عباس الجمعة الأنظار تتجه إلى الكلمة المنتظرة للرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وإلى لقاء القاهرة لتطبيق اتفاق المصالحة بعد إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية،
ولكن يبقى السؤال، هل صحيح اليوم سيكون هناك مصالحة فلسطينية حقيقية بعيدة عن الأجندات الخارجية وما أكثرها، سواء بين نظام عربي ومعارضيه، أو بين قُطْرٍ عربي وآخر، أو بين محور عربي وآخر، وخاصة أن أغلبية العرب، في مرحلة من التبعية للولايات المتحدة، والخضوع لربيبتها "إسرائيل"، وهذا ما نراه من تطبيع علني ومكشوف، والشعوب العربية وقواها التقدمية تدفع الثمن.
لذلك نرى أن ما يجري اليوم يشكل نقطة تحول مهمة على المستوى الفلسطيني باعتباره مطلباً ملحاً للحركة الوطنية الفلسطينية بجميع فصائلها، كما كانت مطلباً لجميع القوى الوطنية والديمقراطية على الصعيد العربي، فالانقسام كان ثغرة حادة في جدار اصطفاف القوى الوطنية الفلسطينية، تنفذ من خلالها القوى المعادية للشعب الفلسطيني ولنضاله الوطني ومطالبه العادلة.
من هنا سيكون لهذا الحدث انعكاسات لدى الإدارة الأمريكية وحليفها الكيان الصهيوني، لأن هذه المصالحة سيكون لها مردودها الإيجابي على وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والمشاريع المعادية للشعب الفلسطيني.
واليوم، هناك إنجازات وانتصارات تتحقق في المنطقة بعد فشل المشروع الإمبريالي الاستعماري وما سمي بربيع عربي، بينما تسعى اليوم الإدارة الأمريكية وحليفها الكيان الصهيوني بمشاركة دول وقوى عربية وإقليمية ودولية، لتصفية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني عبر الحديث عن حكم إداري ذاتي موسع أو عبر إنهاء وكالة "الأونروا" الشاهد العيان على نكبة فلسطين، لهذا نرى أن التحرك السياسي يجب أن يصب لتعزيز دعم شعبنا وقضيتنا الوطنية، وتوظيف ما حصلنا عليه دولياً في مؤسسات الأمم المتحدة، وتعزيز الدفاع عن شعبنا في مجابهة الاحتلال وعن قرارات الشرعية الدولية، فلا يكفي أن نقول هناك مصالحة وحل للجنة الإدارية دون توظيف ما نحصل عليه لخدمة قضيتنا الوطنية ومعاركنا المتعددة الأوجه مع الاحتلال الصهيوني.
القضية الفلسطينية الآن تتعرض لخطر حقيقي حيث يجري صوغ المخططات لها بعيداً عن الفلسطينيين، لا سيما ما يروج له من حل إقليمي على حساب حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، حيث تسعى حكومة الاحتلال الآن إلى فرض أمر واقع يحول دون إمكانية إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، وهي تحاول كذلك من خلال الأمم المتحدة قطع الطريق على حق جميع اللاجئين في العودة في محاولة إلغاء وكالة "الأونروا".
القضية الفلسطينية أصبحت أمام مخاطر جدية، ولمواجهتها لا بد من ترتيب الساحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام وإستعادة الوحدة الوطنية، وفقاً لبرنامج سياسي وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، على أرضية شراكة وطنية حقيقية باعتبار المنظمة هي الكيان السياسي والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وعليها تقع مهمة الحركة السياسية الفلسطينية، لهذا نحن نتطلع إلى عقد المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة كل القوى السياسية الفلسطينية بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية.
وفي ظل الخطوات الراهنة وبعد حل اللجنة الادارية نحن نتطلع أن تأخذ حكومة التوافق الوطني دورها في قطاع غزة حتى تتمكن من إجراء انتخابات ديمقراطية رئاسية وتشريعية.
وأمام هذه الظروف حيث الأنظار تتجه إلى القاهرة، نرى أن وثيقة الوفاق الوطني وإعلان القاهرة سيشكلان المدخل الصحيح لأي وحدة وطنية ولمواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، ولإفشال مخططات تصفية القضية الوطنية، التي يجري العمل عليها ليلَ نهار من قبل العدو الصهيوني وحلفائه، خاصةً الإدارة الامريكية.
وهكذا يتبين، أن المصالحة، واستثمار نتائجها، والبناء على القرارات الدولية التي اتخذت في السنوات الأخيرة يشكل دفعة هامة للأمام للقضية الفلسطينية ولحركة التحرر العربي، رغم الصعوبات والانقسامات التي تعاني منها البلدان العربية، ورغم الهجمات الإرهابية في أكثر من بلد عربي.
وتتحمل القيادات الفلسطينية مسؤولية كبيرة في الوقت الراهن، أولاً لجهة السير في تنفيذ عملية المصالحة ووضع مخرجاتها قيد التنفيذ، وثانياً وضع خطة شاملة للنهوض بالموقف الوطني الفلسطيني على الصعيدين العربي والدولي من خلال السير الجريء باتجاه هدف إقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وتأمين حق العودة، ونحن نؤكد أن مثل هذه الخطة ستواجه عقبات كثيرة، ولكن التصميم على تنفيذها من شأنه أن يدفع بمجمل النضال العربي خطوات كبيرة إلى الأمام.
ختاماً: نقول للجميع القضية الفلسطينية يجب أن توظِّف لا أن توظَّف، ما يفرض على الجميع على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الفكرية والأيديولوجية الابتعاد عن الأجندات حتى تبقى القضية المركزية جوهر الصراع العربي – الصهيوني، وعدم حرف البوصلة، الشعب الفلسطيني يقاوم وحده، وهو يحتاج إلى دعم معنوي وبث روح المقاومة حتى تحرير الأرض والإنسان.
* عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية