Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

أما آن لبلاد الشام أن تستفيق؟!.. صابر عارف

أما آن لبلاد الشام أن تستفيق؟!.. صابر عارف

وفق قوانين الطبيعة فإن الفجر يبزغ بعد ظلام دامس، والحياة البشرية ليست بمنأى عن قوانين الطبيعة، وإني أرى بالأفق المتوسط ملامح فجر جديد بعد هذا الظلم والظلام الذي يلف عالمنا العربي وكل ما حولنا.

وإذا كان صحيحاً أن عالمنا العربي قد مرّ في قديم الزمان ومعاصره في الكثير من الانحطاط والتمزق والخنوع، فإنه من الصحيح أيضاً أن ما يعيشه العالم العربي عامة وبلاد الشام الكبرى خاصة ﻻ يقل مأساوية وسوداوية عن عصور الانحطاط والظلام سالفة الذكر.

يعود أقدم استخدام لمصطلح سوريا التاريخية أو بلاد الشام الكبرى إلى العهد اليوناني، الذي يشير إلى أنها تضم كامل الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وامتداده ليشمل بلاد ما بين النهرين، كما ذكر المؤرخون اليونان والرومان واتفق معهم معظم الباحثين المعاصرين. وحسب التسميات الحديثة فإنها تضم كل من سوريا بما فيها لواء الإسكندرون ولبنان وفلسطين وما يجاورها من شرق نهر الأردن، إضافة للعراق، ويضيف بعض المؤرخين كلاً من سيناء وأجزاء من شمال شرق الجزيرة العربية.

ﻻ يستطيع أي مراقب أو متتبع للأحداث أن يغمض عينيه عن حقيقة أن هذه المنطقة هي هدف الأعداء في الماضي وهدفهم الراهن الحالي، وهي مسرح الأحداث وميدان المعارك التي تستهدف إنسان وخيرات المنطقة التي سميت كذلك بالهلال الخصيب، لخصوبة أراضيها وكثرة خيراتها، وبهدف السيطرة على مقدراتها وإمكانياتها وخاصة مقدراتها العسكرية، وتدمير جيوشها بإشغالهم وإنهاكهم في حروب أهلية داخلية، كما هو حاصل مع الجيوش في سوريا والعراق ولبنان والأردن.... وذلك للحيلولة دون نهوضها واستعادة ما فقد وضاع منها، ألا وهو فلسطين التي تشكل الحدود الجنوبية لبلاد الشام الطبيعية وفق المصطلحين القديم والحديث. ونجرؤ على القول أن ما تصاب به هذه المنطقة من دمار وخراب وقتل مستباح وتفتيت وتمزيق وصراعات طائفية ومذهبية مفتعلة بفعل فاعل معروف ومعرف واسمه الصريح المعلن،، الحركة الصهيونية وحلفاؤها،،، ما هو إلا لعنة فلسطين التي اغتصبت في نهار شامي وعربي.

نعم لن تسكت مغتصبة، وستبقى فلسطين تطاردهم، إلى أن يتحد أبناء الشام أولاً  في مقاومة جادة وذات مصداقية عالية لمواجهة التحديات الراهنة ولاستعادة ما اغتصب من وطنهم، ولا شيء يمكن أن يوحدهم ويعيد لمّ شملهم سوى شعار تحرير فلسطين، فما أصابهم وما هم فيه، ما هو إلا بسبب الخنجر الصهيوني المغروس في قلبهم فلسطين.

إنني أنظر بأمل وتفاؤل لما يمكن تسميته ببداية الصحوة وإعادة الحوار والاعتبار لقيمتين أساسيتين من قيم المقاومة ضد الكيان الصهيوني واللتين تم تغييبهما مع سابق إصرار وتصميم نتيجة ضغوط المؤتمرين بالأمر الصهيوني، بعد أن تم احتواء الثورة والثوار من خلال سياسة البترودولار التي نفذت بجدارة واقتدار منتصف سبعينيات القرن الماضي وأدت إلى وقوعهما في مستنقع الاستسلام والتفريط وما نتج عنه من، إبداعات وابتكارات،، كل على طريقته الخاصة، فكان كامب ديفيد المصري عام 1978م، وأوسلو الفلسطيني عام 1993م، ووادي عربة الأردني عام 1994 م وواقع الحال أنها إبداعات وابتكارات صهيونية 100%.

القيمة الأولى: عودة الحديث والروح عن وحدة الميادين والساحات التي تتعرض للعدوان والتوحش الصهيوني المباشر وغير المباشر، وبلاد الشام خاصة تعتبر المسرح الأوسع للعدوان الصهيوني، ليكون كل جوار فلسطين ضعيفاً لا يقوى على  فعل أي شيء يمكن أن يهدد الكيان الغاصب، والصورة في منتهى الوضوح، وعليه فلم يعد مقبولاً مع هذا الوضوح الكامل للمؤآمرات والمخططات الصهيونية، القول بأن فلسطين للفلسطينيين، وبأن اللبناني أو السوري مثلاً ليس مطلوباً منه التورط في حرب خارج حدوده المصطنعة أصلاً!!، ولذلك فإن وحدة الميادين والساحات باتت أكثر من ضرورية، وتتطلب المزيد من التنسيق بين أطراف ومكونات وفصائل محور المقاومة لفتح وتفعيل مختلف الجبهات، بما فيها جبهة الجولان، وإعادة الدور الفاعل لفلسطينيي الخارج وخاصة في لبنان والأردن، وعلى الرئيس السوري ترجمة أقواله بهذا الخصوص إلى أفعال، ولم يعد مقبولاً سياسة خوض الحروب بالنيابة، وسياسة اللعب من تحت الطاولة، كما لم يعد مفهوماً أن ينوب حزب الله عن السوري في فتح جبهة الجولان، وأعتقد بأن فتح الجبهة مع العدو سيلعب دوراً مهما في تطويق الحرب الأهلية المستعرة في الداخل السوري، وفي إعادة اللحمة الوطنية بعد أن مزقتها بعنف الحرب الأهلية.

القيمة الثانية: تطبيق وتنفيذ سياسة العين بالعين والسن بالسن والانتهاء من سياسة العجز والخذلان بادعاء أننا سنرد في المكان والزمان المناسبين، ولم نرد يوماً منذ إطلاق مقولة العجز هذه وحتى اللحظة. كما يجب ممارسة كافة أشكال المقاومة في كل مكان يكون فيه للعدو تواجد عسكري أو شبه عسكري، فلا يجوز أبداً أن نتركه يصول ويجول ويسفك دمنا في كل الساحات والعواصم، ويمارس أبشع أنواع الإرهاب بغطاء وصمت، بل بتسهيل وتعاون دولي معه، ونقف نحن مرتجفين مرعوبين من تهمة "الإرهاب" التي لم نقترفها، فتاريخ العدو أسود وحافل بالعمل الإرهابي والعسكري خارج حدوده، ولو أردنا ذكرها لاحتجنا إلى مجلدات، ويكفي أن نذكر باغتيالاته وعملياته في باريس وغالبية العواصم الأوروبية، وفي مالطا وأوغندا، إلى تونس ومدارس بحر البقر، والبحرين الأبيض والأحمر، وصولاً إلى مفاعل العراق وإلى وإلى….الخ.

للحرب قواعدها التي اصطلحت عليها البشرية والتي لم يلتزم فيها عدونا يوماً، ولكن ولأننا أصحاب قيم وحضارة ورسالة إنسانية وجب علينا الالتزام بها وتجنيب المدنيين حقاً ويلاتها ومآسيها، فنحن من عانى وخبر تلك الويلات. وما عدا ذلك فإن لنا الحق كل الحق أن نطارد ونقاتل العدو في كل زمان ومكان دون أن نفقد البوصلة التي تؤشر وبوضوح ساطع أن جنوب بلادنا الشام فلسطين هي الهدف والعنوان وميدان المعركة مع عابري البحر الصهاينة، وليس مع عابري النهر العبرانيين، فلا صلة ولا جامع بين هؤلاء وأولئك، والفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض.

انتصارات المقاومة اللبنانية في عام 2000 وفي 2006 وأخيراً سرعة ودقة الرد على التحدي الصهيوني في مزارع شبعا، وصمود المقاومة الفلسطينية في الحروب المتواصلة على عزة وآخرها حرب العام الماضي، ومستوى تسليح المقاومتين الذي يتطور يومياً، وما يقال عن فتح جبهة الجولان، وما يعنيه ذلك من مشاركة للشعب السوري، وفي المقابل وصول طريق المفاوضات والاستسلام إلى حائط مسدود، ومغلق بإحكام.. كل ذلك وغيره الكثير يبشر بالخير ويفتح الآفاق ويعطي الأمل، وما بعد الضيق إلا الفرج، وآلام المخاض ستنتهي إلى مولود وانبعاث حياة جديدة.. فهل ستتعانق في يوم ليس ببعيد صواريخ وأنفاق شمال فلسطين مع صواريخ وأنفاق جنوبها ؟؟. وهل تستفيق بذلك الأمة العربية، وفي القلب منها بلاد الشام التاريخية؟؟.