محمد البطش المراقب للنشاط الدؤوب الذي تقوم به حركة الجهاد الإسلامي-قبل اندلاع الانتفاضة وأثناءها- يقرأ في أسبابه ودوافعه الكثير.
(1)
ليس خافياً ما أحدثته الإضرابات "الفردية" لأسرى الحركة في سجون الاحتلال من حراكٍ في الشارع الفلسطيني تفاعلت معه قطاعات واسعة من الجماهير الفلسطينية في كافة المناطق بما فيها الأرض المحتلة عام 48.
لقد أسست تلك الإضرابات لحالة نضالية مهمة وأعادت الانتصارات التي حققها الأسرى الروح للشباب الفلسطيني حيث تعززت لدى الشباب القناعة بأن خيار المواجهة مع الاحتلال قادر على تحقيق إنجاز وإعادة حضور القضية الفلسطينية.
وإلى جانب الحراك المتصاعد مع الأسرى، جاءت سلسلة من الحوادث المتلاحقة في الضفة الغربية شكلت في مجملها عوامل حركت الشارع الفلسطيني:
- 127 خضر عدنان ينتصر بعد ملحمة بطولية استمرت 65 يوماً من الإضراب والتفاعل الشعبي.
- 237 مواجهات في بيت أمر عقب استشهاد الشهيد فلاح أبو ماريا.
- 317 المستوطنون يرتكبون جريمة إحراق عائلة دوابشه في بلدة دوما قضاء نابلس.
- 218 محمد علان ينتصر بعد 65 يوماً من الإضراب والتفاعل الشعبي الواسع معه المظاهرات في قلب المدن العربية المحتلة عام 48، كانت سرايا القدس قد هددت برد قاسٍ في حال استشهد علان ولم تستجب سلطات الاحتلال لمطالبه.
- 288 الدكتور رمضان عبدالله يقول إن الانتفاضة في الضفة الغربية قريبة.
- 19 مواجهات في مخيم جنين وإفشال محاولة لاعتقال الشيخ بسام السعدي.
- 229 استشهاد ضياء التلاحمة، برصاص الاحتلال أثناء محاولة تفجير عبوة بدورية للجيش الصهيوني في الخليل
- 229 الاحتلال يعدم الطالبة هديل الهشلمون في الخليل.
- 110 عملية إيتمار البطولية، التي نفذتها مجموعة من كتائب القسام قرب نابلس.
- 310 عملية بطولية للمجاهد مهند حلبي في القدس المحتلة.
- 310 اندلاع مواجهات واسعة في الضفة الغربية والقدس وتصاعد في عمليات الطعن والدهس.
أسهمت هذه الأحداث المتلاحقة في فترات زمنية متقاربة جداً في تعبئة الشارع الفلسطيني، وشكلت إلهاماً للشباب والطلبة الجامعيين على وجه خاص، وكان من أبرز تأثيرات هذه الأحداث وتحديداً حادث استشهاد مسؤول الرابطة الإسلامية في جامعة القدس ضياء التلاحمة، المهرجان الطلابي الحاشد الذي أقيم على أرض الجامعة بتاريخ 299 ، حيث اصطف فيه عشرات من طلاب الجامعة ومن بينهم مهند حلبي لتقبيل رأس والد زميلهم ضياء، في مشهد يدلل على عمق الأثر الذي تركه فيهم الشهيد ضياء.
(2)
حركة الجهاد الإسلامي قرأت الأحداث مبكراً وأطلقت عليها "انتفاضة القدس"، ودخلت وسائل الإعلام المحسوبة على الحركة مبكراً في التغطية المفتوحة للمواجهات التي تصاعدت واكتسبت زخماً شعبياً كبيراً بعد العملية البطولية التي نفذها الشهيد مهند حلبي الذي بات رمزاً لهذه الانتفاضة.
وعلى صعيد العمل الجماهيري المساند للانتفاضة بدأت الحركة بتنظيم مسيرات الإسناد للانتفاضة وكانت المسيرات الحاشدة في قطاع غزة ولبنان 910 لافتة من حيث العنوان والإعلان الواضح بدعم الانتفاضة وتحديد سبل دعمها وإسنادها، وكان لافتاً التركيز على رفع العلم الفلسطيني والشعارات الوطنية كأحد ركائز تحشيد الكل الوطني خلف هذه الانتفاضة.
وتوالت بعد ذلك الفعاليات المشتركة مع القوى الوطنية والإسلامية تارة، ومع حركة المقاومة الإسلامية حماس في أيام الجمعة تارة أخرى، كما نظمت الحركة مسيرات وندوات أخرى كانت تتميز بمشاركة حركة فتح.
(3)
استطاعت حركة الجهاد الإسلامي جمع القوى الوطنية والإسلامية، على دعم الانتفاضة رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها العلاقات الوطنية الفلسطينية بسبب تباين الرؤى والمواقف والاختلاف حول آليات تنفيذ بنود المصالحة، وبدا واضحاً أن حركة الجهاد تملك رصيداً يمكنها من جمع الفصائل على قاعدة حماية الانتفاضة واستمرارها.
لن يكون اللقاء الوطني الذي عقد بمناسبة دخول الانتفاضة شهرها الثاني في مسجد الشهيد عز الدين القسام الذي يعد أحد المعاقل الرئيسية والتاريخية للحركة في قطاع غزة، هو الأخير لجمع القوى الخمس الرئيسية في الساحة الفلسطينية، وقد سبقه أيضاً مسيرة كبيرة في مخيم جباليا (مخيم الثورة) شاركت فيها القوى الخمس أيضاً. وهي أنشطة تهدف الحركة منها لتكريس مبدأ دعم الانتفاضة وجعلها هدفاً يلتقي عليه الكل الوطني.
تؤمن الحركة أن الإجماع الوطني أهم ركيزة لاستمرار الانتفاضة، ولعلّ ما جاء في مقابلة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بتاريخ 311 على قناة فلسطين اليوم يدلل بقوة على ذلك عندما قال إن استمرار الانتفاضة في الضفة الغربية يحتاج لدعم وتأييد وانخراط حركة فتح بشكل كبير.
الحركة التي دفعت بثقل كبير في دعم المصالحة، تدرك أن كل الاتفاقات ستعجز عن تحقيق الوحدة، لكن الطريق الأقرب لوحدة الصف هو انخراط الجميع في مشروع الانتفاضة والمواجهة مع الاحتلال حيث لا عوائق يمكن أن تحول بين وحدة الثوار في ميدان المواجهة وبذلك نفهم إصرار الحركة على مواجهة كل الظروف القاسية والدفع بأبنائها وعناصرها نحو الانتفاضة مبكراً.