أبرز الملفات التي يتم التفاوض عليهما حالياً، أي ملفا اللاجئين ويهودية الدولة في طريقهما إلى الحسم الجذري، وإن أعلنت كل الأطراف لغة حادة أمام الإعلام.
في المعلومات أولاً أن التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي، ليس قائماً على مسار واحد، كما يظن كثيرون، إذ هناك عدة مسارات سياسية وفنية، تعمل في وقت واحد، وهذه المسارات متلازمة ومرتبطة ببعضها البعض من حيث تفاصيل كثيرة، وفي حالات لا يعرف مسار عن مسار آخر.
يهودية الدولة التي يعلن كثيرون رفضهم لها، سيتم قبولها ضمن صيغة معدلة تم التوافق عليها، مؤخراً وهي ليست الصيغة الأولى التي تعني تطهير فلسطين من عرب الثمانية والأربعين، إذ تم تجاوز صيغة النقاء الديني والعرقي!.
الصيغة المعدلة تقول إن على الفلسطينيين الخروج والاعتراف بيهودية الدولة، باعتبارها وطناً قومياً لليهود، مع حق اليهود بالعودة إليها، وسيأتي الاعتراف الفلسطيني مشروطاً بأن لا يتم الإضرار بحقوق ووجود العرب فيها، باعتبارهم أقلية، من مسلمين ومسيحيين ودروز وغيرهم، وهذه الصيغة المعدلة ستعني عملياً الإقرار بيهودية الدولة، دون أن تعني يهوديتها هنا، إخراج من فيها من أديان وأعراق أخرى، وسيتم قبولهم تحت مظلة الدولة اليهودية، باعتبار أن يهوديتها الطابع الغالب، لا الوحيد، فيما إسرائيل ستقبل هذه الصيغة المعدلة التي تم التوصل اليها.
في المقابل ووفقاً لمعلومات مؤكدة، ستقوم إسرائيل بالإعلان في تلك اللحظة عن اعترافها بالدولة الفلسطينية كدولة قومية للشعب الفلسطيني، وحق الفلسطينيين بالعودة إليها، مع اشتراط قبول بقاء اليهود في الضفة الغربية، أيضاً، باعتبارهم أقلية، وسيعلن الفلسطينيون موافقتهم على هذه الصيغة المعدلة أيضاً.
هذا يعني تبادلاً سكانياً، بقاء اليهود في الضفة، وبقاء الفلسطينيين في إسرائيل بالمقابل، وكل دولة لها هويتها الغالبة، دون أن تتضرر أحد ممن يعيش هنا أو هناك، وهذا يعني أن مبدأ تبادل السكان تم استحداثه إضافة إلى مبدأ استبدال الأراضي الذي تم الإعلان عنه سابقاً.
صيغة «الهوية الغالبة» تم اعتمادها بدلاً من صيغة «الهوية الوحيدة» لأي دولة من الدولتين.
على صعيد قضية اللاجئين فإن كثرة لا تعرف أن خطة كيري تم تأسيسها على أساس مقترحات كلنتون (Clinton parameters) وهي تقضي بعودة قسم من اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم الأصلية، وهذا عدد محدود جداً لا يتجاوز بضعة آلاف على أساس لم الشمل، في فلسطين الثمانية والأربعين، وعودة العدد الأكبر منهم إلى الدولة الفلسطينية وإبقاء قسم منهم في الدول المتواجدين فيها في حال قبلت وقبلوا واستطاعت تلك الدول وبترتيبات معها، واستيعاب قسم آخر في دول ثالثة وفقاً لقدرتها واستعدادها، وإنشاء صندوق لتمويل رحيل الفلسطينيين إلى دول مثل أستراليا وكندا وغيرهما.
ملف القدس من الملفات الحساسة، وكل الصيغ تراجعت عن «القدس الكلية» باعتبارها العاصمة، إلى القدس الشرقية باعتبارها العاصمة، إلى الصيغة الجديدة «عاصمة في القدس» وهذا المعنى يتم ترجمته إسرائيلياً، على أساس بلدية القدس الكبرى، التي توسعت وتمددت وتشمل قرى ومناطق اصبحت بلدياً مقدسية اليوم، وهي اساسا ليست مقدسية، و اي تنازل اسرائيلي وقبول لعاصمة في القدس سيكون في القدس الكبرى، وليس القدس التاريخية، فيما ستقام منطقة دينية، في القدس للعبادة، والصلاة تحت إشراف عربي دولي.
ملف التعويضات المالية، سيخضع لمقايضة خطيرة، فهناك تعويضات للفلسطينيين، واليهود يطالبون بتعويضات مالية، وفي الحسابات المالية، تتساوى إلى حد كبير قيمة تعويضات كل طرف، وهذا يعني أن ما سيأخذه الفلسطينيون سيأخذ مثله الإسرائيليون، والتمويل سيكون دولياً، والدفع بمثابة ترضية مالية لتمرير الحل النهائي.
في حالات أخرى، فإن مقايضة قد تنشأ عن هذه الصيغة التبادلية التي تقترب أيضاً من مبدأ تبادل الأرض والسكان، تأخذنا إلى احتمال إجراء «مقاصة» بحيث يلغى مبدأ التعويض المالي للطرفين معاً، لصالح تعويض الدول أو إنشاء مشاريع اقتصادية بمليارات الدولارات.
مبدأ التبادل تم اعتماده بشكل واضح، على صعيد السكان، الأرض، المال، وهناك قضايا يجري السعي لحلها مثل السيادة والقوة الأمنية وغور الأردن، والموارد وبقية التفاصيل.
ما قالته الوزيرة الإسرائيلية تسيبي لفيني ومسؤولة ملف التفاوض مع الفلسطينيين أمام إحدى لجان الكنيست، حول مفاجأة قريبة حول اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة، ليس غريباً، لأن الصيغ المعدلة تم اعتمادها إلى حد كبير.
الشهور المقبلة ستشهد تصفية آخر فصول القضية الفلسطينية، إلا في أحد ظرفين، إقدام المتشددين اليهود على فعلة ما، لنسف كل مفاوضات السلام، مثل هدم الأقصى، أو تعثر المفاوضات لسبب أو آخر، ومن المثير هنا، أن يصبح المتشددون اليهود، طوق نجاة، للوطنين العرب، ممن لا يريدون حلاً تصفوياً للقضية الفلسطينية، وهذا حلف غير موقع بين الغاضبين من كل الجهات، وهو حلف غير مقدس بطبيعة الحال.
دعونا ننتظر حتى حزيران المقبل!.