قاسم عباسي: عندما تتضافر الجهود سيعيش المهجرون الفلسطينيون بكرامة بيروت - فضائية فلسطين اليوم - أشرف سهلي - في حديث خاص إلى فضائية فلسطين اليوم، قال قاسم عباسي أمين سر لجنة متابعة المهجرين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، إن الكتلة الأكبر والأسوأ حالاً بين المهجرين، تتجمع في المخيمات الفلسطينية في لبنان التي تعرف أصلاً بسوء الأوضاع المعيشية فيها، بالإضافة إلى عشوائية السكن، وغياب الحد الأدنى من الخدمات والبنى التحتية الصالحة..
مهجرون أحوالهم سيئة:
ويقول أمين سر لجنة متابعة المهجرين، أن ما دفع النازحين الفلسطينيين الذين يعتبرون الفئة "الأسوأ اقتصادياً" إلى تلك المخيمات بطبيعة الحال، هو وجود صلة قرابة بينهم وبين أخوتهم الفلسطينيين في مخيمات: عين الحلوة وشاتيلا وبرج البراجنة وغيرها، هذا من جهة، وأملاً بأن تكون تكاليف الإيجار أقل مما هو عليه خارجها، من جهة أخرى. غير أن الإيجارات التي تُدفع داخل المخيمات الفلسطينية، لا تقل كثيراً عما هو عليه في المناطق المجاورة.
مراكز الإيواء المحدثة:
وأشار عباسي إلى وجود عدد من مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، أو للمؤسسات الفلسطينية الفاعلة في مخيمات لبنان. وأبرزها: مركز إيواء البيت المهجور، ومركز بدر (الخيام) وكلاهما في مخيم عين الحلوة جنوبي لبنان. بالإضافة إلى مركز إيواء مخيم الجليل في بعلبك شرقي البلاد. وجميعها تؤوي المئات من المهجرين عن سوريا.
في سياق متصل، أوضح قاسم عباسي أن تعداد الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان وصل إلى 52500 شخصاً وفقاً لآخر إحصائية أجرتها الأنروا، يشكلون 12300 أسرة، ويتركز 52% منهم في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، فيما يوجد 48% منهم خارجها. وغالبيتهم من مخيم اليرموك على اعتباره التجمع الفلسطيني الأكبر خارج فلسطين المحتلة وفقاً لإحصاءات أخرى للأنروا، بواقع 150 ألف لاجئ فلسطيني قبيل الأزمة وخروجهم من المخيم بفترة قليلة.
الجهات الداعمة ودور اللجنة:
وفيما يتعلق بالجهات الداعمة وتلك التي تقدم مساعداتها للنازحين، وطبيعة عمل اللجنة؛ قال: "إن الأنروا تتكفل بالجزء الأكبر من المساعدات وهي المالية". كما إن بعض الجمعيات الخيرية رغم "ندرتها"، حسبما ذكر عباسي، تقدم مساعدات عينية كالثياب والطرود الغذائية والأدوات الكهربائية بين فترة وأخرى. وتابع قائلاً: "إن عدداً محدوداً من الأفراد فاعلي الخير، كبعض التجار والمقتدرين مادياً، وأصحاب المشاريع الكبيرة من الجنسيات الفلسطينية والسورية واللبنانية، يقدمون مبالغ أو مساعدات عينية في فترات متباعدة، مشكورين جميعاً، غير أنها لا ترقى للمستوى المطلوب، ولا تتناسب مع حجم المهجرين الكبير وحاجاتهم الحياتية الكثيرة".
عمل اللجنة:
هذا ويتمثل دور اللجنة بادئ الأمر، مع نشأتها المزامنة لوفود الفلسطينيين من مناطق الصراع داخل وخارج المخيمات في سوريا، بتقديم الإرشاد والتوجيه للأشخاص حول الإيجارات والطبابة والشؤون القانونية في لبنان. حيث عمل على تشكيلها مجموعة من الفلسطينيين المهجرين، على اعتبار أنهم أقرب إلى الفئات المتضررة وأكثر إلماماً بأحوالها. وعن دور اللجنة حالياً يقول أمين سرها قاسم عباسي: "نحن صلة الوصل التي تساهم في ربط فلسطينيي سوريا بالمنظمات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية في لبنان، ودورنا مدني اجتماعي بحت".
وبالإضافة للوساطة التي تجريها اللجنة مع المؤسسات، فقد تمكنت سابقاً من إجراء عمليات شراكة مع بعض المؤسسات الخيرية، حيث اكتسبت ثقتهم بأن يقدموا لها الدعم والتمويل، لتشرف لجنة المتابعة على توزيعه بقدر جيد من العناية والعدالة وفقاً لحالات المهجرين، وذلك بحكم مصداقيتها وعلاقاتها الجيدة مع جمهور الفلسطينيين من سوريا، ومع الفصائل والسفارة الفلسطينيتين في لبنان. وفي هذا الصدد، نظمت اللجنة أيضاً عدداً من عمليات توزيع المساعدات المقدمة من فصائل فلسطينية داخل مخيمات وتجمعات للاجئين في لبنان، كما عنيت بمتابعة أحوال الأشخاص الذين يقعون في مشاكل قانونية، كالتوقيف، أو منع العبور من على أحد الحواجز بسبب مخالفة فترة الإقامة على سبيل المثال لا الحصر، وذلك من خلال علاقاتها الجيدة مع الجهات الرسمية الفلسطينية واللبنانية، والتي تطورت إيجابياً وبشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
توزيع مساعدات على الحالات والمصابين:
وذكر أمين السر في سياق حديثه، أن اللجنة تلقت قبل عدة أشهر 220 ألف دولار أميركي من اتحاد المرأة والسفارة الفلسطينيتين في لبنان، ليتم توجيهها فيما يخص الملف الصحي للمهجرين.
وقامت اللجنة بصرفها وتوزيعها كاملة على الحالات المرضية الأسوأ من بين آلاف المصابين بأمراض مزمنة أو إصابات عمل أو شظايا قذائف بفعل النزاع المسلح في سوريا، وذلك بما يتناسب مع طبيعة كل حالة، وإمكانية التوزيع المتوفرة في الحسابات المالية للجنة.
أنواع الحالات المرضية:
وفي هذا الإطار، بيّن عباسي أن الحالات الصحية التي تم التعامل معها، تقسم لعدة أنواع أبرزها: الأشخاص الذين تعرّضوا لإصابات جراء شظايا القذائف أو الرصاص بفعل الصراع في سوريا. والمرضى المصابون بأورام مزمنة _كالسرطانات_ وهذه الفئة تضطر لأخذ جرعات منتظمة من الكيميائي يصل ثمن الجرعة الواحدة منها في لبنان إلى ألف دولار أميركي كل 45 – 60 يوماً. بالإضافة لمرضى القلب والإعاقات الخلقية المستديمة وذوي إصابات العمل، وأسُر الأفراد من هذه الفئات الأخيرة كانت تعاني من صعوبة توفير متطلبات المريض قبل قدومها إلى لبنان، وزاد الحال سوءًا في ظل الظروف الحالية ومأساة النزوح.
آلية التوزيع والاستطباب:
وحول آلية توزيع المساعدات على المرضى والمصابين، فلا زالت تتم بعد أن تقوم اللجنة باستلام الأوراق الثبوتية لكل شخص منهم، وهي: الهوية الشخصية، وبطاقة الدخول إلى الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى كشف المشفى أو العيادة التي خضع المريض للعلاج فيها، مرفقاً هذا الكشف بتشخيص الطبيب المختص.
وأوضح أمين سر اللجنة أن المرضى بعدما تتم الموافقة على منحهم مبلغاً كفيلاً بالعلاج، يختارون بأنفسهم المشافي التي تتناسب مع حالتهم ومكان إقامتهم داخل الأراضي اللبنانية، للقيام بتمويل حالتهم ضمن الممكن في مكان نزولهم. وقد يكون دور اللجنة بعد استقبال الأوراق الثبوتية التوسط مع الأنروا أو المؤسسات التي سبق وقدمت مساعدات لها، لتمويل الحالات المرضية التي تحتاج للعناية داخل المشافي، في حال كان مبلغ العلاج أكبر من إمكانياتها.
وذكر عباسي أن الأنروا عادة ما تتكفل بمصاريف المشفى لمرضى السرطان كحالة صعبة، فيما يحمل المريض على كاهله ثمن الجرعات والعلاج، وأحياناً يتبرع أشخاص أو جهات بصورة غير دائمة بجزء من ثمن الجرعة.
تجدر الإشارة إلى أن تكاليف الطبابة والاستشفاء في لبنان باهظة جداً مقارنة مع دول أخرى، وقد تصل في بعض الأحيان إلى آلاف الدولارات للأمراض المزمنة، وحول ذلك قال قاسم عباسي في سياق حديثه: "إن الميزان الاقتصادي للمهجر في طبيعة الحال خاسر، فكيف سيكون عندما تحدث حالة مرضية في الأسرة، مع وجود غلاء فاحش في مستوى المعيشة والإيجارات، ومصاريف التعليم والاتصالات".
لجنة ثلاثية صحية:
وعملت اللجنة بالتنسيق مع السفارة الفلسطينية واتحاد المرأة في لبنان، على تشكيل مجموعة ثلاثية تضم كلاً من: آمنة جبريل مسؤولة اتحاد المرأة، وقاسم عباسي أمين سر لجنة متابعة المهجرين، وطبيباً ثالثاً لم يفصح عن اسمه نظراً لتغيره كل فترة، للإشرف على القضايا الصحية للمرضى والمصابين ودراستها. وبغية التواصل مع المشافي التي يخضع فيها المهجرون للعلاج لاحقاً، كما تتم الوساطة مع الأنروا لقضايا ترتبط بتمويل عملية جراحية أو دفع إيجارات ليالي الإقامة في العناية المركزة بالمشفى، وجميعها حالات على سبيل المثال لا الحصر.
قصص من المعاناة:
وفي سياق حديثنا إلى أمين سر اللجنة، سرد لنا قصصاً حول حالات اعتبرها الأسوأ والأعوز في صفوف المهجرين، يستلزم الوقوف عندها، ومنها حالة شاب مهجر مصاب بشلل في الجزء السفلي من جسده بالإضافة إلى مشاكل في النطق. وفي هذا السياق أفادت عائلة الشاب التي تقيم حالياً في بلدة وادي الزينة القريبة من صيدا جنوبي لبنان، أن ابنها مصاب بالشلل منذ ولادته، وكان يلقى رعاية أفضل من قبلهم في سوريا قبل الأزمة والتهجير، إلا أن الوضع الحالي أجبر الأسرة على تقنين مصاريفها المخصّصة لابنها المعاق، فباتت العناية التي يتلقاها الشاب أقل بكثير مما كانت عليه، كما أن الشق الأهم في حديث عباسي بهذا الشأن، تأكيده أن الشاب كان يمتنع ويرفض الاهتمام الزائد به من والديه تمييزاً له عن بقية أخوته، وفسّرت أمه السبب في كون الأخير شاعراً بما يعانيه الأهل من ضيق العيش وسوء الحال.
كما تلقى عباسي في خضم مقابلتنا معه، اتصالاً هاتفياً من أحد المهجرين، يطلب إليه المساعدة بتوفير ثمن جرعة جديدة لزوجته المصابة بمرض السرطان خلال أيام قليلة. ووعده عباسي بالمساعدة حال توفر أي مبلغ بهذا الخصوص الذي سبق وذكرنا أن اللجنة لا تستطيع توفيره لضخامة حجمه. وبيّن لنا مسؤول اللجنة حالة اللهفة والإصرار في نبرة المتصل الذي يعاني حسب شهادته من وضع اقتصادي صعب.
توفير مقابر ومدافن للوفيات:
وأشار عباسي إلى أن اللجنة تعنى بالعمل على توفير تكاليف القبور للوفيات في صفوف المهجرين داخل الأراضي اللبنانية، بالتعاون مع الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
الحالة القانونية:
في شأن آخر، أكدت اللجنة أن الفلسطيني الذي يدخل إلى لبنان يعامل معاملة الأجنبي، حيث يدفع 25 ألف ليرة لبنانية ثمن تذكرة الزيارة السياحية لمدة أسبوع، قابلة للتمديد أسبوعاً آخر. غير أن الحالة الحقيقية لهؤلاء، هي كونهم مهجرين من مناطق المعارك والاقتتال في سوريا شأنهم في ذلك شأن المواطنين السوريين. ريثما تتحسن الأحوال ويتمكنوا من العودة إلى منازلهم. أمر دفع اللجنة للتنسيق مع سفارة فلسطين والأنروا والأمن العام اللبناني للتعاطي مع المسألة بشكل إنساني، حيث حُوّلت الحالة القانونية للداخلين إلى لبنان من التبعية الفلسطينية إلى زيارة لمدة 3 أشهر بدلاً من أسبوع، ومؤخراً مددت الزيارة لسنة كاملة دون إجراءات عقابية، وفي حال تم تجاوز العام داخل لبنان دون تجديد الدخول أو الإقامة، فإن الشخص ملزم بدفع مخالفة مقدارها 350 ألف ليرة لبنانية لمن هم فوق الـ15 عاماً.
الأحوال الشخصية للمهجرين والجنايات والتنقلات:
وتعنى الأنروا بالإضافة إلى تسوية الوضع القانوني لوجود المهجرين الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية وهي المسؤولة عنهم بتكليف من الأمم المتحدة بالتوسط في الأحوال الشخصية والجنائية، حيث تعاقدت الوكالة مع المحامية كارول منصور، لتقدم الأخيرة خدماتها واستشاراتها للمهجرين، فيما يرتبط بالقضايا المذكورة، كالميلاد والطلاق والزواج، والمشاكل الاجتماعية المتنوعة.
وبهذا الخصوص أكد أمين سر اللجنة أن المشاكل الاجتماعية الجنائية تعد قليلة جداً بين المهجرين إلا بعض الحالات النادرة حتى هذه الفترة. وإن معارف اللجنة من الفصائل والسفارة تعمل على تسهيل حلّ الكثير من الإشكاليات.
ويتمثل دور اللجنة قانونياً عبر الاتصال مع المسؤولين الفلسطينيين في حال وقوع مشكلة مع شخص مهجّر تعرّض للتوقيف على أحد الحواجز اللبنانية لمخالفته الفترة القانونية دون تجديد زيارته إلى لبنان، أو دخول غير شرعي أو غيرها من المشكلات، ليتم حلها بأسرع وقت ممكن. كما تعنى اللجنة بالعمل على تجهيز تصريحات الدخول للمخيمات الفلسطينية أمثال: عين الحلوة والمية ومية في صيدا، ونهر البارد في طرابلس.
ويضيف عباسي: "بالمختصر نحن نقوم بما يمكننا القيام به بصورة مباشرة، والذي لا يمكننا فعله نتواصل حوله مع المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين لحل المشكلات القانونية المرتبطة بالمهجرين".
فرص العمل النادرة والاستغلال الصريح:
وفيما يتعلق بفرص العمل، قال أبو جهاد: "إن العمالة من المهجرين نادرة، وعادة ما توظف للاستغلال والابتزاز بأجور متدنية جداً، فضمن الحالات التي أعرفها هناك أشخاص يعملون لساعات طويلة تفوق بكثير من حيث الجهد ومصاريف المواصلات والوقت، الأجور التي يجنونها لتوفير قوت أبنائهم".
وذكر لنا عباسي حالة لشاب فلسطيني مهجر إلى منطقة الرميلة جنوبي لبنان، يعمل 14 ساعة كاملة في كراج للسيارات، مقابل أجر زهيد جداً إذا ما قورن بحجم العمل الكبير. والمبرّر عند رب العمل دائماً لمعادلة "العمل الطويل والأجور الضعيفة"، هو أن العامل وفقاً لنظرة رب العمل يمكنه إن أراد أن يعمل في هذه الظروف أو أن يبحث عن فرصة عمل أخرى.
نسبة قليلة من العاملين المنقولين:
وأردف عباسي قائلاً: "هناك نسبة قليلة من النازحين ممن لديهم وظيفة أو مهنة استطاعوا نقلها من سوريا إلى لبنان، كالعمل في منظمات دولية، أمثال عدد من موظفي الأندوف والأنروا، أو موظفي شركات كبيرة ومعروفة، فضلاً عن بعض الإعلاميين والصحفيين الفلسطينيين الذين تنسجم مهنتهم مع التنقل".
الحالة النفسية والتعليمية للمهجرين:
في الأثناء، بدأت بوادر الحالات النفسية المرضية تظهر على نسبة كبيرة من المهجرين بفعل انتزاعهم من المكان والزمان حسبما أفاد قاسم. مبيناً أن الأمراض الاجتماعية المعروفة أخذت تطفو على السطح، خاصة ضمن فئة المراهقين، أي من هم بين الـ15 – 18 عاماً. ذاكراً لنا أن الأسباب التي تقف وراء ذلك مركبة ومعقدة، حيث إن هذا الشخص أخرج من بيئته التي ترعرع فيها واعتاد عليها، كما خسر العديد من الأقارب والأصدقاء، سواء من توفي منهم أو من تهجّر أو من تقطعت به السبل، وبكل الأحوال فإن الظروف فرّقت الشمل الواحد. بالإضافة إلى تراجع الحالة التعليمية التي تعيشها الشريحة الأوسع من المهجرين وهم الطلاب.
وقد بيّنت نسب زوّدنا بها عباسي تظهر أن معدلات التسرّب الدراسي في صفوف المذكورين بلغت 75% للعام 2013، ومنذ مطلع 2014 الحالي انخفضت النسبة لتصل إلى 50%. وهي أرقام كبيرة وكارثية وكفيلة بالتسبب بأمراض اجتماعية مزمنة.
كما إن اللجنة سجلت عدداً من العبارات التي كانت تتكرّر على ألسنة الطلاب والمراهقين وفئات الشباب، وعلى سبيل المثال لا الحصر: "يا ريتني أموت وأرتاح". وهنا تظهر رداءة الحالة النفسية التي وصل إليها هؤلاء الأشخاص بفعل النزوج، والتي وصفها عباسي بـ"النقلة النوعية السلبية".
هذا وبينت متابعات اللجنة أن نسب الطلاق ارتفعت أيضاً في صفوف المهجرين، لأسباب منها تراجع الدخل وندرة فرص العمل، فضلاً عن غياب مقومات الحياة الزوجية المعتادة.
الدعم النفسي والاجتماعي:
وفي محاولات اللجنة الحثيثة لدعم المهجرين نفسياً، عملت مؤخراً على توزيع الأطفال والشبان على العديد من النشاطات الرياضية والدورات التدريبية لحمايتهم قدر الإمكان من الآفات الاجتماعية الخطيرة.
فقد أسست اللجنة مجموعة العودة الكشفية التي تجتمع في نادي العودة بوادي الزينة أسبوعياً، وتشارك في عدة نشاطات ميدانية، وتضم 100 طفل فلسطيني من أبناء المهجرين.
كما إن للجنة فريقاً لكرة القدم يحمل اسم "شباب العودة"، ويخوض في الآونة الأخيرة مباريات مع أندية فلسطينية من مخيمات لبنان، كانت آخرها مع فريق النصر عين الحلوة وفاز فيها الأخير.
هذا وأنشأت اللجنة بالتعاون مع موسيقيين فلسطينيين من أبناء مخيمي اليرموك وخان الشيح، فرقة موسيقية باسم "صوت العودة". وإن عدداً من المدربين الذين نسقت معهم اللجنة أسّسوا "فرقة أطفال الشتات" للدبكة الفلكلورية الفلسطينية لمن هم دون الـ15 من العمر.
الشريحة الأكثر تضررا:
وأوضح عباسي حسب مشاهداته، أن كافة الفئات تضررت جراء التهجير غير أن فئة المراهقين هي الأكثر تضرراً على اعتبار أن حالتها النفسية غير مستقرة أساساً في هذا السّن، فكيف يصير بها الحال مع التهجير. كما إن هذه الفئة تأثرت من الناحية التعليمية كثيراً، وتأخرت في تحصيلها العلمي بصورة ملحوظة عمّن هم مستقرون من أبناء المجتمعات العربية الأخرى.
وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الفئات المتضررة، شريحة الجامعيين الذين لم ينهوا تعليمهم الأكاديمي بعد بفعل الصراع وإغلاق الجامعات ودور العلم في عدد من المناطق السورية، فمنهم من تمكن من متابعة دراسته في لبنان، فيما الجزء الأكبر منهم لم يتمكن من ذلك، كما ضاقت بهم السبل على المستوى العملي أيضاً دون إيجادهم فرص عمل. ويرى هؤلاء الشبان والشابات أن الأفق مغلق أمامهم ولا يستطيعون تحقيق شيء من طموحاتهم الكبيرة، ضمن واقع ضيق يعايشونه ويعايشهم في لبنان.
إمكانية العودة للمخيمات في سوريا:
واعتبر قاسم عباسي أن عودة الأهالي إلى بيوتهم في المخيمات والمناطق السورية المهجرة، يعد أمراً ليس بهذه السهولة في المرحلة الحالية، نظراً للأوضاع الصعبة هناك، في ظل المشهد الحالي وطبيعة الصراع السوري، غير أنه يجب على جميع الفصائل والمسؤولين الفلسطينيين بذل ما يمكنهم لحل أزمة المخيمات في سوريا والتي طال أمدها على الأهالي. مؤكداً في الوقت عينه أن مأساة كافة فلسطينيي سوريا ممن هجروا، وكذلك من صمدوا داخل مخيمات اللجوء، مركبة ومعقدة وتحتاج إلى فترة طويلة لحلها بعد انتهاء الأزمة في عموم البلاد، للتخلص من تبعاتها النفسية والاجتماعية والاقتصادية على الجميع.
رسالة أخيرة:
وفي رسالة أخيرة وجهها قاسم عباسي أمين سر لجنة متابعة المهجرين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، قال: "حتى يعيش جميع المهجرين الفلسطينيين إلى لبنان بكرامة خلال فترة تواجدهم المؤقتة، فمن الممكن أن تتضافر جهود الجميع لتحقيق ذلك، لكن هناك على ما يبدو مخططاً للضغط على الفلسطينيين، لإرغامهم على الهجرة من دول الطوق المحيطة بفلسطين". وختم حديثه: "مهما هجّر الفلسطينيون فلا أتوقع أن تتغير الوجهة الصحيحة عن قضية العودة، وإن الأنظار ستبقى موجهة إلى فلسطين المحتلة".