خالد معالي بعد العيد؛ تجددت أوجاع الضفة الغربية؛ فرحل شهر رمضان سريعاً، ورحل معه عيد الفطر السعيد؛ لتتجدد أحزان الضفة؛ بفعل حالات القتل على خلفية الثارات القديمة، أو لمجرد خلاف بسيط بين أطفال تتطور لخلاف وقتل بين الشبان؛ بشكل محزن ومؤسف يندى له الجبين، وتتقطع له القلوب.
بعد العيد؛ لم يتوقف الاستيطان وتجريف أراضي المزارعين، ومصادرة أراضيهم، وتدنيس ساحات وباحات المسجد الأقصى المبارك، وحملات الاعتقال المسعورة مع ساعات الفجر، واهانة وجرح مشاعر مواطني الضفة كل ساعة على حواجز الاحتلال المنتشرة كغدد سرطانية في كافة مناطق الضفة الغربية.
بعد العيد، واصلت سلطات الاحتلال حملات هدم المنازل وطرد وتهجير المواطنين الفلسطينيين في كافة مناطق الضفة؛ خاصة القدس المحتلة والأغوار وبقية المناطق، عدا عن منع البناء وتطوير مناطق "ج" البالغة ثلثي مساحة الضفة الغربية.
بعد العيد؛ تجدد وجع أهالي الأسرى، ففلذات أكبادهم وخيرة شباب فلسطيني المحتلة يقبعون في سجون وزنازين معتمة لا ترى الشمس، وتذوب أجساد الأسرى وتذبل زهرات شبابهم دون أن يجدوا أمل بالإفراج عنهم؛ سوى توفيق الله لصفقة الأسرى القادمة على غرار صفقة وفاء الأحرار واحد، صفقة " شاليط".
بعد العيد ما زال الانقسام الفلسطيني يوجع كل فلسطيني وكل غيور وشريف في الوطن المأسور، وما زال التشويه والانتقاص والفبركات سيدة الموقف في الحالة الفلسطينية؛ التي من المفترض أن تتفق على برنامج مقاوم موحد يوجع الاحتلال؛ بدل أن يوجع الفلسطيني أخاه الفلسطيني على غرار اختلاق قصة توزيع الشوكلاطه.
بعد العيد؛ صار سلاح الفلتان والفوضى يوجع الضفة الغربية؛ وشباب بعمر الزهور يقتلون لمجرد لحظة غضب دون تفكير، والجرح يتعمق في الحالة الفلسطينية؛ مما يستدعي تعميق ثقافة احترام القانون وأنه فوق الجميع.
بعد العيد؛ أعلن المستوطنون خططهم – جهاراً نهاراً- لاستنزاف الضفة وتدنيس المسجد الأقصى؛ والفلسطينيون لم يعلنوا خططهم لمواجهة تحدي المستوطنين؛ أو مواجهة التحديات المتعاظمة على الساحة الفلسطينية، ولا حتى مواجهة حالة القهر والتيه التي تعيشها الحالة الفلسطينية المعقدة والمستنزفة.
بعد العيد؛ ستتواصل حالة المواجهة مع الاحتلال، وستتعلم المقاومة الفلسطينية من أخطائها وتتغلب عليها لتوجع الاحتلال أكثر فأكثر، وهذه هي الحالة الطبيعية والجدلية في العلاقة مع المحتل؛ وهي رفضه ومقاومته بكل الطرق المتاحة؛ وهو ما تجيزه كافة القوانين والشرائع الدولية منذ فجر التاريخ وعصر الإنسانية.
في الضفة؛ سيذهب الزبد جفاء؛ وسيبقى ما ينفع المواطنين؛ وما ينفع الضفة هو الوحدة ورص الصفوف والكلام الطيب، وترتيب البيت الفلسطيني ضمن الحد الأدنى المشترك من العمل المقاوم؛ فالتصيد والفبركات واختلاق الأكاذيب؛ سرعان ما ينكشف في الحالة الفلسطينية ويعري صاحبها مهما أوتي من مكر ودهاء.
في جميع الحالات؛ سيرحل المحتل؛ كما رحل غيره عبر التاريخ؛ وفي جميع الأحوال فإن الحالة الفلسطينية لن تبقى على ما هي عليه ألان من وجع في القلب؛ وغداً سيخرج من يتحدى الاحتلال ويعد الخطط لمواجهته؛ لا الاستسلام له، وعندها سيكتب التاريخ بمداد من ذهب من خطط بحكمة وروية وقدم وضحى؛ لتحرير وطنه من دنس الاحتلال.