراهيم بيادسة، وهم مغيبون خلف جدران سجون الإحتلال منذ ثلاثين عاماً وأكثر؟ وكيف ستفرح أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم في ثلاجات مشافي الإحتلال، وهن ينتظرن أن تتكحل عيونهن برؤية أبنائهن وتوديعهم إلى مثواهم الأخير، بما يليق بهم، قبل أن يغادرن هذه الدنيا؟

هؤلاء الأمهات هنّ جنرالات الصبر والنضال.. يفترض في يومهن وعيدهن، أن يتقدمن الصفوف رافعات أعلام الحرية والنصر.. يوم الحرية والإنعتاق من المحتل.. ولكن هذا فرح مؤجل قد لا يشهدنه هن أو حتى أبنائهن..؟ وحال أمهات الأسرى والشهداء، حال الكثير من نساء شعبنا، منهن من يكدحن بسبب الظروف الإقتصادية والإجتماعية الصعبة من أجل إعالة أبنائهن..؟ ومنهن من يعانين الإضطهاد المزدوج من الإحتلال ومن المجتمع. فأحياناً المجتمع يقسو على المرأة أكثر قسوة من المحتل..!

كيف ستفرح أم غير قادرة على تأمين علبة حليب لإبنها في قطاع غزة المحاصر..؟ كيف ستفرح أم غادر زوجها الدنيا دون أن يسمح لها بإلقاء نظرة الوداع عليه، حيث كان معبر رفح مغلقاً، ولم تنفع كل الضغوط والإتصالات من سلطتي غزة ورام الله بإقناع الجانب المصري بفتح المعبر لها كحالة إنسانية..؟ كيف ستفرح أم هدم الإحتلال بيت أسرتها، وأصبحت الأسرة تلتحف السماء وتفترش الأرض..؟ كيف ستفرح أم تغادر من طلوح الفجر بيتها حاملة على رأسها بعض الخضروات والبقوليات، لكي تبيعها على مدخل باب العامود أو في شارع صلاح الدين، وكلاب بلدية الإحتلال يقومون بمطارتها ومصادرة بضاعتها أو إتلافها ورميها في حاويات القمامة..؟ وألف كيف وكيف..؟ تعيشها نساء شعبنا في ظل إحتلال، يقتل فيهن الحياة والأمل ألف مرة في اليوم الواحد.

وحال المراة العربية، ليس بأفضل حال من المراة الفلسطينية، لا في سوريا ولا في العراق ولا في اليمن ولا في ليبيا، ولا في مصر ولا في غيرها من البلدان العربية، ليس فقط عل صعيد سلب الحريات والقمع والتنكيل، بل في هذه البلدان والتي ضربها زلزال ما يسمى بالثورات العربية، حيث جرى "تسليع" النساء العربيات وبعن من قبل وحوش البشرية وأحفاد هولاكو وتيمورلنك من عصابات الإجرام والقتل في أسواق النخاسة، كما كان يجري بيع العبيد في زمن القروسطية، نساء تباع أو منهن من تضطرها ظروف الحياة إلى بيع جسدها، لكي تؤمن قوت عيالها، الذين ربما أصبحوا بدون ماوى وفقدوا الأب والمعيل، أي مرأة يمنية سيدخل الفرح بيتها، وهي ترى أطفالها جثث متفحمة امام عيونها..؟ وأي إمراة سورية أو عراقية ستفرح، وهي اضطرت لكي تترك وطنها قسراً، ولا تعلم شيئاً عن مصير زوجها وأبنائها، في دول مزقتها الحروب المذهبية والطائفية..؟

في يوم المرأة هذا الذي يجب ان تكرم فيه نساء شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية، لما قدمنه من نضالات وتضحيات، سواء المرأة العاملة منهن، أو التي بقيت تحنو على أطفالها وتحسن تربيتهم، وتضحي بكل احتياجاتها الجسدية والإنسانية من أجل لا يتشرد هؤلاء الأطفال، أو يقعوا في براثين رفاق السوء وينحرفوا إجتماعياً وأخلاقياً، بحيث يصبحوا عبئاً على أسرتهم ومجتمعهم.. معاناة مرأتنا الفلسطينية والعربية، لا تعيشها ولا تحسّ فيها أي امرأة في المجتمعات الأخرى، فهناك دول فقيرة، تعاني فيها المرأة وتضطهد اجتماعياً وتستغل جنسياً، ولكن ما نشاهده في دولنا العربية المصابة بوباء "الثورات" العربية، من اضطهاد وإستغلال للمرأة العربية، وبيعها في أسواق النخاسة، شيء تقشعر له الأبدان.

المرأة الفلسطينية، التي تعيش ظروف الإحتلال، تعاني من اضطهاد وقمع اجتماعي، يحد من قدراتها على التعبير عن ذاتها وتحقيق طموحاتها وامالها في أكثر من ميدان وساحة، ناهيك عن النظرة الدونية لها من قوى وفئات مجتمعية، تشكك في قدراتها ودورها، وترى بأن دورها ووجودها، يقتصر على أن تكون "فقاصة" دجاج. وبالمقابل ما يعيشه الشعب الفلسطيني من ظروف إحتلال وقمع وتنكيل يومي، يجعل المرأة الفلسطينية، جزءًا من هذا القمع والتنكيل، نساء يحولهن الإحتلال سجانات على أطفالهن الذين يجري اعتقالهم وفرض الحبس المنزلي عليهم، ونساء يبعدهن الإحتلال قسراً عن أبنائهن، كما جرى مع اطفال الشهيد غسان أبو جمل، ونساء تنتهك خصوصيات أجسادهن من خلال الدخول عبر "معاطات" الدجاج على المعابر للقدس والتعرض للتفتيش المذل على يد جنود ومجندات الإحتلال، ونفس هذا المسلسل يتكرر على نحو أسوء وأكثر حقارة مع أمهاتنا ونسائنا الفلسطينيات، على بوابات الذل أمام سجون الإحتلال، عند الدخول لزيارة أبنائهن الأسرى في سجون الإحتلال، وكم من إمرأة فلسطينية اضطرت لكي تعود أدراجها دون أن تزور إبنها الأسير المتلهفة لرؤيته، بسبب التفتيش المذل والعاري الذي ينتهك جسدها.

تغيب الإحتفالات الحقيقة عن المرأة العربية والفلسطينية في الثامن من آذار، حيث الكثير من الشعوب تنعم بالحرية والأمن والإستقرار، ولديها الكثير من الحقوق، والقوانين والتشريعات التي تصونها، والمرأة لا تعاني من قمع واضطهاد وتنكيل، كما هو الحال عندنا، حيث الإحتلال والحروب المذهبية والطائفية، ألقت بالكثير من الأعباء والهموم والمشاكل وهضم الحقوق، ولا نخال أنه في ظل سيطرة الفكر التكفيري و"الداعشي" على الفضاءين الثقافي والإعلامي، وغياب الوعي والفكر التنويري، والأطر والأحزاب الثورية والتقدمية والديمقراطية الحقيقية، والمؤسسات المجتمعية، التي تؤمن فعلاً وممارسة بحرية المرأة وحقوقها ودورها في المجتمع، سيمكننا من إنتشال واقعنا من الجهل والتخلف، فالمرأة هي لبنة أساسية في التربية والبناء والتغيير، وعندنا توضع في "قمقم" خاص، ويسطا على الكثير من حقوقها وتصادر الكثير من حرياتها، فلا إمكانية لنهوض أمة او شعب بعد ذلك.