أكدت اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على ضرورة ما اسمته "القطع مع نهج أوسلو وإفرازاته السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وترجماتها على الأرض، وهذا يتطلب وقف الرهانات الخاسرة على استمرار استجداء حقوق وأهداف شعبنا الوطنية من خلال خيار المفاوضات العبثية
أو التعلق بوهم أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية أي دور نزيه فيها، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الجديدة أكدت ولأول مرة بأن حل الدولتين لم يعد هو الحل الوحيد المطروح، ذلك الحل الذي تسعى إليه القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، وتعتبره الحل للصراع، وأعلنت تلك الإدارة بسفور لا لبس فيه، عن استمرار دعمها للسياسات والإجراءات الإسرائيلية في الاستيطان وضم أغلب مناطق الضفة والقدس، ودعمها مالياً وعسكرياً بما يضمن تفوق دولة الاحتلال ويحفظ أمنها واستقرارها.
جاء ذلك خلال اجتماع دوري عقدته اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية- دورة الشهيدين عمر النايف وفريال نصر الله-، وقفت خلاله أمام مجمل التطورات الجارية فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، وناقشت مختلف العناوين التي طرحت على جدول أعمالها، الذي تزامن مع المواجهة التي خاضها الشهيد المثقف الثوري باسل الأعرج، مع قوات الاحتلال الاسرائيلي الذي اكد من خلالها أن جذوة الانتفاضة الحالية التي بشَّر ودعا لها ستبقى مستمرة، وتلد ثواراً نجباء يشكلون امتداداً لسليل الشهداء والثوار الذين تقدموا صفوف النضال الوطني الفلسطيني منذ بدايات الصراع مع الغزوة الصهيونية.
وقالت الجبهة تزامن اجتماع اللجنة المركزية، مع مرور تسعة وأربعين عاماً على معركة الكرامة، التي انتصرت فيها إرادة الفدائي الفلسطيني والجندي العربي الأردني على قوة الجيش الاسرائيلي المدجج بأعتى أنواع الأسلحة وأكثرها تطوراً، حيث أكدت تلك المعركة أن إمكانية تحقيق الانتصار على هذا العدو، إمكانية واقعية وقابلة للتحقق إذا ما توفرت شروطه ومقدماته الذاتية والموضوعية".
وأضافت "أن وقوفنا أمام التطورات والمستجدات السياسية، وقراءتنا المتعمقة لها، تضعنا أمام متغيرات وتحولات متسارعة تؤكد في جوهرها حقيقة أهداف المشروع الصهيوني في فلسطين وعموم المنطقة للسيطرة والهيمنة عليها وتجزئتها وتفتيتها ونهب ثرواتها وحجز تقدمها وإدامة تخلفها، وفي التوسع والاستيطان والفصل العنصري والتطهير العرقي وتجاوز حق شعبنا في الحرية والاستقلال، بما يفرض وقائع ترسيم ما يسمى "بالدولة اليهودية" على الأرض الفلسطينية، كل ما سبق، يجري في إطار التحالف الاستراتيجي مع الإدارة الأمريكية ودورها الإمبريالي في المنطقة، مستفيداً هذا التحالف الصهيوني- الأمريكي من استمرار حالة الصراع والانقسام والتشرذم عربياً وفلسطينياً، وموظفاً لها، بما يُبقي الوضع العربي والفلسطيني منه في أضعف حالاته، ليضعنا أمام العديد من المخاطر والتحديات الكبرى، التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال طرح حلول تتجاوز الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتضعها في إطار الطروحات والتصورات للوضع الإقليمي المشتعل في أكثر من جبهة، وبما يوفر للاحتلال أكبر فرصة للنفاذ أكثر للتطبيع مع الأنظمة العربية، وتقديم أولويات ما يدعى بالصراع المذهبي والطائفي على أولوية ومركزية القضية الفلسطينية".
وقالت:" إن استمرار هذا الرهان والإمعان فيه من قبل القيادة المتنفذة، لن يكون سوى ازدياد للمخاطر التي تواجه قضيتنا وحقوقنا، والسير في ركاب المخططات والرؤى الهادفة لتصفيتها وتجاوزها، كما أن أي تعاطٍ مع أفكار ومشاريع تتناول فكرة الفيدرالية أو مشروع دولة غزة – سيناء، يصب في ذات النهج ونتائجه الكارثية" كما وصفت.
وشددت على مواصلة الجهود الوطنية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وهذا يتطلب الالتزام بكافة الاتفاقات الوطنية التي جرى الاتفاق عليها وبالأخص منها، وثيقة الوفاق الوطني، واتفاقات القاهرة، ومخرجات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، التي صدرت عن اجتماعاتها التي عُقدت بتاريخ 10-11 كانون ثاني 2017 في بيروت، والعمل الجدي على متابعة تنفيذها، بما يهيئ الأجواء لعقد مجلس وطني توحيدي في الخارج، يضمن مشاركة الكل الوطني، على أساس الانتخابات وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، أينما أمكن، وبالتوافق حيث لا يمكن ذلك، والتأسيس لمراجعة وطنية شاملة، تضع قواعد الاتفاق على استراتيجية وطنية موحدة، تضمن حشد كل طاقات الشعب الفلسطيني، وتوحد جهوده وقدراته في المواجهة المصيرية مع عدونا الرئيسي.
ورفضت الجبهة الشعبية كل الصيغ التي من شأنها أن تكرس وتعمق الانقسام، بما في ذلك اللجنة التي شكلتها حركة حماس مؤخراً لإدارة قطاع غزة، وترى أن الأجدى هو العمل التزاماً بما تم الاتفاق والتوافق عليه وطنياً.
وأكدت اللجنة المركزية على موقف الجبهة الشعبية الثابت من منظمة التحرير الفلسطينية، الداعي إلى ضرورة إعادة بناء مؤسساتها، وإعادة الاعتبار لميثاقها وبرنامجها الوطني، ودورها ووظيفتها الوطنية والكفاحية، وضمان تمثيلها للكل الفلسطيني، وإنهاء حالة التفرد والهيمنة القائمة. وتوسيع المشاركة الشعبية وفق خصوصيات الشعب الفلسطيني في الوطن ومواقع اللجوء، وبما يحشد طاقاته في مواجهة المشروع الصهيوني وأهدافه التصفوية للقضية والوجود الفلسطيني، وقالت :"ننطلق في موقفنا هذا من رؤيتنا للمنظمة تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، وما مثلته من منجز وطني كبير، لا يجوز التفريط به أو تجاوز أهميتها وكيانيتها ورمزية وقانونية وشرعية تمثيلها أو محاولة خلق بدائل لها، وعليه فإننا نحذر من الدور التوظيفي لبعض المؤتمرات التي تعقد برعاية إقليمية وتهدف في أجندتها كما خلفيتها، إلى طرح تصورات وبدائل جديدة للمنظمة لن تكون سوى تأكيد لحالة التشتت والتشرذم الفلسطيني".
وشددت على استمرار التحرك الجماهيري المدافع عن قضايا وحقوق وحريات أبناء شعبنا، بالعيش الكريم والعمل وفي الكهرباء ووقف سياسة تكميم الأفواه والاعتقالات السياسية ومطاردة المقاومين والترهيب والقمع.
واستنكرت اللجنة إقدام أجهزة الامن في الضفة الغربية على قمع المسيرة الرافضة لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه المعتقلين لدى الاحتلال، والاعتداء على والده، معتبرين ما جرى وصمة عار، مشيرا الى موقفها الرافض للمشاركة في الانتخابات المحلية التي ستجري في الضفة الغربية خلال شهر مايو القادم.
وأكدت على ضرورة إجراء هذه الانتخابات بالتزامن في الضفة وغزة، مطالبة كل من حركتي فتح وحماس، بضرورة تهيئة الأجواء الصحية لإجرائها بما يضمن تجديد الهيئات المحلية، والقيام بواجبها الوطني والمجتمعي المطلوب.
وشددت على ضرورة استنهاض الحالة الجماهيرية الفلسطينية، من خلال إعادة صياغة أساليب التعامل معها، على قاعدة الاحترام وحفظ دورها الوطني الرئيسي، انطلاقاً من طبيعة المواجهة وشموليتها مع الاحتلال، بما يجعل من الضروري أن تأخذ هذه المواجهة طابعاً ودوراً مجتمعياً شاملاً، يذود عن كل قطعة أرض مهددة بالمصادرة والاستيطان، وكل بئر ماء، وكل قطعة تراث، وصولاً إلى كل عناوين الصراع المختلفة.
ودعت الى الدفاع عن قضايا اللاجئين والمخيمات وحق العودة إلى درياهم وممتلكاتهم التي هجروا منها، وما تتعرض له تجمعات ومخيمات شعبنا من تدمير ونزوح وتهجير، واستمرار وكالة الغوث في تقليص خدماتها المقدمة للاجئين ومحاولات إلغائها، كما إلغاء دورها ومسؤوليتها القانونية والإنسانية إزائهم وإزاء قضيتهم، والذي قد ينذر بخطر الإقدام فيما بعد على شطب القرار الأممي 194.
كما أكدت اللجنة المركزية للجبهة، رفضها القاطع لكل المشاريع والحلول والمبادرات الدولية والعربية، التي تحاول أن تتجاوز قضية اللاجئين وحقهم في العودة، وتقدم مقترحات تتساوق والرؤية الإسرائيلية لهذه القضية الجوهرية.
وشددت على مساندة نضال الاسرى وكفاحهم الوطني والإنساني في سجون الاحتلال، بالفعل الميداني والشعبي والسياسي والحقوقي في كل الميادين والمحافل والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، مع التأكيد على أن كل وسائل المقاومة مشرَّعة للعمل على إطلاق سراحهم ونيل حريتهم، داعية إلى استمرار العمل من أجل توحيد القوى الديمقراطية في الساحة الفلسطينية، كضرورة وطنية ومجتمعية، بما يرتقي بدورها على أسس العمل الوطني والديمقراطي المشترك.
وأكدت على تعزيز حركة المقاطعة السياسية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية (BDS) لدولة الاحتلال الاسرائيلي، بما يفتح الأبواب أمام مشاركة أوسع في برامجها وأنشطتها، ويوقف التطبيع مع نظام الأبارتيد العنصري والتطهير العرقي، الذي أكده التقرير الذي صدر عن منظمة "الأسكوا" مؤخراً، ومارست دولة الاحتلال الصهيوني وحلفائها ضغوطاً لسحبه، وعليه أدانت اللجنة المركزية رضوخ الأمين العام للأمم المتحدة، واستجابته لإملاءات الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، واعتبرته استمراراً لتغول الدول الكبرى على المؤسسة الدولية وإجهاض لدورها في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومنح الشعوب حقها في تقرير مصيرها بنفسها. كما توجه تحيتها وتقديرها للموقف الشجاع للسيدة ريما خلف المديرة التنفيذية لمنظمة الإسكوا التي قدمت استقالتها رفضاً لقرار سحب التقرير.
ودعت الى تقوية العلاقات والتحالفات مع القوى والأحزاب الوطنية والقومية والديمقراطية العربية، والارتقاء في مستويات العلاقة معها بما يخدم أهداف شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية في التحرر والانعتاق والتقدم والوحدة، بالاضافة الى توسيع حركة ومناصرة الرأي العام العالمي لعدالة قضيتنا، من خلال تمتين أواصر العلاقة مع الدول والقوى والأحزاب التقدمية التي تنشد الحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها والعدالة الإنسانية.