تتواصل الجهود لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية؛ وصار الجدل حولها حديث الساعة، خاصة بين التيارين القويين والرئيسيين على الساحة الفلسطيني حركتي فتح وحماس، ولتجنب إخفاق الحكومة المقبلة لا بد من أسس صحيحة لتشكيلها كي تنجح.
ولكي تتجنب الحكومة القادمة الضغوط السياسية والاشتراطات على السلطة الفلسطينية وقوى الشعب الفلسطيني؛ لتشكل دون برنامج سياسي؛ وبدون تبني برنامج منظمة التحرير؛ كون المنظمة تعترف بـ"إسرائيل"؛ وبهذا تتجنب الضغوط المتنوعة والمختلفة والتي ذاق مراراتها الشعب الفلسطيني في غالبية الحكومات السابقة.
أهل مكة أدرى بشعابها، وهو من أسس نجاح الحكومة المقبلة؛ عبر قدرتها على إدارة الشأن الداخلي باقتدار؛ والقدرة على المناورة في التغلب على الضغوط الأمريكية والأوروبية وشروط الرباعية ورفضها، فلا يجوز لمن هو خارج البيت الفلسطيني أن يوجه البيت ويتحكم في مجريات حياته السياسية.
كذلك من أسس نجاح الحكومة هو بعدها عن التنسيق الأمني؛ الذي هو بالأصل لا يحقق أية مصلحة فلسطينية؛ بل يعمق الفجوة بين أكبر قوتين فلسطينيين ويزيد الشرخ بينهما، ولا بد من الابتعاد عن كل ما يمكن له أن يتسبب بإخفاق الحكومة القادمة.
الإطار القيادي المؤقت أشمل واقوي من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؛ ويحوز على رضا وقبول لدى غالبية الشعب الفلسطيني؛ ومن هنا فان تسيير الأمور من قبله يكون أقرب للصواب ونجاح حكومة الوحدة لاحقاً.
دفعت ظروف مختلفة قيادة السلطة لتشكيل حكومة جديدة؛ منها المحلي ومنها الخارجي؛ وتختلف التقديرات بشأنها، لكن لا يختلف اثنان على أن إخفاق حكومة التوافق هو سبب رئيس عدا عن حراك داخلي فتحاوي، وظروف أخرى عديدة.
فلسطينيا؛ تم الطلب أكثر من مرة إصلاح المنظمة كي تواكب المستجدات الجديدة والتغيرات المحلية والدولية بروح جديدة وفعالة، وتجدد دمائها؛ وتتخلص من إشكالية اعترافها بدولة الاحتلال، إلا أن الجهود والمطالبات لم تقدر على إحداث انجاز في هذا الأمر.
التخلص من كل ما هو غير وطني هو احد مهمات الحكومة الجديدة، ولا بد من فعل حقيقي على الأرض في هذا الأمر ضمن رؤية وخطط واضحة، والاحتلال طبعا سيضغط وهو أمر متوقع وليس بالجديد في العلاقة مع المحتل؛ ولا بد من خطط محكمة ودقيقة لذلك، وقدرة للتغلب على هذه الضغوط؛ بتفعيل الطاقات الخلاقة والتي لا تنضب لدى الشعب الفلسطيني الذي هو على استعداد لتقديم الغالي والنفيس لأجل حريته.
الإجماع الوطني هام لتشكيل أية حكومة قادمة؛ ومشاركة مختلف الفصائل والقوى الحية أمر هام وحيوي حتى لا يشعر أحد بالتهميش؛ ويتعاون الكل الفلسطيني في إنجاح الحكومة وتخطي الضغوط والمعوقات.
حل مشكلة الموظفين هامة جدا، وحيوية للحكم على مدى وجدية الحكومة القادمة ونجاحها؛ فلقمة الخبز لا يساوم عليها ولا تخضع للجدل والنقاش؛ لأنها مسلمة لا يجوز المساس فيها؛ فالحق في حياة كريمة هو حق طبيعي وإنساني لا خلاف عليه.
في جميع الأحوال؛ الكل يأمل أن تنجح الحكومة الجديدة؛ وان تشكل على أسس صحيحة ولا تكون كسابقاتها؛ وهذا ليس بالتمني؛ بل بإرادة سياسية حرة، ونية صافية من قبل الجميع للانطلاق وتحقيق انجاز لم يحقق من قبل، ينتظره الشعب الفلسطيني منذ زمن طويل، ومطلوب أن يشمر الجميع عن ذراعيه حتى دحر الاحتلال الغاشم.