تحلّ ذكرى يوم الأرض في ذكراها الـ39؛ والاستيطان ينتعش بشكل غير مسبوق ولم يحدث مثله سابقاً؛ فمنذ "فوز" "بنيامين نتنياهو" لوحظ انتعاش في حركة الاستيطان في الضفة الغربية بشكل لم بعهده الفلسطينيون؛ وذلك كما وعد "نتنياهو" "ناخبيه" من المستوطنين والمتطرفين في دولة الاحتلال خلال "حملته الانتخابية"، والتي آتت أكلها بـ"فوزه" المفاجئ.
استيطان رخيص ومجاني بنظر "نتنياهو"؛ على حساب الأرض الفلسطينية؛ لا تتم مقاومته إلا بالشموع، والشجب والاستنكار ومسيرات سلمية محدودة؛ وعرب يتفرجون ولا يحركون ساكناً؛ كل هذه الاعتراضات على الاستيطان تشجع "نتنياهو" على المزيد من الانتعاش في عمليات البناء الاستيطاني.
يوم الأرض الخالد؛ يحييه الفلسطينيون منذ عام 76 وحتى الآن في كافة المناطق؛ تحت شعار "إنا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون"؛ وهو ما يتوجب الحفاظ على ما تبقى من الأرض بحمايتها من الاستيطان وجعله مكلفاً وباهظاً؛ وليس رخيصاً ومريحاً كما هو حاصل الآن.
ماذا تبقى أكثر من هكذا صراحة؛ عندما يصرّح "نتنياهو" بكل وضوح وصلافة وعنجهية؛ ويقول: لا عودة لحدود 1967، ولا تراجع عن توحيد القدس باعتبارها عاصمة لدولته المزعومة، ولا وقف للاستيطان، ولا لعودة اللاجئين.
إذن المرحلة القادمة عنوانها هو انتعاش حركة الاستيطان، وبات أمر عادي في عرف "نتنياهو"؛ إطلاق يد المستوطنين في البناء الاستيطاني، والزحف على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، لتقوى وتنتعش حركة الاستيطان.
الإعلان عن المصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة، ومحاولات تقسيم الحرم القدسي، وهدم المنازل ومصادرة الأراضي وتجريفها، في القدس والضفة والنقب والداخل المحتل؛ كلها عناوين المرحلة المقبلة.
المستوطنون فرحون بالاستيطان الرخيص؛ وتزداد عربدتهم كل يوم؛ ولا حسيب ولا رقيب عليهم، وصاروا يسرحون ويمرحون ويجرفون المزيد من الأراضي، في مختلف مناطق الضفة الغربية، ويعتدون يومياً على مركبات المواطنين ويغلقون الطرق متى شاؤوا، ويعربدون، وكل ذلك بحماية جيش الاحتلال الذي لا يتدخل إلا في حال تعرّض المستوطنين للخطر.
يوماً بعد يوم يتضح أن "نتنياهو" يعبّر حقيقة عن مكونات نفسية المحتلين المشتاقة للمزيد؛ من ظلم الشعب الفلسطيني وتهجيره وطرده في منافي الأرض؛ وترك ما تبقى من الفلسطينيين بلا أرض يتشبثون بها.
مع إطلالة كل شمس يوم جديد في الضفة، يتم فرض الوقائع على الأرض بقوة السلاح والإرهاب من قبل المستوطنين؛ وصار للمستوطنين صولات وجولات في مختلف المناطق، والمحبب لهم على الدوام هي الأرض.
الاستيطان يتوحش، ويأكل اليابس والأخضر، ولا مجال للمزيد من الضعف والانقسام؛ ولا مجال للتأني وإطالة الوقت؛ وعلى الجميع – قبل فوات الأوان- سرعة التوحد ضمن برنامج وطني موحد؛ يظل الجميع دون اجتهادات فردية أو حزبية؛ فيد الله مع الجماعة؛ وليس مع المشتتين المنقسمين الذين يهدرون طاقاتهم في خلافات جانبية.