جهاد حرب ينهي أسرى الحرية، مع كتابة سطور هذا المقال، اليوم الثالث والثلاثين لإضرابهم الجمعي في أطول إضراب بتاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية في ملحمة أسطورية يخطها مقاتلو الحرية وعصب الروح الفلسطيني.
وفي اليوم الثاني والثلاثين يرتقي الشهيد الأول تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين ربما يكون نقطة تحوّل نوعية في التضامن المجتمعي والنضالي مع الأسرى في معركة الكرامة.
هذا الأمر ليس بالضرورة أن يتحول إلى مواجهة مباشرة ومفتوحه مع قوات الاحتلال والمستوطنين لكن أيضاً التفاعلات المختلفة للإضراب بعد هذه الفترة الطويلة للإضراب وأنات أهالي الأسرى وعذاباتهم يدفع لتفجير كبير. في المقابل من حق أهالي الأسرى المضربين أن يروا أن التضامن الشعبي والرسمي أقل من المطلوب أو المرغوب. عبّر أهالي الأسرى عن انزعاجهم من ضعف التضامن والحراك الشعبي والرسمي، وفي ظني أن هذا العتاب من حقهم فأبنائهم يمضون أياماً طويلة في معركة الجوع ويحتاجون إلى مساندة غير محدودة.
في العادة لا يُحبذ إجراء أي تقييم أثناء خوض المعركة ومن غير المقبول إطلاق أحكام على مساهمتهم وإخفاقاتهم. لكن في هذه المعركة "معركة الكرامة" الدائرة رحاها بعد اثنين وثلاثين يوماً تحتاج إلى وقفة تقييمية لتفعيل التضامن والمساعدة والإسناد للأسرى الفلسطينيين لتحقيق الانتصار ولتقصير أيام الإضراب ولتخفيف معاناتهم.
وفي ظني عَجَزنا جميعنا عن الالتحاق بحجم نضالات الأسرى المضربين، وبأن ضعفنا بل عوراتنا أمام حجم معاناتهم. بكل تأكيد مهما فعلنا وقدمنا على المستويين الرسمي والشعبي والبرلماني تبقى هذه الأفعال لا تقارن بحجم التضحيات التي قدمها الأسرى الفلسطينيين ويقدمونها في إضرابهم. لكن لا يمكن إغفال الجهود الرسمية والبرلمانية والشعبية لإسناد الأسرى على الرغم أن المطلوب جهد أكبر خاصة في هذه الأيام شديدة الصعبة على أسرانا البواسل.
إن تفعيل المساعدة والمساندة لمقاتلي الحرية يأتي بتطوير أدوات وأعمال نضالية ضاغطة على حكومة الاحتلال وإدارة السجون لتلبية مطالب الأسرى العادلة، لن يتم هذا دون تناغم الجهود الرسمية والشعبية وتعظيمها وذلك بتوفير زخم شعبي قادرة على إعادة البوصلة باعتباره القوة الحقيقية الضاغطة من جهة، وعرض معاناتهم ونضالاتهم أمام المجتمع الدولي بلغاته المختلفة ووسائل إعلامه المتعددة دون كلل أو ملل وبمستوى يوازي صلابة إرادة الأسرى أنفسهم من جهة ثانية.