Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

انتفاضة ترسم ملامح جديدة..! عباس الجمعة

انتفاضة ترسم ملامح جديدة..! عباس الجمعة

بدأت الانتفاضة ترسم ملامح نضالية جديدة بتصاعدها من خلال الشباب الفلسطيني، حيث زاد من وهجها القوي انصراف الواقع العربي شعوباً وقيادات وأحزاباً إلى أولويات أخرى لو استثنينا في بعض الدول العربية رغم جراحها العميقة النازفة.

من هذا الواقع نرى أن الانتفاضة تمتلك وعياً وطنياً يتطور وإرادة مقاومة تشتد وهذا يعبّر عن رسوخ أن الشعب الفلسطيني متمسك بكافة أشكال النضال رغم تواضع الإمكانات يسجّل تاريخ النضال الفلسطيني من ملحمة متواصلة، لم تكن أولى في تاريخ نضاله الذي ابتدأ منذ ثورة القدس عام 1920 مروراً بثورة البراق عام 1929، ثم ثورة القسام عام 1935 ثم الثورة الكبرى عام 1936-1939 مروراً بانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965 وانتفاضة يوم الأرض عام 1976 والانتفاضة الأولى عام 1987 وانتهاءً بانتفاضة الأقصى التي لا تزال متأججة منذ عام 2000 وصولاً إلى انتفاضة القدس اليوم، إلا أن مقياس نجاح أي مقاومة هو مدى تحقيقها لأهدافها، في تحقيق الهدف الأدنى وهو تحقيق الحقوق المشروعة التي أعلن عنها في وثيقة الاستقلال عام 1988، أي حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

وإذا أردنا أن نصحّح مسار النضال ببعديه السياسي والنضالي حتى يمكن تحقيق الحد الأدنى من أهداف الشعب الفلسطيني، فإن علينا تقييم المرحلة ونحن نتطلع إلى ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني ورسم رؤية مشتركة تقود كفاح الشعب الفلسطيني إلى مرحلة جديدة تستند إلى الثوابت الفلسطينية.

إن تصويب الوضع الفلسطيني المأزوم يحتاج إلى حماية سياسية وإلى إنهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها على أرضية شراكة وطنية وبلورة برنامجها حتى تستطيع تحقيق برنامج كفاحي وفتح الآفاق وآليات الانتفاضة الشعبية، ويكون الاستقلال هدفاً رئيسياً لها حيث لا أمن للاستيطان والاحتلال في فلسطين دون الحقوق المشروعة وغير القابلة للتصرف.

إن الشعب الفلسطيني يملك من القوة والإرادة وروح الفداء وعناصر الإصرار ما يرغم الجميع من الأعداء على إعادة حساباتهم السياسية، لذلك يجب إبعاد القضية الفلسطينية عن المحاور الإقليمية، وأعتقد جازماً بأن الكل يعترف بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبت بحق شعبنا الذي يستحق الاحترام، لدوره الفاعل في التضحية.

إن تصاعد المواجهات التي يخوضها الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة، حيث تمتزج الدماء على حدود الأرض الفلسطينية المحتلة بدماء الشهداء والجرحى، حيث تكتسب الانتفاضة قيمتها وأهميتها رغم ما يرتكبه الاحتلال من جرائم  دون أن يحرك ساكناً أولئك الذين يسمون أنفسهم (المجتمع الدولي)، وهو نفسه (المجتمع) الذي هبّ من أقصاه إلى أقصاه لتلبية نداء مراكز الإرهاب العالمية، فنظم أكبر عملية تجنيد للمرتزقة وأرسلهم إلى دول المنطقة، بهدف تفتيتها من الداخل وقصم ظهر جيوشها الذي تشكل القوة الرئيسية للشعوب العربية، في مواجهة مؤامرات الإمبريالية والصهيونية ومخططاتها.

إذاً نقول بكل وضوح ان القضية الفلسطينية ليست قضية عاطفية، وليست مواقف متشددة يتخذها بعض العرب الوطنيين، بل القضية المركزية للأمة العربية، لأن شعب فلسطين اليوم بمواجتهه للاحتلال إنما يدافع عن الأمة العربية حيث يسطر ملحمة جديدة من البطولات، وليكشف من جديد عورات الأنظمة العربية المستسلمة التي لا همّ لها سوى استمرار التآمر على القضية الفلسطينية وتفتيت الدول وضرب قوى المقاومة، بينما يُترك شعب فلسطين يواجه الاحتلال بصدور عارية.

من هنا نرى أن البوصلة في حركة الشعوب العربية هي قضية فلسطين، هذا الحلف هو الذي احتضن خيار المقاومة، وها هي الانتفاضة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، تقدم الأمثولة بشاباتها وشبابها حيث تفضح الزيف والضلال في كل ما أشاعته قوى ما يسمى الربيع العربي المرتبطة بالمشروع الإمبريالي الصهيوني، ليؤكد الشعب الفلسطيني بانتفاضته مراكمة عناصر القوة والقدرة على ردع الاحتلال الإسرائيلي المتمادي.

إن الشعب الفلسطيني يناضل منذ عقود طويلة ضد الإرهاب الإمبريالي الصهيوني الرجعي في فلسطين والمنطقة وقد دفع تضحيات كبيرة في مسيرته النضالية وكان ضحية للاحتلال والإرهاب بعينه وتجسيداً حياً للسياسات الإجرامية التي يسلكها معسكر العدو بكل أطرافه الإمبريالية والصهيونية والرجعية وهذه حقيقية بديهية تدركها الأمة بالتجربة الحية ومن المحيط إلى الخليج.

وفي ظل ظروف الانتفاضة الباسلة في فلسطين يأتي ما يسمى "تحالف إسلامي ضد الإرهاب" تحت جنح الظلام، وهذا يعكس الذهول ولكن هذا الحلف المعلَن عنه لن يخرج عن كونه "قنبلة صوتية" يحاول البعض أن يخلقه كموقع على الساحة الإقليمية، خصوصاً بعد فشل حلفهم في الانتصار على اليمنيين الفقراء، وبعد فشلهم في احتكار المعارضة السورية ورفض موسكو وسورية لهذه المحاولة، والتصدي لها بكافة أشكالها، ولكن من يريد مقاومة الإرهاب بالفعل عليه توجيه كل إمكانياته إلى صانع الإرهاب العدو الصهيوني بالدرجة الأولى الذي يقترف المجازر بحق الشعب الفلسطيني ويستهدف الحجر والشجر والبشر وكذلك أعوانه من القوى الإرهابية التكفيرية التي تستهدف شعوب المنطقة ودولها بهدف تفتيتها لحساب المشاريع الإمبريالية الاستعمارية الصهيونية.

وأمام هذه الظروف نقول إن ما يسمى التحالف الإسلامي لمناهضة الإرهاب لا يمثل إلا من اتخذه، لأن الشعوب العربية والشعب الفلسطيني يدرك الدور الأمريكي والصهيوني الرجعي في فلسطين على وجه الخصوص وفي اليمن وسوريا والعراق وفي المنطقة عموماً، وإن هذا الحلف لا يمكن أن يعمل على مناهضة الإرهاب.

ختاماً: لا بد من القول، إن فلسطين هي القضية المركزية التي يتوقف عليها مستقبل المنطقة وهي الساحة الإقليمية الأولى التي يتقرر فيها التوازنات  تلك الحقيقة حكمت تاريخ المنطقة منذ عقود ولا تزال هي الأساس الذي يمكن لأي كان أن يبني عليه في فهم التطورات والأحداث الجارية في أي مكان من المنطقة أن "إسرائيل" زرعت لتكون قوة هيمنة وسيطرة وقاعدة استعمارية غربية تستنزف شعوب المنطقة وتمنعها من التقدم وهذا هو جوهر التناقض، ومن لا يقرّ بهذه الحقيقة يضل الطريق ويقع في فخ الوهم، لذلك علينا اليوم ألا نضيع ونتوه في الأوهام، لذا لا بدّ أن ندرك بأن فلسطين هي الأساس ويجب أن تعود إلى قلوب وعقول الناس أقوى مما كانت عليه حتى تحقيق النصر الأكيد.