انطلقت، اليوم الأربعاء، أعمال مؤتمر "العرب وإيران" الثاني في بيروت، برعاية مراكز دراسات وكليات سياسية ومراكز إعلامية، والمستمر حتى يوم غد الخميس، وبمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين والمختصين من العالمين العربي والإسلامي.
ويهدف المرتمر إلى طرح تصورات متعددة ومتباينة بشأن النظام الإقليمي ومستقبله، ومناقشة سُبل صياغة فهم مشترك والخروج بتوصيات وخلاصات يُستفاد منها في وضع جدول أعمال الحوارات الإقليمية، ولتكون جزءاً من النقاش العام.
وفي كلمات الافتتاح، شدّد رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني كمال خرازي في كلمة له، على أهمية الدور التي لعبته إيران في منع سقوط بغداد ودمشق في أيدي الجمعات التكفيرية، داعياً إلى نشر رؤية استراتيجية حول التطورات المنطقة على أسس علمية بعيداً عن العواطف وكذلك لتحديد النقاط المشتركة للحوار بين إيران والعرب وأولها كيفية مواجهة العدو الصهيوني "كونه العدو الوحيد في المنطقة".
وعرض خرازي مراحل التعاون الإيراني العربي وتوّقف عند العلاقات الإيرانية العراقية، متطرقاً إلى مشاريع الاحتلال الإسرائيلي وترويجه لما يسمى "الهلال الشيعي" لأحداث الشرخ بين إيران والعرب في الوقت الذي وصلت فيه إيران دعمها للفلسطينيين.
وعن المساعدة الإيرانية لسوريا والعراق أوضح خرازي بأن الحكومتين السورية والعراقية "طلبت المساعدة من إيران لمنع سقوط بغداد ودمشق"، لافتاً إلى التكاليف الباهظة التي تحملتها إيران لمنع سقوط البلدين بأيدي الجماعات التكفيرية، وأشار إلى أن ممارسات هذه المجاميع التكفيرية قد أساءت للإسلام وحولته إلى منحى عنيف وسفك للدماء حيث "كنا نسمع صرخة الله أكبر مع سفك الدماء والذبح".
وأكد خرازي أنه "لو سقطت سوريا والعراق لكانت إسرائيل هي الرابح الأكبر، وأنه على الرغم من التكاليف والضغوط الباهظة التي تحملتها إيران لمساعدة العراق وسوريا كانت أيضاً لمواجهة إسرائيل".
وأوضح أنه اليوم وبعد سنوات على النكبة العربية والتدخلات التي شهدته هذه النكبة وما "شهدناه من ظهور الجماعات الإرهابية التكفيرية ودور إسرائيل وزعماء عرب تابعين للغرب في إيجاد هذه المجموعات تحت شعار جميل وهو الالتقاء على النضال السياسي للشعب فقد بات في الامكان تحليل وتفسير هذه الأحداث بشكل أفضل".
وأكد خرازي أن بيروت يمكن أن تكون حلقة وصل بين العرب والإيرانيين وأن تشكل منصة مناسبة لانطلاق هذا الحوار لأنها كانت دائماً مكاناً لتلاقي الآراء والأفكار وفي الوقت عينه هي مكان للتلاقي والتعايش بين مختلف الطوائف والمذاهب، مشيراً على ما تتمتع به من مجتمع صحافي وإعلامي وامتلاكها الأرضية اللازمة لفتح مثل هذا الحوار الاستراتيجي.
من جهته، اأكد رئيس المركز الاستشاري للدراسات السيد عبد الحليم فضل الله في كلمته الافتتاحية للمؤتمر إلى المتغيرات والتحولات التي شهدها العالم منذ عقد المؤتمر الأول قبل عام.
وأضاف فضل الله ""لم يكن من الممكن مواجهة مشاريع التقسيم في سوريا والعراق من دون التعاون العربي الإيراني وأن هذا التعاون مطلوب اليوم لمواجهة مشاريع القرن وتصفية القضية المركزية أي فلسطين".
ولفت إلى أنه بين المؤتمر الأول والحالي تم "القضاء على الحركات الإرهابية موضحاً أنه تم القضاء على الاستثمار الأجنبي والاقليمي لهذه الحركات الإرهابية وكانت هناك نتائج طيبة".
وختم فضل الله "يجب تحديد المصالح الاقليمية المشتركة وهي جزء لا يتجزأ من المصلحة العالمية وكذلك التفكير بحل المشاكل عبر بناء الثقة والتأكيد على النقاط التي يتم التوافق عليها وأولها القضية الفلسطينية".
وفي السياق ذاته، قال الوزير اللبناني محمد فنيش في كلمة له خلال المؤتمر، إن "هناك دول عربية تخشى إرادة التغيير ولا ترتضي أن يكون هناك سلطة تقوم مشروعيتها على إرادة الشعوب، وترتكز هذه الدول في سياساتها وتدخلاتها التي وصلت إلى حد شنّ حروب مدمرة على شعب فقير ولكنه قوي الإرادة كاليمن".
وأضاف فنيش "وغزو لبلد ليس مسموحاً لمواطنية نيل حقوقهم كمواطنين ولو بالتعبير السلمي كالبحرين، وترتكز سياسات هذه الدول على دعم أميركي واستقواء به ورهان على دوره وخصوصاً مع الرئيس الأميركي الجديد من أجل شنّ حرب على إيران بدءاً من إنهاء الاتفاق النووي أو تعديله، إلى فرض العقوبات الاقتصادية، إلى التحريض على إثارة شغب أو فوضى داخلية والذريعة التي تُبرر بها هذه السياسات اتهامات لإيران بتوسع نفوذها وبدعمها لقوى شعبية في اليمن والبحرين وبوقوفها إلى جانب الدولة في سوريا أو دعم العراق في مواجهة التكفيريين أو الإرهابيين لادعاء خوف لا مبرر له من تنامي قوة المقاومة ودعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية لها".
وأكد الوزير اللبناني "الحقيقة هي أن العداء لإيران وشنّ الحروب عليها بدأ مع انتصار ثورتها، وتمكن قائدها الإمام الخميني الراحل من إقامة جمهورية تستمد شرعيتها من الإسلام، وإرادة الشعب، وتتبع سياسة مستقلة عن أميركا أو غيرها من القوى المستكبرة، ووقوفها إلى جانب حركات المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني دعماً للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وهذا مرتكز سياساتها ومحور علاقاتها ومواقفها منذ انطلاقة الثورة وانتصارها وصولاً إلى تولي السيد الخامنئي قيادتها ".