خالد معالي مر قرار حكومة الاحتلال، بتشكيل مجلس يمثل المستوطنين بمدينة الخليل دون معرفة انعكاساته وأخطاره المستقبلية على حلم وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، دون مستوطنين فيها،
وهو ما شكل خرقاً قاتلاً لاتفاقية "أوسلو" التي كان من المفترض أن تنشأ دولة فلسطينية خلال خمس سنوات من توقيعها.
قرار إنشاء وتشكيل مجلس المستوطنين؛ ينهي للأبد فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة؛ لتصبح دولة للمستوطنين في الضفة الغربية؛ بدل دولة فلسطينية، فكيف تقام دولة بداخلها كيان للمستوطنين له استقلالية؛ وهي سابقة خطيرة، وتجاوز للخطوط الحمر جميعاً.
قرار "نتنياهو" بمنح الجيب الاستيطاني وسط الخليل، سلطة إدارة شؤونه البلدية بشكل مستقل، يمنح المستوطنين السيادة في أرض فلسطينية تتبع بلدية الخليل وتتبع بشكل عام للسلطة الفلسطينية.
كما أن القرار يعتبر خرقاً وضرباً بالحائط القانون الدولي الإنساني، وكافة الاتفاقيات والشرائع والمواثيق الدولية التي تعارفت عليها البشرية جميعاً، منذ الأزل، فهل يعقل أن يشرعن وجود مستوطنين مغتصبين للأرض، ويديرون شؤونهم بذاتهم ويتخذون قرارات على مزاجهم، ونزع صلاحيات السلطة الفلسطينية في الخليل بداية لتتوسع لاحقاً في كافة محافظات الضفة الغربية المنهكة من الاستيطان.
ولا يخفى على أحد أن القرار من شأنه تعزيز سلطات المستوطنين في الخليل، وهو ما لاقى ارتياحاً لديهم وطالبوا بالمزيد؛ عبر توفير الخدمات البلدية لهم في المجالات المختلفة بعيداً عن مدينة الخليل، وكأنهم جسم مستقل وخارج بلدية الخليل.
مخطئ من يظن أن الاحتلال سيتراجع عن قراره تحت مسمى ضغوط دولية أو محلية؛ والتي هي أصلاً باهته وبالكاد ترى بالعين المجردة؛ وهذا دليل صريح وواضح وقاطع؛ على فشل كل مشاريع التسوية مع الاحتلال.
بحسب القرار الجديد؛ فإنه سيترتب عليه السماح للمستوطنين بالحصول على الخدمات، والتي تشمل المياه والخدمات البلدية مباشرة من الإدارة المدنية "الإسرائيلية"، التابعة لوزارة جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
قبل سنوات اضطر الاحتلال لهدم 21 مستوطنة في غزة، تحت ضغط المقاومة الفلسطينية، والتي قال عنها "شارون" وقتها أنها مثل "تل أبيب" ولا انسحاب منها، والآن يقوم الاحتلال بتعظيم وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، لأن النتيجة المنطقية لغياب ضغط المقاومة في الضفة هو أريحية في التوسع الاستيطاني وإعطائهم صلاحيات تتوسع باضطراد، دون خوف أو أو رعب من القادم.
في جميع الأحوال؛ سيرحل المستوطنون ويعودون لبلادهم التي جاءوا منها؛ ولكن حتى ذلك الوقت، لا يصح ما يجري على الساحة الفلسطينية الحالية من تشتت للجهود وهدر الطاقات، وتصيد أخطاء وهفوات، وخروج عن منطق الأشياء والتاريخ والسنن الكونية التي قضت أنه لكل فعل رد فعل.
الاستيطان؛ نما وكبر تحت أساطير وأكاذيب دينية توراتية بقوة البطش والإرهاب، تستغل الدين وتتلاعب به لتحقيق أطماع استعمارية؛ فلا يصح في أي دين أو أي أخلاق ومبدأ في العالم؛ احتلال أرض الغير وتهجيرهم؛ ولكن الطمع والاستخفاف وقلب الحقائق يستسهله قادة الاحتلال وكبار أحبارهم؛ وما علموا أن الغد والمستقبل هو ليس للظلمة المحتلين والطغاة؛ بل لأصحاب الأرض الشرعيين والحق والخير؛ وهو الشعب الفلسطيني.