كان متوقعاً أن يخرج اجتماع "الكابينت" بسلسلة قرارات تقود لخطوات يعتقد "نتنياهو" أنها عقابية، ويمكن لها أن تحد من موجة العمليات الحالية وتعمل على وقف زخم انتفاضة القدس؛ التي ما زالت تدب الرعب في دولة الاحتلال الهشة القائمة على الهوس الأمني؛ حيث لا يريد أن يفهم "نتنياهو" أن المشكلة في الاحتلال وليس شيء آخر.
حالة الهوس الأمني في دولة الاحتلال ينطبق عليها المثل العربي "ما زاد عن حده انقلب ضده"؛ وهو ما تجلى بطعن مستوطن لآخر، وارتفاع المكالمات الهاتفية الأمنية، وتراجع الحالة الاقتصادية والبورصة والخوف حتى من التسوق، وفراغ الشوارع في دولة الاحتلال التي يقودها "نتنياهو" المتغطرس بقوته وظلمه وغيه.
من قرارات "الكابينت؛ تجنيد جنود للعمل إلى جانب الشرطة من اجل توفير الحماية، وهدم منازل منفذي العمليات فوراً، وسحب الهويات من منفذي العمليات في أراضي 48 ومن يقدّم لهم المساعدة، وحصار أحياء فلسطينية بالقدس المحتلة وإحاطتها بالشرطة والجيش؛ وكأن القدس كانت تنعم قبل القرارات بالهدوء والسكينة وعدم سحب الهويات وهدم المنازل والاعتداء من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال وشرطته.
كعادة الطغاة عبر التاريخ الذي لا يعتبرون وتأخذهم دائماً العزة بالإثم؛ راح "نتنياهو" يبحث عن حلول عسكرية وبطشية وعكسية لمشكلة القدس المحتلة وهي الخلاص من الاحتلال؛ فراح يكثر من تحويل القدس لثكنة عسكرية وميدان تدريب للقتل المباشر لأطفال وفتيات القدس وأمام الكاميرات؛ وراح يتففن بكل الطرق والأساليب الظالمة العقابية.
مما كتبه بعض شهداء القدس على مواقعهم الاجتماعية قبل استشهادهم؛ أنهم يعلمون أنه بعد استشهادهم سيتم هدم منازلهم؛ وانه لا قيمة لحجر وبناء أمام الحرية والكرامة؛ وهو ما يعني فشل كل "الحلول الأمنية" مسبقاً التي يتبجح فيها نتنياهو.
قرار نشر الجيش لستة كتائب لمساعدة الشرطة في قمعها لأهالي القدس لن يثني المقدسيين عن المضي قدماً في المطالبة بحريتهم وحقوقهم، وتجنيد 300 "رجل أمن" جديد لتأمين الحماية والأمن للمواصلات العامة، هو السير في الطريق المعاكس لمنطق الأمور وهو ما يعمل على تأجيج للوضع؛ بدل البحث عن حلول منطقية بوقف احتلال شعب مسالم؛ كل مطالبه تتلخص في كلمة واحدة وهي الحرية.
من قرارات "الكابينت" أيضاً؛ هو مباشرة الجيش والجهات المختصة بتطبيق تعليمات نتنياهو باستكمال بناء جدار الضم والتوسع خاصة جنوب مدينة الخليل؛ وهو ما يعني أن "نتنياهو" يكابر ويغالط نفسه ولا يريد أن يعتبر من دروس الطغاة عبر التاريخ الذين قصمهم الله وأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
"نتنياهو" لا يريد أن يوفر بحر من الدماء وينهي احتلاله للشعب الفلسطيني؛ وهو متعطش للدماء وإشعال الحروب بإصراره على مواصلة الاستمرار في آخر احتلال في العالم؛ هو لا يعتبر ولا يتعظ من مصير الظلمة عبر التاريخ؛ وغداً سيجبر مضطراً أن يطلب الصفح من أمهات الشهداء وعموم الشعب الفلسطيني؛ بعد أن يكون وقتها لا ينفع الندم.