انتهت "الانتخابات" في دولة الاحتلال أمس بفوز نتنياهو وحزب الليكود بـ(29) مقعدا، في مقابل (24) مقعداً للمعسكر الصهيوني، وبات من المؤكد تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة. ومن المتوقع أن يشكل نتنياهو حكومته من الأحزاب اليمينية، والأحزاب الدينية، وأن يتجه المعسكر الصهيوني لقيادة المعارضة.
هذه النتائج وتفريعاتها، وتحليلاتها تخص المحلل "اليهودي" نفسه، وهي تحليلات في نظري لا تقدم لنا كفلسطينيين شيئاً مهماً، نظراً لأنه لا توجد فروق ذات مغزى بين الأحزاب الإسرائيلية فيما يتعلق بمجمل الملفات الفلسطينية، ومن ثمة قلنا إن الانتخابات تجري بين (السيئ والأسوأ)، وقد فاز الأسوأ، ونتوقع أن يخرج بحكومة هي الأسوأ في تناول الملفات الفلسطينية.
ما نتوقعه ليس تخمينا، ولكنه قراءة في التصريحات والمؤشرات التي صاحبت الانتخابات وخاصة في الأيام الثلاثة الأخيرة. لقد فاز نتنياهو بأصوات اليمين، واليمين المتطرف، لأنه استفزهم للتصويت له استفزازا غير مسبوق بأمرين خطيرين هما من مكونات "الشخصية اليهودية المعاصرة":
١- لقد حرض نتنياهو الناخب اليميني على القائمة العربية المشتركة التي قررت دعم هورتسوغ من خارج الحكومة عند فوزه، وأوحى لهم بأن (يهودية الدولة) في خطر إذا لم يخرجوا للتصويت بكثافة للمحافظة على "الدولة اليهودية"، التي تتعرض للخطر على يد اليسار والقائمة العربية؟!
٢- لقد تمكن نتنياهو من تخويف المجتمع اليميني في دولة الاحتلال من إيران، ومن الاتفاق المحتمل بين إيران وأميركا، وقدم نفسه لهم على أنه المنقذ الوحيد للشعب والدولة من هذا الخطر القادم، ونحن نعلم جيدا حجم عقدة "الأمن" عند "اليهود". لقد قدم نتنياهو نفسه لليمين على أنه الرجل الأول الذي يقدم "أمن اليهود" على كل اعتبار، وعلى علاقته مع الإدارة الأميركية.
لقد فجر نتنياهو براكين (العنصرية ) العرقية والدينية بمهاجمة القائمة العربية، وربط اليسار الصهيوني بها، واتهمه بالتفريق في "يهودية الدولة". ومن المعلوم أنه مجتمع عنصري يقوم على كراهية العربي ، يمكن أن تنتهي الانتخابات بالنتائج التي انتهت إليها. فكيف يكون الحال إذا انضمت إلى العقدة العنصرية، عقدة ( الخوف) من إيران نووية، وعقدة الخوف من التنظيمات الإسلامية المسلحة؟!
خلاصة القول: لقد فاز نتنياهو لأنه تمكن من استفزاز الناخب اليميني من خلال عقدتي (العنصرية- والخوف، أو الأمن)، وقد نجح في ذلك لأن البيئة الإقليمية ساعدته في إقناع الناخب بما يطرحه.
كان من المتوقع أن يعاقب الناخبون نتنياهو على تعريضه العلاقات مع أميركا لخطر غير مسبوق، إضافة لفشله في الحرب الأخيرة على غزة، وهي تهم كانت حاضرة في خطاب المعسكر الصهيوني وقيادات أمنية وعسكرية بشكل قوي، غير أن نتنياهو واجه هاتين التهمتين بقوة (العقدة العنصرية، وعقدة الأمن والخوف)، وحقق ما يريد لأنه أحسن في التعرف إلى طبيعة "الشخصية اليهودية".
أ.د. يوسف رزقة
فلسطين أون لاين