هل كانت العملية العسكرية بقيادة السعودية على اليمن مفاجئة؟ وهل هي المرة الأولى التي تشنّ فيها دولة عربية حرباً على دولة عربية أخرى، سواء في الزمن البعيد أو القريب؟ وهل كانت ليبيا دولة شيعية عندما طلب العرب ممثلين في جامعتهم تدخل حلف الأطلسي لدك ليبيا وتقسيم منابع بترولها
بحيث تحال فاتورة الحرب على الدول العربية الشقيقة، ومن بعدها تدك رقبة القذافي بفتوى دينية تصدر عن أعلى هيئة سنية في العالمين العربي والإسلامي (القرضاوي)؟ وهل كانت سوريا التي تدخل حربها العجيبة الغريبة عامها الخامس دولة غير شرعية، لكي تقوم الثورة العربية والدينية والأمريكية والأنجلوساكسونية والسلطانية والإسرائيلية ومنظمات منقرضة ما قبل تاريخية كالـ"داعش" و"النصرة"، بإعادة الشرعية لها أو إعادتها للشرعية؟ وهل نظر من يذهب إلى تبني مثل هذا الشعار، الشرعية، إلى المرآة، ليرى ما مدى شرعيته؟!
ألم يقم علي عبد الله صالح الرئيس الشرعي الأسبق بشن حرب على اليمن الجنوبي وضمّه بالقوة إلى اليمن الشمالي قبل ما يزيد على عشرين سنة؟ ألم يقم عمر البشير رئيس السودان، أو بالأدق ما تبقى من السودان، بشنّ الحرب على جنوب السودان حتى انفصلت، وعلى دارفور في الغرب وتلاحقه محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب؟ ألم يقم ملك المغرب (الأب والابن) بشنّ الحرب على جمهورية الساقية الحمراء ووادي الذهب ومنع البوليساريو من إقامة دولتهم؟!
قبل أيام فقط، قامت مصر بشنّ غارات على ليبيا بعد مجزرة "داعش" بقتل العمال المصريين الأقباط الأبرياء، فتدخلت أمريكا وطلبت منها الكف عن ذلك، في حين طلبت منها أن تنضم إليها في الحلف الستيني ضد "داعش" في سوريا وفي العراق..!!
وعلى ذكر العراق، هل كان صدام حسين طائفياً لكي تشنّ ضده الحرب بحلف ثلاثيني شاركت فيه معظم الدول العربية النفطية وغير النفطية، أم هل يظنن أحد أن اليمن أكثر أهمية من العراق، التي قال عنها محمد حسنين هيكل أنها الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك ثروتي النفط والمياه معاً، في حين أن بقية الدول العربية ممن يملكون النفط لا يملكون الماء ومن يملكون الماء لا يملكون النفط.
إن جماهير هذه الأمة، عرباً وعجم، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة، وبقية النسيج الطائفي، أصبحت تدرك أن هذه الأوطان العربية ليست لها، إنما هي فقط تمشي عليها.
عندما تم توقيع اتفاقية أوسلو خريف 1993، كتب صحفي إسرائيلي يقول إن مضمون الاتفاقية لا يعطي للفلسطينيين أكثر من حكم ذاتي، وبقدر ما يقال أنه حكم ذاتي موسع، فإنه سيبقى "حكم ذاتي"، ما معناه أن يمشي الفلسطيني فوق الأرض أعلى بنصف متر، لأنها ليست له.