المتابع للشؤون الإسرائيلية، يلحظ وبوضوح، من خلال التصريحات الرسمية الحكومية، وما تكتبه الصحافة الإسرائيلية، اليومية المكتوبة، والمرئية، مدى القلق الإسرائيلي العميق، بشأن ما يدور حولها، دون أن تدرك حقيقة ما يجري، ومدى انعكاسه على مرآة الصراع العربي ـ الإسرائيلي عامة.
هي ترى الأمور عبر منظار ضيق، ومن خلال ما هو متاح لها رؤيته، وفقاً لما هو ممكن استناداً إلى قوتها العسكرية، وماضي حروبها.
حقيقة الأمر، أن متغيرات عميقة تجري، وبالتالي فإن إسرائيل، كما غيرها تعيش أموراً، سبق استخدامها وتجاوزها الزمن الحاضر!!
ما كان ممكناً في الأسس، بات غير ممكن وفقاً لمعطيات الزمن الحاضر.
هناك حراك شعبي واسع، زلزل أنظمة حكمت طويلاً، ودخلت بتفاهمات واتفاقات مع إسرائيل وغيرها.
الاستقرار الشرق ـ أوسطي بمفهومه السابق، لم يعد قائماً إضافة إلى ذلك لم تعد صورة الشرق الأوسط، إقليمياً ودولياً، تتيح لإسرائيل، أن تتصرف، وكأنها اليد الطولى في المنطقة. لم تعد إسرائيل هي القوة الأعظم في المنطقة، وأشارت حروب سابقة مع حزب الله، وغزة، بأنها لم تعد كذلك، وبأن تصوراً كبيراً قد حصل، أكان على صعيد الأمن أو خلافه.
إسرائيل تتهدد وتتوعد، لكنها لم تعد قادرة على القيام بما تهدد به. أعلنت إسرائيل، وبوضوح، عن عزمها تفكيك المؤسسة النووية الإيرانية تماماً.
جرت الأمور، بما لا تشتهي السفن الإسرائيلية، ودار الزمن دورته، ليتم إعلان اتفاق إيراني ـ دولي، تبقى بموجبه المؤسسة النووية الإيرانية قائمة، بل وفي مظلة دولية... استثار ذلك إسرائيل، واعتبرته باطلاً، وتهددت وتوعدت، وهي تدرك تمام الإدراك، عدم قدرتها على ذلك.
لا شك أن الاتفاق الإيراني الدولي، سيخلق معادلات جديدة في الشرق الأوسط وسيكون للسياسة الإيرانية دورها المشهود في الشرق الأوسط مستقبلاً، وسيكون لذلك تداعياته وتأثيراته على دول المنطقة عموماً وخاصة إسرائيل.
هناك خارطة جديدة ترسم بالتوافق الدولي والإقليمي الجديد، وبالتالي فإن ما كانت إسرائيل تتخذه من إجراءات، وتحديات للمجتمع الدولي، والتصرف وكأنها فوق القانون... لم يعد قابلاً للاستمرار... إسرائيل من جهتها، ستحاول التفكير، بوسائل قديمة، اللجوء إلى حرب إقليمية محدودة، أو القيام بمغامرة، بدعم أميركي، وهذا لم يعد قائماً ومتوافراً... أو تفجير المفاوضات الفلسطينية ـ الأميركية، سبق استخدامها، ولم تعد هي بالتالي قائمة.. سياساتها تعبّر عن قلق شديد، وحالة اضطراب واضحة....
علينا أن ننتظر ونرى كيف ستسير الأمور وخلال هذا الانتظار، علينا أن نتصرف بوعي، وإدراك عميق، لما يجري حولنا!!