الحياة - النسخة: الورقية - دولي الإثنين، ٢٧ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٤ تبدو قناة «فلسطين اليوم» من أهمّ ما استطاعه الفلسطينيون في هذا المجال، سواء في شكل رسمي من خلال السلطة الفلسطينية
ووزارة إعلامها، أم غير رسمي عبر القنوات الفضائية التي تتولى الفصائل والمنظمات والأحزاب والحركات ورجال الأعمال الفلسطينيون تمويلها، ورعاية إطلاقها، وضمان استمرارها. ولعل أولى نقاط الأهمية التي تبديها قناة «فلسطين اليوم»، أنها وعلى رغم إمكانية تنسيبها إلى «حركة الجهاد الإسلامي»، كما يبدو، إلا أنها تسعى في شكل دؤوب إلى تمثّل دورها الإعلامي الاحترافي، باعتبارها قناة فلسطينية جامعة، للفلسطينيين كلهم، في فلسطين المحتلة عام 1948، والضفة الغربية، وقطاع غزة، وللفلسطينيين اللاجئين في مخيمات الداخل، ومخيمات اللجوء في بعض البلدان العربية، واللاجئين في عموم الشتات في أركان الأرض.
الابتعاد ما أمكن عن كونها قناة تلفزيونية «أيديولوجية»، أو ذات انتماء خاص ومحدد لحزب أو حركة، هو ركن أساسي في نجاح أي قناة تلفزيونية، تسعى الى مخاطبة الجمهور الأوسع، بعيداً عن الجمهور المُكتسب أساساً، والمنتمي والمضمون أصلاً، وصولاً إلى مخاطبة الآخر؛ الفلسطيني المُختلف بالرؤية والموقف والفكر والانتماء، والعربي المؤيد والمعارض وحتى الغافل وغير المهتم وغير المبالي، انتهاءً بالآخر غير العربي، إسرائيلياً كان أم أوروبياً غربياً أم أميركياً.
تعرف القناة التلفزيونية الناجحة أن أهمية تحديد الجمهور المُستهدف بخطابها، تتوازى وتتوافق مع طرائق توجيه الخطاب ووسائله وأدواته وسبله، والآليات التي تتجلّى في النهاية من خلال التخطيط البرامجي، الممتد على مدى ساعات البثّ اليومي، صباح مساء، وملامح الصورة والتكوينات والألوان، والتعابير والوجوه، الظاهرة على شاشتها. ولعله من الممكن لمن يتابع قناة «فلسطين اليوم»، خلال يوم واحد، على الأقل، الانتباه إلى هذا التنوّع الثريّ الذي يتدفّق على شاشتها، ما بين برامج إخبارية ووثائقية وثقافية وعلمية، وفترات بثّ، وحوارات ومناقشات، وتغطيات مباشرة، وإعلانات وترويجات، بما يكاد يشمل مختلف نواحي الحياة الفلسطينية، تاريخاً ماضياً، وحاضراً راهناً، ووقائع ساخنة، ومستقبلاً مأمولاً، مع العناية بالتأسيس الواعي.
تنفر قناة «فلسطين اليوم» من أيّ محاولة لزجّها في الزاوية المحددة للانتماء، حتى لو كان لـ«المقاومة» ذاتها، وتسعى لتمثّل اسمها، فمما لا شك فيه أن فلسطين اليوم هي الخلاصة التاريخية لفلسطين الأصيلة، الحاضرة والباقية، منذ الكنعانيين في زمن ما قبل التاريخ، وهي الطموح الراسخ في تحقيق حلم تحرير الأرض، وعودة أبنائها، وصولاً إلى بناء الدولة المستقلة، في زمن قادم من دون شك. يبقى من الجدير التنويه بحُسن اختيارات القناة المهنية والاحترافية، بدءاً من الألوان المُنتقاة، والخطوط المُختارة، وأعمال الغرافيك، وتشكيلات الكادر البصري، كما بقدرتها وهي التي تبثّ من بيروت، على الحضور في أنحاء فلسطين، متناولةً وقائع من الحياة اليومية في «فلسطين اليوم».