سامر العريفه عقد اجتماعان على مدار يومين وما تمخض عنهما لا يعدو كونه تقليد لحركة النعامة، أي تخبئة الرأس في الرمال بل الوحل واستقبال يوم جديد عسى أن يكون مليئاً بالهدوء.. ذلك ما حصل بعد إسقاط الطائرة الإسرائيلية F16 من قبل الدفاعات السورية..
ومهما كانت تبريرات الاحتلال من خلال التحقيقات التي أجراها وحديثه المشبوه عن خلل فني وعدم إتباع الطيارين لقواعد المباغتة والتملص من الصواريخ المضادة للطائرات، إلا أن الإنجاز السوري تحقق وهو إنجاز يعيدنا بالذاكرة كثيراً إلى الوراء لأكثر من 35 عاماً..
أما الإنجاز البطولي الجديد فهو ما حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر والمنهك والمتعب المحروم من أبسط الحقوق بعدما حاصره الأعداء وتخلى عنه الأصدقاء، بل وشارك في مؤامرة الحصار أزلام من أبناء جلدتنا.. إنها العملية البطولية على الحدود الشرقية لخان يونس جنوبي قطاع غزة.. نتحدث هنا عن #ضربة_العلم أو #كمين_العلم كما يحلو للبعض تسميتها، والتي أسفرت عن إصابة 4 ضباط وجنود من وحدات النخبة "غولاني" و"الهندسة الحربية" اثنان منهم بحال الخطر، وحسب ما نقلت بعض المصادر العبرية أحدهم بات في حالة موت سريري..
إن الكمين المحكم الذي أوقعت فيه المقاومة جنود الاحتلال ينم عن تخطيط محكم ورصد ومتابعة، حتى ساعة الصفر بتفجير العبوة الناسفة وتحقيق الإصابات الدقيقة والمؤكدة في صفوف الاحتلال.. حتى أن بعض القنوات العبرية نقلت بأنه "أسبوع سيء لوحدة الهندسة ووحدات النخبة"؛ حيث أصيب 7 جنود إثر انفجار لغم في غور الأردن وأصيب طياران جراء إسقاط الدفاعات السورية للطائرة الإسرائيلية وبالأمس 4 ضباط وجنود من وحدات النخبة أصيبوا على حدود غزة، مضيفة أنه "يجب التحقيق فيما يجري ومعرفة فيما إذا كان الجنود يتبعون التعليمات".
وعطفاً عما بدأت به عاد الاحتلال إلى عقد اجتماع لما تسمى"قيادة فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي"، لم يتمخض عنها مرة أخرى أي قرار بالتصعيد خوفاً مما سيجر بعده من رد للمقاومة، ليس سوى غارات على مواقع للمقاومة كانت قد أخليت أصلاً، واستهداف أراضٍ زراعية في مناطق عدة من قطاع غزة، ولاسيما منطقة خان يونس.. حتى أن المقاومة سارعت إلى الرد على تلك الغارات، كما أنها تصدت ولأول مرة لطائرات الاحتلال بالمضادات الأرضية، وهذا إنجاز جديد يحسب لفصائل المقاومة، ويضع العدو في حيرة من أمره.. معادلة جديدة فرضت في سوريا وربما معادلة جديدة فرضتها غزة الجريحة ولكن العنيدة والقوية والقادرة..
ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا العدو الغادر لا يؤمن جانبه، وربما يسعى خلال الأيام المقبلة لاقتناص فرصة ما لاستهداف قيادات عسكرية أو سياسية لفصائل المقاومة لتحقيق ما يريد أن يعتبره إنجازاً وتهدئة لجبهته الداخلية من جمهور المستوطنين المتطرفين المتعطشين للقتل والدماء، لاسيما أن نتنياهو وفريقه الحاكم ومنهم وزير الحرب ليبرمان باتوا أمام موقف حرج ومعادلة صعبة قد فرضت فعلاً عليهم، وربما يسعون إلى كسر تلك المعادلة الجديدة ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض، مع امتصاص غضب الشارع الإسرائيلي من المستوطنين..
لذا على المقاومة وبعد تحقيق هذا الإنجاز النوعي، وفي ظل ما يمرّ به الاحتلال من مأزق حرج وحقيقي، أن تأخذ حذرها لأقصى درجة، وتفويت الفرصة على المحتل الغاصب لتحقيق أي ضربة أو استهداف لقيادات عسكرية أو سياسية خلال الأيام المقبلة، حتى لا يأخذ العدو أي فرصة لتحقيق أي إنجاز رداً على ما حلّ به من ضربات موجعة..
قطاع غزة المحاصر والمنهك خزان المقاومة في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة، ومهما حلّ بأهله هم على عهد المقاومة باقون ثابتون، ولن يطول ليل الحصار عاجلاً أم آجلاً مهما تآمر علينا البعض..