Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

القدس دائماً تلبي النداء يا شهداء..!.. راسم عبيدات

القدس دائماً تلبي النداء يا شهداء..!.. راسم عبيدات

القدس أعادت للقراءة والثقافة اعتبارها من خلال أطول سلسلة بشرية للقراءة حول أسوار القدس في أذار من عام 2014، وكان من أهداف تلك المبادرة الشبابية التي كان الشهيد بهاء عليان واحد من أبرز وأنشط القائمين عليها، هو "تعزيز صمود المقدسيين بالمدينة، وإحداث حالة ثقافية في القدس، وتوحيد الثقافة الفلسطينية في الضفة والقدس وغزة والداخل الفلسطيني والخارج".

وها هي القدس في 26122015، تعيد الإعتبار لمن كان واحداً من روادها ورواد فكرتها.. ففي هذا اليوم كان الشهداء جميعاً متحلقين مع أهل القدس حول أسوار مدينتهم.. كانوا يدقون جدران الخزان بقوة.. ويقولون لا عذر لمن عرف الفكرة وآمن بها وادركها وتخلى عنها.. كانت أرواحهم تحلق فوق جموع الحاضرين تقول لهم استمروا في الطرق والدق والغناء والمجابهة.. نريد أن نخترق كل الحواجز والجدران لكي نصلي معاً في الأقصى والقيامة.. فالأقصى والقيامة رمز عزتنا ووحدتنا، كما أنهما رمزا وجودنا الحضاري والديني في هذه الديار المقدسة منذ ألآلاف السنين.. نريد أن ندخل القدس بإتجاه الأقصى والقيامة تحت راية علم فلسطين، ففلسطين هي الهدف الذي ترفعه كل أحزابنا وفصائلنا، أرواحنا تحلق فوقكم وتقول لك مللنا الإنقسام والشعارات الجوفاء و"الهوبرات" الإعلامية والتصريحات والبيانات والخطب الرنانة والطنانة واللقاءات المتلفزة، بأن القدس العاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية، فالقدس بحاجة لمن يقرن القول بالفعل، لمن يدعم ويعزز وجود وبقاء المقدسيين في قدسهم وعلى أرضهم.. نريد أن نعود لكي نرى أهدافنا قد تحققت.. نريد أن نرى الأطفال الذين شاركونا سلسلة القراءة في أذار من عام 2013 حول أسوار القدس قد كبروا وأصبحوا رجالاً في وطن حر بدون قيود أو حواجز وجدران.. نريد أن نرى اللاجئين يعودون إلى ديارهم التي شردوا منها قسراً بفعل طردهم وتدمير قراهم ومدنهم على يد العصابات الصهيونية إلى المنافي ومخيمات اللجوء المفتقرة إلى أدنى مقومات وشروط الحياة البشرية والإنسانية، ولم ينصفهم المجتمع الدولي الظالم بعد ثمانية وستين عاماً من اللجوء والتشرد، بل هناك من يصف نضالاتهم وتضحياتهم، من أجل نيل حقوقهم وحريتهم بـ"الإرهاب" ويناصر الجلاد على الضحية.

اليوم كانت وحشية الإحتلال متجسدة في أقبح صورها، جموع من المواطنين المقدسيين زادوا عن ألف وخمسمائة كباراً وصغاراً من مختلف المشارب الفكرية والسياسية ومؤسسات المجتمع المدني والحراكات الشبابية، جاؤوا لكي يقولوا للإحتلال الغاشم.. من حقنا أن نحيا ونعيش بحرية وكرامة.. ومن حقنا أن نستلم جثامين شهداءنا.. امنعوا الطيور من التحليق في سماءنا، صادروا بسطات الخضار من على أرصفة شوارع القدس.. وامنعوا عنا الهواء.. انسفوا ودمروا بيوت الشهداء والأسرى، هددوا بسحب إقاماتهم وطردهم إلى خارج مدينة القدس، "شرعوا" من خلال "قوانينكم وتشريعاتكم" العنصرية سياسة الإعدامات الميدانية  على راشقي الحجارة وملقي الزجاجات الحارقة وحتى مطلقي الألعاب النارية "الفتاش"، أو من تختلقون الحجج والذرائع نتيجة حالة هلعكم وخوفكم، بأنه حاول دهس أو طعن جنودكم أو مستوطنيكم، وكذلك ضمن سياساتكم الرامية لبث الرعب والخوف عند أطفالنا وشبابنا، وقتل روح النضال والمقاومة عندهم.. مارسوا كل طقوس ساديتكم وهمجيتكم، اجلبوا التقارير النفسية لقتلة الشهيد الفتى أبو خضير، بأنهم يعانون من الإنفصام والإضطرابات النفسية والعقلية، واعملوا على تبرئتهم، وتساهلوا وتواطؤا وتستروا على قتلة وحارقي عائلة الدوابشة أحياءاً.. فطقوس مستوطنيكم في أعراسهم وهم يطعنون صور من أحرقوهم من أطفال عائلة الدوابشة تكشف حقيقة حقدكم وعنصريتكم.. كل إجراءاتكم وممارساتكم وجرائمكم وتشريعاتكم وقوانينكم، وعقوباتكم الجماعية وسياسة التطهير العرقي وغيرها، لن تجعلنا نتخلى عن حقنا في الحرية واستعادة جثامين شهداءنا.. هؤلاء الشهداء تحتجزون جثثهم الطاهرة وتعتدوا على أعضائها وتسرقونها.. وتمنعون حتى دفنها بما يليق بكرامة الإنسان، ليس فقط تصرفاتكم منافية لكل الأعراف والمواثيق والإتفاقيات الدولية، بل متجردة من كل المعاني الأخلاقية.. فمن يعدم الشاب مصعب الغزالي من ذوي الإحتياجات الخاصة بدم بارد في القدس، وقبلها بيوم السيدة حورية حماد في سلواد.. ليس بغريب عليه أن يمعن في إذلال الناس وإمتهان كرامتهم، أو قمع المشاركين في المسيرة السلمية بوحشية وهمجية بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل الغازية والصوتية، لا لشيء اقترفوه سوى أنهم يتحلقون حول أسوار القدس مطالبين بتسليم جثامين شهدائهم، تقمعونهم وتهابون وجودهم ومسيرتهم السلمية لأنها تعريكم وتفضحكم أمام الرأي العام العالمي، هذا الرأي العالمي الذي أصبح شيئاً فشيئاً يعي حقيقة دولتكم العنصرية، وممارساتكم الهمجية المتعارضة مع كل ما يمت لحقوق الإنسان أو القانون الدولي والإنساني بصلة، وتزداد عزلتكم ومقاطعتكم على المستوى الدولي.. وعلى مقربة من قمعكم للمسيرة السلمية، وفي مقر الصليب الأحمر بالقدس يعتصم الشابان سامر أبو عيشه وحجازي أبو صبيح إحتجاجاً على قرارات الإبعاد الصادرة بحقهم عن مدينتهم وأسرهم وعائلاتهم ومركز حياتهم، لا لشيء سوى أنهم يرفضان وجود الإحتلال والعيش بذل وبدون كرامة.

القدس كانت وستبقى سيدة الحدث والموقف والمبادرة، وهباتها الشعبية والجماهيرية لا ولن تهدأ أو تتوقف، ما دام الإحتلال يعتقد بأن الحل فقط بالحلول الأمنية والمزيد من القمع والتنكيل، والعقوبات الجماعية وسنّ المزيد من "التشريعات والقوانين" العنصرية، فالإحتلال جرّب كل أشكال العقوبات وأنواعها، ولكن لم يستسلم المقدسيون ولم يرفعوا الرايات البيضاء، فهم يريدون أن يعترف هذا المحتل الغاشم بحقوقهم، ويرفضون العيش بذل وبدون عزة وكرامة، يريدون أن يرحل عنهم هذا الإحتلال أصل وجذر كل المشاكل والشرور.

غادر المقدسيون أسوار القدس التي تحلقوا حولها مطالبين بتسليم جثث شهدائهم، بعد قمعهم بهمجية ووحشية من قبل جيش الإحتلال وشرطته وخيالته، ولكن أرواح الشهداء بقية متحلقة حول أسوار القدس، وهي تقول لن نغادر أماكننا قبل أن يسمح لنا بالدخول من بوابات القدس للأقصى والقيامة مع الجموع القادمة مرة ومرات، لكي نصلي معاً في الأقصى وندفن في رحابه تحت راية فلسطين التي دفعنا مهرها دماً وشهادة.

فهل يفهم الإحتلال الرسالة ويفرج عن جثامين الشهداء، أم يستمر في قمعه وعنجهيته وتنكره لكل حقوق شعبنا..؟