أمر طبيعي أن يقوم المحتلون الصهاينة بكل ما من شأنه تعذيب الفلسطيني ومحاولة قهره وإذلاله ومصادرة أرضه وتدمير ممتلكاته والسعي لمصادرة كامل حقوقه المشروعة. لكن هل من الطبيعي أن تتصرف الأنظمة العربية بما يمكن أن يعذب الفلسطيني اللاجئ ويزيد من معاناته وسجنه وإفقاره؟
توزع اللاجئون الفلسطينيون منذ العام 1948 في عدد من الأقطار العربية.. في سوريا ولبنان والأردن ونحو خمسة آلاف في العراق وهناك من التجأ إلى قطاع غزة. فكيف عوملوا في هذه الأقطار العربية؟ الإنصاف يقتضي أن نقول أن فلسطينيي سورية عوملوا منذ البدء معاملة المواطن السوري. ومن نافل القول أن نؤكد أن فلسطينيي العراق كانوا الأقل معاناة من فلسطينيي لبنان. أما الأردن فمنحهم الجنسية الأردنية وأصبحوا مواطنين أردنيين ـ حتى من لجأ إلى المملكة بعد حرب 1967.
بيد أن الواقع يقضي أن نذكر أن الفلسطيني دفع أثمان التحولات والاضطرابات والمتغيرات في الوطن العربي. لقد دفعوا في الأردن من دمهم الكثير في أحداث الأردن العام 1970. ودفعوا من دمهم ثمن دخول العراق إلى الكويت. ومن دمهم دفعوا ثمن ما أوجده الاحتلال الأميركي للعراق، خاصة ما بين عامي 2006 و2007. قتل منهم المئات وشرد منهم الآلاف في المنافي الأوربية والأميركية والآسيوية وإلى القارة الأسترالية.
أغرب ما في تصرفات الأنظمة العربية حيال اللاجئ الفلسطيني هو تقييده وتقييد حرية عمله او تنقله وسفره. ففي لبنان يمنع الفلسطيني من مزاولة المهنة إلا في المخيمات وحدها. ومنع عن الفلسطيني العمل في كثير من حقول العمل في بقية أقطارنا العربية باستثناء سوريا. واليوم دفع ويدفع فلسطينيو سوريا ثمن الأحداث هناك.. قتل منهم المئات وشرد الآلاف إلى لبنان وإلى الأردن وغيرهما من دول العرب والعالم.
والغريب أن حامل وثيقة السفر العراقية أو السورية أو المصرية أو اللبنانية يمنع حالياً من دخول معظم الأقطار العربية بكل الوسائل والمبتكرات. فمثلاً تطالبه بعض الحكومات بأن يكون مقيماً بصفة دائمة في أحد البلدان كي تسمح له بزيارة البلد المعني. والطريف أن بعض الدول ترفض دخول حامل وثيقتها.
الفلسطيني السوري اليوم لا يستطيع التحرك بوثيقته لا إلى الأردن ولا إلى مصر ولا إلى أي من دول الخليج العربي وشمال أفريقيا العربية. شخصياً أحاول منذ عام السفر إلى الأردن ـ حيث الأهل من الدرجات الأولى والثانية والرابعة والعاشرة من دون جدوى ـ وإلى مصر حيث أسمع كلاماً غريباً إما أن تعود إلى دمشق لتحجز من هناك كي تسافر من مطار بيروت وإما أن تكون مقيماً دائماً في لبنان.
أسئلة برسم الأنظمة التي تمارس سياسات حيال اللاجئ الفلسطيني أقل ما يقال عنها أنها لا إنسانية ولا قومية ولا وطنية.