أكد مفتي مدينة القدس الشيخ الدكتور محمد حسين، أن إعلان الرئيس الأمريكي بشأن القدس سيسقط حتماً كما سقط وعد بلفور المشؤوم، وأن أي قرار يتعلق بالقدس وفلسطين هو قرار ظالم وجائر، وأن الباطل لا يغير الحق، وإن بدى الباطل قوياً في بعض مراحله.
وشدد الشيخ حسين، على ضرورة ارتقاء الموقف العربي والإسلامي إلى مستوى التحدي الذي تتعرض له مدينة القدس، والتي لكل مسلم وعربي حق فيها كما الفلسطيني، وضرورة أن تنهض الأمة للدفاع عنها.
وحول المطلوب من العرب والمسلمين تجاه مدينة القدس بعد استهدافها من قبل الرئيس الأمريكي، أوضح المفتي حسين أن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم لأن الله سبحانه وتعالى لم يجعلها للفلسطينيين، بل جعلها لكل مسلم في العالم من خلال الارتباط العقدي، وكل مسلم يؤمن بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومنه عرج إلى السماوات العلا، لا يستطيع أحد أن ينكر حق أي مسلم في القدس، والفلسطيني له حق مثل المسلم في المدينة المقدسة.
كما أن الفلسطينيين ينتمون للامة العربية، والقومية العربية مسلمين ومسيحيين، وبالتالي هي للعرب ولا شك أن الأمة العربية لها حضارتها سواء كانوا عرباً مسلمين أو مسيحيين، أو حينما كانوا عرباً يبوسيين وكنعانيين في هذه البلاد، والتي بناها مجدي صادق اليبوسي الكنعاني، فهي عربية بحكم التاريخ والحضارة، وبحكم من عاشوا فيها كل هذه الحقب.
وأشار إلى أن التاريخ يذكر أن العرب كانوا منذ 6000 سنة، ولم يتركوا البلاد بل بقوا رغم وجود دفعات وحملات كثيرة من المستعمرين والغزاة، ولكن كان الاحتلال لا يطول ويرحل؛ ويبقى العربي في القدس، وتجذر وجود العربي من خلال رسالة المسيح عليه السلام سيدنا عيسى، الذي ولد في فلسطين ونشأ فيها، وبالتالي العرب من المسيحيين الذين اعتنقوا النصرانية لهم أكثر من 2000 سنة، ثم تجذر الوجود العربي وبدا واضحاً وبهذه الحضارة التي تجسّدها القدس بكل ما فيها من مقدسات وآثار وحضارة وقصور تدل على تعاقب الحضارات والحقب الزمنية الإسلامية العربية في المدينة المقدسة، ويكفي أن نقول أن المسجد الأقصى المسقوف الآن هو من بناء سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الفتح، ثم توسع فيه معاوية، ثم عبد الملك بن مروان حتى جاء على هذا الشكل.
وشدد على أن القدس عربية، ومسؤولية العرب، ثم إسلامية، متسائلاً كيف يمكن أن نحافظ على المدينة المقدسة؟. مجيباً أن البعد الأول يتمثل في أنه لا عذر لنا كفلسطينيين أن يبقى صفنا متفرقاً، أو أن لا نكون وحدة واحدة تماماً بكل مكونات الشعب، تتجه بوصلته للقدس فقط، ولا يجوز أن يعلو أي خلاف على القدس ومكانتها، وهذا حجر الزاوية الحقيقية لحماية القدس.
أما البعد الثاني وهو العربي، فلا نعفي عربياً من واجبه القيام بحماية القدس، مؤكداً أنه وبكل أسف الموقف العربي ليس بالمستوى المطلوب تماماً لرد هذه الهجمة على القدس المتمثلة بقرار ترامب وما تبعه من خطابات، وأنه لازال لم يرق للموقف المطلوب والتي تستحقه القدس.
أما البعد الثالث والمتمثل بالبعد الإسلامي، والذي يشبه الموقف العربي كونه لم يرتق لمستوى المسؤولية لحمل أمانة القدس والدفاع عنها. لافتاً إلى أن هناك دول إسلامية كثيرة ربما لم يتظاهر فيها أحد ضد قرار ترامب.
وشدد على أن المسؤولية الأولى هي فلسطينية بالدرجة الأولى وهي حجر الزاوية كونهم الحراس وكونهم الأقرب لبوابات القدس وساحات الأقصى والقيامة وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية، ثم العربي، وهو بعد مسؤول كمسؤولية الفلسطينيين ويجب أن تكون بوصلتهم للقدس، ويجب أن تكون المواقف على مستوى الحدث والخطر الذي يحدث بالقدس، ومن ثم العالم الإسلامي، وبعد ذلك أحرار العالم والدول الصديقة ولها مواقفها.
وأكد على أن العرب والفلسطينيين لا ينتظرون جيوش العالم كي تأتي لتحرر القدس وهم مع الأسف على الأقل لا يقيمون موقفاً صلباً من الموقف الأمريكي.
وتساءل.. طالما غابت الجيوش والكرامة العربية والإسلامية عن ساحات القدس.. فأين الموقف العربي والاسلامي الذي يرتقي لمستوى الحدث؟. معرباً عن أمله أن تكون الأيام القادمة يدرك فيها العرب والمسلمون والشعوب قبل الحكام أن المسالة خطيرة حيث تمثل القدس عقيدة الأمة وحضارتها، وتمثل كل الأبعاد الدينية التعبدية الحضارية التاريخية والقومية.
وفيما يتعلق بمؤتمر الأزهر حول القدس، أكد المفتي الشيخ حسين، أنه مؤتمر هام كونه يصدر من الأزهر الشريف بما يمثله من مرجعية إسلامية لها ثقلها وتأثيرها في العالم العربي والإسلامي، ثم الحضور اللافت والتي شاركت فيه 86 دولة، وتأكيد المؤتمر بشكل واضح على رفضه الإعلان الأمريكي، وأكد على أن القدس هي فلسطينية عربية إسلامية، ومدينة مقدسة تماماً يجب أن يحافظ عليها وحرمتها ومقدساتها. إضافة إلى أن الأزهر اقترح أن يكون العام الحالي 2018 هو عام القدس وهو ما حظي بترحيب من كل الحاضرين.
وأكد على أهمية قرار الأزهر أنه سيدرس مساق عن القضية الفلسطينية والقدس ليكون النشئ الجديد، متمنياً أن تحذو الدول العربية والإسلامية بتدريس المساقات في مدارسها لنعيد الوعي للقضية الفلسطينية.