ماذا حققت حكومة الوفاق الوطني بعد عام من تشكيلها على المستوى الاقتصادي وخاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة، والتي اعتبرت واحدة من الأهداف الرئيسية لتشكيلها إلى جانب تحقيق بنية إدارية وقانونية واحدة والتحضير للانتخابات؟!
أعتقد ان الحكومة اخفقت في تحقيق ملف إعادة الاعمار، فمنذ البداية وبعد انتهاء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في عام 2014 والذي استمر 51 يوماً، لم تستجب للتقارير الصادرة عن منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني والقطاع الخاص والخبراء الذين قدروا الخسائر ما بين 6-8 مليار دولار، حيث قدمت مقترحاتها لاجتماع المانحين والذي عقد في القاهرة بتاريخ 12 اكتوبر 2014 عبر تحديد مبلغ 4 مليار دولار أي اقل من الخسائر المقدرة علماً بأن هذا العدوان كان الثالث بعد عدوانين سبقهما أي في عام 2008- 2009 و2012، تلك الأعمال العدوانية التي تمت في اطار استمرارية الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، علماً بأن ملف إعادة الاعمار كان من المفترض ان يتم قبل العدوان الآخير.
وبالوقت الذي حدد المانحين مبلغ 5.4 مليار دولار إلا أن السلطة أفرزت نصفها لدعم الموازنة للأعوام الثلاث 2015- 2017 ،وبالتالي فإن الذي خصص لعملية إعادة الاعمار لم يتعد 2.7 مليار دولار علماً بأن آلية الرقابة والتي عرفت باسم آلية سيري عملت على مأسسة و"شرعنة" الحصار إلى جانب أن هذه الآلية بطيئة ومعيقة وأنه إذا استمرت هذه الآلية فإن عملية إعادة الاعمار ستستغرق أكثر من 20 عاماً حسب تقرير المنظمة الدولية اوكسفام.
لم تقم السلطة ببلورة آلية لمتابعة تعهدات المانحين التي تركت لتقديراتهم دون ممارسة أشكال من العمل الضاغط السياسي والدبلوماسي المسؤول باتجاه ترجمة هذه التعهدات والوعودات إلى خطوات تنفيذية ملموسة.
أشارت العديد من التقارير الصادرة عن العديد من المؤسسات الدولية أبرزها تقرير البنك الدولي الآخير بأن قطاع غزة يعيش بكارثة انسانية حقيقية وهو على مشارف الانفجار في أي لحظة، حيث بلغت نسبة البطالة 43% من حجم القوى العاملة والفقر العام 48% والفقر الشديد 21%، وقد بلغت نسبة البطالة بين الشباب 60% ونسبة انعدام الأمن الغذائي وصلت إلى 57 % وعند مقارنة نصيب الفرد السنوى في العام 2014 قياساً لعام 1994، نجد أنه تراجع بنسبة 35% بالوقت الذي ارتفعت الاسعار ومستوى غلاء المعيشة.
تزامن هذا التقرير مع مرور عام على تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي لم يتعدى دورها سوى استقبال الوفود وتوقيع الاتفاقات لتنفذها المؤسسات الدولية مثل الأونروا، وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي وبصورة مباشرة مثل المشروع القطري والسعودي والتركي بما يعنى تهميش واضعاف المؤسسة الفلسطينية لصالح المؤسسات الدولية وآليات الاشراف المباشر من الجهات المانحة.
إن نظرة على حصة غزة من المصروفات العامة للسلطة نجد أنها تنطوي على اجحاف وغياب لمبدأ العدالة في التوزيع وبالوقت الذي تحقق به غزة نسبة عالية من الايرادات إلا أن حجم المصروفات لا يتناسب مع حجم الايرادات، علماً بأن قطاع غزة في موازنة عام 2015 ادرج في قائمة برامج التطوير بمبلغ 800 مليون دولار ولم يشمل البرامج التشغيلية التي يجب أن تحل مشكلات الموظفين سواء غير المزاولين أو المزاولين باتجاه دمجهم في كادر وظيفي موحد.
لقد آن الأوان لمراجعة أداء الحكومة خاصة أنها لم تحقق انجازات اقتصادية ملموسة أيضاً بالضفة الغربية، بما يعنى اهمية استخلاص العبر باتجاه تطوير الأداء وإعادة صياغة الأدوات والهياكل بما ينسجم مع تفعيل النشاط الاقتصادي والتنموي سواءً بالضفة والقطاع، وفي هذا السياق أليس من المناسب تبني الاقتراح الذي اصبح ذو إرادة سياسية ومجتمعية كاملة وذلك عبر تشكيل هيئة وطنية مستقلة ذات طابع مهني للأشراف على عملية إعادة الاعمار يشارك بها الوزرات المختصة وممثلين عن كل من المنظمات الأهلية والقطاع الخاص واسر المتضررين؟ وذلك بهدف الخروج من حالة المناكفة السياسية ما بين الاصرار على أهمية التمكين أو التفعيل ما زالت غزة تأن تحت وطأة الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع المعيشية.