جاء نشر شريط فيديو الذي انتشر في جميع أنحاء العالم ويظهر قيام جندي "إسرائيلي" بإطلاق النار على الشاب الفلسطيني عبدالفتاح الشريف في تل رميدة في الخليل وهو ملقى جريحاً وقتله بدم بارد،
ليعري ويفضح الوجه الحقيقي "لإسرائيل" وقيادتها خاصة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي حاول استغلال تفجيرات بروكسل وتشبيهها بالمقاومة الفلسطينية والهبة الشعبية ولصق تهمة "الإرهاب" لها.
"إسرائيل" لم تتوقع ردود الفعل والانتقادات الواسعة في الصحافة الأمريكية والأوروبية حيث شكل ذلك دليلاً قاطعاً على صحة ادعاءات الفلسطينيين و"منظمات حقوقية إسرائيلية" بأن جنود "الجيش الإسرائيلي" يطلقون النار على فلسطينيين "مشبوهين بالهجوم" بهدف قتلهم حتى بعد شل حركتهم، كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
هذا كان سبب من الأسباب التي دعت كل من رئيس الحكومة نتانياهو و"وزير الأمن" موشي ياعلون لإصدار بيانات إدانة للجندي لما سببه الفيديو من حرج والضرر الاستراتيجي "لإسرائيل" على المستوى الدولي كما ذكر بعض المسؤولين "الإسرائيليين"، والقول إن هذا الجندي لا يمثل "قيم الجيش الإسرائيلي"، وأنه يتعارض تماماً مع "أخلاقيات القتال"، وأنه "سيتم التعاطي مع الموضوع بكل جدية من دون أن نتهاون في حربنا على الإرهاب الفلسطيني، لكن الويل لنا إذا قمنا بشيء يتعارض وقيم أخلاقنا وضميرنا".
وعلى إثر ذلك أثير نقاش وجدل وتضامن من أقطاب اليمين في الحكومة وخارج الحكومة على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ودشنت مبادرات وحملات تضامن مع الجندي للإفراج عنه وتبرئته، ونشرت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" رسالة صوتية من عائلة الجندي "الإسرائيلي" قرأتها شقيقته وخاطبت "الإسرائيليين" بصوت عاطفي مؤثر، ودافعت عن شقيقها، وقالت أنه قبل ستة دقائق من قتل "المخرب" كان بطل من الجميع وبعد القتل أصبح متهم، وأنه يتعرض لمحاكمة ميدانية من دون الدفاع عن نفسه، وأنه "سقط تحت غبار أحذية رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء".
كما استعانت العائلة بمستشار إعلامي ووظفته لمتابعة الحملة الإعلامية لمخاطبة الرأي العام للدفاع عن ابنها. وفي الوقت ذاته نشر موقع واللا "الإسرائيلي" خبر حول مبادرة قام بها جندي احتياط وقال إن الجندي المتهم "بطل إسرائيل" وطالب "الحكومة" بالإفراج عنه وأنه قام بجمع تواقيع على عريضة من 7 آلاف "إسرائيلي" و"جندي".
ويتضح أن حملة التضامن الإعلامية مع الجندي المتهم نجحت ولاقت أثراً في نتانياهو وبدأت تأتي أوكلها وأنه لحس تصريحات الإدانة التي أدلى بها سابقاً، فبالأمس كتب نتانياهو على حسابه على الفيسبوك مبرراً ما حدث في الخليل وقال، ما جرى في الخليل لا يمثل "قيم الجيش"، يتوقع "الجيش" من جنوده التصرف بأعصاب باردة ووفق تعليمات إطلاق النار، وأن الجنود يصدون بأجسادهم "هجمات إرهابية قاتلة" ضد "مواطني إسرائيل"، وهم يستحقون كل سند، وبشأن الحادثة الأخيرة، أعتمد على "الجيش" في إجراء "تحقيق مسؤول وعادل، كما يفعل دائماً".
المهم في كل ذلك أن ما يجري في "إسرائيل" هو نقاش عام بين مكونات "الإسرائيليين"، وأن هناك شبه إجماع على قتل الفلسطينيين، وأن "الإسرائيليين" يمارسون "ديمقراطيتهم" على دمنا في "الدفاع عن قضاياهم الداخلية والخارجية بحرية وضمن سيادة القانون والحريات المتاحة لهم" من دون خوف، ومبادرة عائلة الجندي بتشكيل "رأي عام" من دون أي تهديد أو قمع واستبداد من "السلطات"، ويوجد في "المؤسسة الرسمية قبل المعارضة" من يتضامن ويتبنى قضاياهم ويدافع عنهم ويحاولون تحويل المجرم لضحية. هم ينجحون في جعل المجرم بطل ونحن فشلنا في الدفاع عن أبطالنا وما زلنا نفشل في إدارة حتى نقاش وطني عام لإدارة حياتنا والدفاع عن قضايانا العادلة بما فيها اليومية، وغياب المؤسسة الديمقراطية والحريات العامة وسيادة القانون في ظل القمع والاستبداد الممارس بحق شعب يناضل للتحرر من الاحتلال.