Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الخبرة التي طردت موتا محتما!

الخبرة التي طردت موتا محتما!

في أحلك الظروف وأكثرها قسوة، استطاع الشباب الفلسطيني إعطاء دروس تثبت قدرته على التعامل مع المواقف الصعبة بما فيها النجاة من موت محتّم.

 

شريط مصور تداولته صفحات التواصل الاجتماعي في الـ10 من تشرين أول/ أكتوبر الفائت، يظهر مهارات أحد الشبان في مقارعة جيب تابع للاحتلال حاول دهسه، في منطقة البالوع شمالي مدينة البيرة في الضفة الغربية.

وترافقت المشاهد الاستعراضية للشاب تحت المصفحة "الإسرائيلية"، بذهول المصورين والصحفيين المنتشرين في المكان، والحاضرين إليه بهدف تغطية المواجهات إعلاميا، ليجدوا أنفسهم شاهدين وموثقين لصورة فريدة تضاف إلى السجل الكفاحي الفلسطيني.

"دعسوووو... عرضك.!" يصرخ أحد الصحفيين مانحا عدسته "زوم" للتركيز بدقة في همجية المحتل.

وبعد ثوان قليلة يستدرك الصحفي ذاته، بناءً على مستجدات المشهد الذي وثقه بيديه، قائلا: "أسد أسد والله أسد!" دليلا على اندهاشه الكامل حيال ما رآه، بأن نجا الموشّح بالكوفية من موت محدق.

وفي شهادة لأحد الشبان المشاركين في المواجهات بالتاريخ المذكور: "حاولنا إشغال السائق بالحجارة علّه يخاف ويتوقف ونحول دون استشهاد زميلنا". ويضيف بلكنة ضفاويّة جميلة، مفضلا عدم الإفصاح عن اسمه خشية التعرض للاعتقال من قبل مخابرات الاحتلال: "بصراحة بعرفش كيف نفد هاذا السوبر مان! هههه".

وتعبيرا عن دهشتها بنجاته وخروجه من بين عجلات الجيب حيّا يرزق، كتبت الباحثة والناشطة السياسية الفلسطينية دينا جبر على صفحتها الفيسبوكية: "رام الله.. بيت العناية الإلهية!" مرفقة كلامها بالمقطع المصور لحادثة الدهس.

أما الناشط الإعلامي الفلسطيني جاد قدسي فيصف الصور قائلا: "الخبرة كانت حاضرة بقوة، كيف لشخص أن يمارس الانحناء في وقت قصير تحت مقدمة مركبة عدو يقوم بقتله، قبل أن تسير فوقه بلحظة!".

ويضيف: "عادة من يتعرض لهكذا موقف يضع روحه على كفه دون أدنى أمل بالنجاة ويفقد القدرة على التركيز نتيجة ضيق الوقت، لكن عجينة الإرادة صنعت في فلسطين وصُدّرت إلى أرجاء المعمورة".

تجارب الشبان الفلسطينيين دللت على خبرة مبكرة اكتسبها هؤلاء من واقع حياتهم الصعب تحت الاحتلال، وهو ما عبّر عنه ناشط شبابي اجتماعي من أبناء البيرة، متحفظا عن ذكر اسمه، بالقول: "الخبرة في أحلك الظروف أن يتمكن شاب فلسطيني من صناعة حظه بيده عبر التجارب المتعاقبة التي يخوضها خلال فترة قصيرة".

وبعفوية خالصة صادرة عن أنثى فلسطينية رقيقة، تقول بيان، الطالبة في كلية الإعلام بجامعة بيرزيت: "والله تعمدو يطلعو فوقو ع البطيء ع شان يفعسوه"، غير أنها تشيد بالشاب واصفة إياه بـ"البطل الذي غلب الغزاة بذكائه، وعاد إلى قاعدته سالما".

وعلى صعيد متمم، يشخص الناشط الحقوقي الفلسطيني عبدو البني الموقف من الناحية القانونية، قائلا: "يصنف ما ارتكبه جنود الاحتلال ووثقته الشهادات وعدسات الصحفيين بالجريمة، فشروع بالقتل العمد لا يقل عن جريمة القتل عينها".  ويتابع: " الانتهاكات بحق الشبان تتنوع، لتشمل إطلاق الرصاص عليهم، والاعتداءات بالضرب المبرح، فضلا عن المطاردة والاعتقال، وأخيرا وليس آخرا تعمد دهسهم في نية مبيتة لتجريد المجتمع الفلسطيني الفئة الفاعلة".

مساع حثيثة يبذلها الاحتلال لتمزيق صورة الحياة التي رسمها الشبان الفلسطينيون في قلب موتهم، عبر ارتكاب مزيد من الجرائم بحقهم، وابتداع طرق جديدة للتخلص منهم، غير أن محاولاته تبوء جميعها بالفشل بعد كل مرة ينجو فيها شاب على الأقل من موت رآه بأم عينيه، مستخدما مايعرف بـعنصر الخبرة المخصص للمواقف الحرجة.