إلى الذين نظروا بعينهم يحركها قلبهم وعقلهم، مشاعرهم وأحاسيسهم، ذكرياتهم وكرامتهم، أحبتهم وعشقهم من أن لا عيش فى هذه الدنيا إلا عيش الأحرار. ولا خير في دنيا يكون الحر فيها عبداً خنوعاً ذليلاً للآخرين مهما كانت الأسباب،
إلى من سقط وهو يدافع عن كرامة وطنه وحدوده وشعبه من الهجمات الصهيونية، إلى كل من حمل البندقية والقلم يذود بهما كل من موقعه وطريقته ومجهوده وإلى الأكرم منا جميعاً الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عنا وعن فلسطين.. في حربنا ضد العدو الصهيوني دفاعاً عن ارضنا وشعبنا وثرواتنا التي استبيحت من قبل العدو، أولئك الشهداء جميعهم كانوا يؤدون واجب الدفاع عن الوطن..
حاربوا العدو بكل شجاعة حيث كانوا يمسكون البندقية ليدافعوا عن وطنهم نعم إنهم رجال المهمات الصعبة..
لا توجد لحظة حزن تعادل لحظة الكتابة عن شهيد استشهد في سبيل الوطن والدفاع عنه وعن مكتسباته وتنفيذ رسالته النبيلة.. نعم شعرت بالحزن وأنا اكتب هذه الكلمات عن شهداء الوطن ولكنه حزن مشبع بالغبطة والاعتزاز بهم كونهم شهداء..
والشهيد كما هو معروف من "الشهود" أي الحضور والمشاهدة، وبمعنى آخر أن الملائكة تشهده حين يستشهد إكراماً له وتكون الشهادة أيضاً من الإسلام منذ بدايته وانتشاره. وما قدّمه رجاله الأوائل من تضحيات وشهادة في سبيل انتشاره ودفاعاً عنه. ولا شك أن في الإسلام شهداء عظام من الصحابة والتابعين، ومع مرور الأيام والسنوات شهدت هذه الأرض الطيبة فلسطين، أرض الرسالات، استشهاد الآلاف من الشهداء في سبيل إعلاء كلمة الحق وتحرير فلسطين، يقدم الشهداء جيلاًً بعد جيل. فهذه سنّة الحياة لا بد من ارتقاء شهداء خلال الحروب والمواجهات مع العدو الصهيوني.
إن الشهيد لا يوصف إلا بـ الشهيد فليس هناك كلمة يمكن لها أن تصفه، ولكن قد تتجرّأ بعض الكلمات لتحاول وصفه، هو شمعة تحترق ليحيا الآخرون، وهو إنسان يجعل من عظامه جسراًً ليعبر الآخرون إلى الحرية، وهو الشمس التي تشرق إن حلّ ظلام الحرمان والاضطهاد وهو نجمة الليل التي ترشد من تاه عن الطريق، وهو... وهو...
وتبقى الكلمات تحاول أن تصفه ولكن هيهات، فهذا هو الشهيد.
إذاً الشهيد هو رمز الإيثار، على كلّ واحد منّا أن يتحدث عنهم، عن أخلاقهم وصفاتهم الرائعة وكلماتهم النيّرة، فهذه ـ بنظري ـ أمانة في أعناقنا علينا أن نؤديها، فإذا كنا نحن من أُنعِمَ الله علينا بمعايشتهم لا نتحدث عنهم فمن الذي سينقل كلماتهم الطيبة وسماتهم الصالحة إلى الآخرين الذين حُرموا من معرفتهم، أو إلى الأجيال الأخرى القادمة التي لا تعرف بأن على هذه الأرض مشى أناس من أفضل من كانوا في عصرهم.
نحن نظلم شهدائنا مرة أخرى فهم ظُلموا وقُتلوا ونحن نأتي لنظلمهم ثانية فنغطّي آثارهم، وندفن أفكارهم كما دُفنت أجسادهم ظلماً وعدواناً.
أهذا جزاء الشهيد؟! أهذا هو جزاء تلك الدماء الطاهرة؟! أمِن الحبّ لهم أن لا ننشر أفكارهم، إن الأمة التي تنسى عظمائها لا تستحقهم.
ولذا فعلينا أن نستذكر كل شهيد في كل يوم كذكرى أيّام ولاداتهم واستشهادهم، وأن لا ننسى بأن الجلادين الذين قتلوهم لم يكن هدفهم سوى أن يمحوا أثرهم من هذه الدنيا وبسكوتنا نحن سنحقق أهدافهم، ولكن إن شاء الله أن شعب فلسطين سيبقى دائماً وفياً لهؤلاء الأبطال وأن يبقى على العهد وفي نفس الطريق يسير.
فندعوا من جميع الأخوة والأخوات بأن يساهموا في نشر مآثر الشهداء سواء بالكلمة أو بالقصة أو بالرسم والصورة أو بالشعر وغيرها من وسائل التعبير..
اللهم ارحم شهدائنا الأبرار..