ما الفرق بين "إطار الاتفاق" و"اتفاق الاطار"؟ عن هذا اسألوا تسيفي ليفني وتفسيرها لما سيطرحه جون كيري على الطرفين، قبل ربع ساعة من انقضاء مهلة الشهور التسعة التفاوضية في نيسان (ابريل) المقبل.
يولد جنين الانسان مكتمل النمو بعد حمل مدته تسعة شهور، وفرصته ممكنة في العيش اذا ولد خديجاً في الشهر الثامن ان وضع في حاضنة.
أفصح كيري انه سيطرح على الطرفين قبل شهر من الاجل المضروب في نيسان الخطوط العامة لخطته، التي يسميها "اتفاق الاطار" وتفهمها تسيفي ليفني "اطار الاتفاق".
ما الفرق بين هذا وذاك؟ ليس كالفرق بين اللغة واللغو!
يقول مارتن انديك ان بعض عناصر الخطوط العامة لخطة كيري ستكون بالتوافق بين عباس ونتنياهو، وبعضها الآخر سيكون من بنات افكار كيري.
لا بد من الاعتراف بشطارة كيري في ديبلوماسية الاستدراج والاستجرار، وهي اكثر صعوبة من ديبلوماسية خطوة - خطوة المنسوبة للوزير هنري كيسنجر، واثمرت فك ارتباط، صار فصل قوات، صار سلام كامب ديفيد المصري - الاسرائيلي.
في الواقع، بدأ الاستجرار والاستدراج قبل مهمة كيري "الرسولية"، اي تدحرجت من موقف اميركي مبدئي يقول بلا شرعية الاستيطان، الى موقف اميركي عملي يقول بلا واقعية تفكيك الكتل الاستيطانية، فإلى تبادلية ارضية .. واخيراً الى بقاء مستوطنات خارج الجدار تحت سيادة فلسطينية.
في ظاهر الامور، بدا أن اسرائيل نجحت في استجرار كيري الى البدء في مسألة الأمن قبل مسألة ترسيم الحدود.
اسرائيل فهمت من امنها في الاغوار سيطرتها، منفردة، واميركا فهمت اشرافاً تكنولوجيا اميركياً، وربما بشرياً، ومشاركة اردنية وفلسطينية في تأمين الاغوار.
لكن، وفي خطاب أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي، قال كيري ان أمن اسرائيل وهم سيتبدد اذا فشلت المفاوضات، وان الازدهار الاقتصادي الاسرائيلي مؤقت ولحظي ان فشلت المفاوضات، وهو ما يقوله، ايضاً، وزير المالية الاسرائيلي يائير لبيد، وما تقوله ولكن بلغة اخرى تبشيرية مفوضة الامن والخارجية في الاتحاد الاوروبي، فإن نجحت المفاوضات ستكون تقديمات لا مثيل لها للطرفين.
في محصلة الأمن والازدهار، يقول كيري في مؤتمر ميونيخ ان الاتفاق الفلسطيني - الاسرائيلي سيغير الوضع الشرق - اوسطي بالكامل.
اذا توصل الجانبان الى "اتفاق الاطار" وليس "اطار الاتفاق" فيمكن ان يقبل الفلسطينيون تمديد المفاوضات تسعة شهور اخرى بعد نيسان (ابريل) لأن المشكلة الكأداء لن تبقى محصورة في الأمن الاسرائيلي والاستيطان اليهودي، بل في مطلب الاعتراف الاسرائيلي التعجيزي بـ "يهودية اسرائيل".
لهذه المسألة جواب للرئيس أبو مازن، وهو وثيقة الاعتراف الاميركي باسرائيل، وشطب الرئيس ترومان عبارة "يهودية اسرائيل"، والى ذلك، فإن بقاء بعض المستوطنين خارج الكتل تحت سيادة فلسطينية ينبغي، عملياً، الحاجة الى الاعتراف بيهودية اسرائيل.
خطة كيري لـ "اتفاق الاطار" كما عرضها مارتن انديك تتحدث عن مبادلات ارضية غير محددة وفلسطين "دولة قومية للشعب الفلسطيني" واسرائيل "دولة قومية للشعب اليهودي".
هذا يعني ان خيار بعض المستوطنين، خارج الكتل، العيش تحت سيادة فلسطينية يتطلب الرد الفلسطيني بالمثل، اي اسقاط شعار اسرائيلي "لا لاجئ يعود" وعودة عدد من اللاجئين الى اسرائيل يكافئ عدد اليهود الذين يختارون العيش في ظل سيادة فلسطينية.
هناك بداية توافق ما على بقاء الكتل تحت سيادة اسرائيل مع سكانها، وبقاء من يشاء من اليهود خارج الكتل تحت سيادة فلسطين.
بذلك تم استدراج واستجرار نتنياهو من موقف يقول: لن يتم اقتلاع مستوطنة ومستوطنين خلاف ارادتهم، واستدراج واستجرار ابو مازن من موقف يقول: لن يبقى جندي او مستوطن على أرض دولة فلسطين، التي لن يبقى وجود اسرائيلي "رسمي" في دولة فلسطين.
حتى ان اخفق كيري في مهمته "الصعبة جداً جداً" كما يقول، فإن مسعاه اوصل المفاوضات الى افكار عملية للحل تتعدى اطار "حل الدولتين" او "دولتان لشعبين" وأي محاولة اخرى ستبدأ من حيث فشل كيري.