Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الجهاد الإسلامي.. مواقف تثمن.. راسم عبيدات

الجهاد الإسلامي.. مواقف تثمن.. راسم عبيدات

  حركة الجهاد الإسلامي برزت بشكل أساسي في الإنتفاضة الأولى، ولكن تعزز وترسخ دورها الكفاحي والنضالي بشكل كبير في الانتفاضة الثانية أيلول 2000، وقامت بعدة عمليات نوعية هزت دولة الإحتلال، وهذه الحركة منذ توقيع اتفاق أوسلو، رفضته ورفضت إفرازاته ونأت بنفسها عن المشاركة في السلطة المتفرعة عنه،

ورفضت أن تنخرط في أي من مكوناتها وهيئاتها ومستوياتها، ورأت بأن شعبنا ما زال تحت الإحتلال، وزمن المغانم لم يحن، بل ما زال زمن المغارم، وشعبنا لم يغادر مرحلة التحرر الوطني، ولا يمكن ان يكون هناك سلطة فلسطينية تحت الإحتلال تمتلك حرية الحركة والتنقل والسيطرة على الجغرافيا الفلسطينية، ولذلك لم تأخذ مواقف ملتبسة ولا سياسة "لعم"، رجل في السلطة ورجل خارجها، واستمرت بالقول بأنها ستواصل النضال والكفاح وبالفعل أقرنت القول بالفعل، واستمرت لاعباً أساسياً في الساحة الفلسطينية، رغم وجودها خارج السلطة، بل تجاوزت جماهيريتها وشعبيتها فصائل عمرها النضالي والكفاحي لا يقل عن أربعة عقود من الزمن وتحديداً في العمل المقاوم الذي أكسبها ثقة وإحترام الشارع الفلسطيني.

وهي في إطار فعلها وعملها الكفاحي والنضالي، وحركتها السياسية والإعلامية، وما دفعته من ثمن باهظ لقاء ذلك شهداء وأسرى وجرحى، كانت تغلب الوطني على الفئوي، وحتى في أوج  خلافاتها مع السلطة الفلسطينية، والتي عملت على اعتقال عناصر ومقاومين لها أكثر من مرة، لم  تستخدم لغة الردح والتخوين، بل كانت توجه سهام نقدها للسلطة وللتنسيق الأمني.

بقيت حركة الجهاد الإسلامي تحمل موقفها السياسي ورؤيتها وتدافع عنهما، وكانت أداة تجميع وتوحيد في الساحة الفلسطينية، لا معول هدم وتفريق، ولم تكن جزءاً من ماكنة التحريض والردح والردح المضاد بين طرفي الإنقسام، ولم تضيع اتجاه البوصلة أو تنحرف عنها، وبقيت صامدة وثابتة على مواقفها ورؤيتها، ولم تغلب المصالح والمحاور على الوطن، في وقت فصائل أخرى بدلت وغيرت من مواقفها ووجهتها وتحالفاتها ارتباطاً بالمصالح والأجندات، ولذلك بقيت هذه الحركة تحظى بثقة وإحترام الشارع الفلسطيني، وهي لم تتنكر لمن دعموا المقاومة بالمال والسلاح والإحتضان، وفي الأزمة السورية والحرب عليها، بقيت على مسافة من النظام وما يسمى بالثورة السورية، ولكي تنحاز لاحقاً الى جانب النظام السوري، عندما استشعرت حجم المؤامرة وحجم الخطر، ليس على النظام السوري فقط، بل على كل ما هو مقاوم، وعلى المشروع القومي العربي.

وفي العدوان البربري والوحشي المتواصل على شعبنا في قطاع غزة وبغض النظر عن اسم العملية من قبل "حماس" أو الجهاد الإسلامي أو الفصائل الأخرى للرد على همجيته ووحشيته "العصف المأكول" أو "البنيان المرصوص" فقيادة الجهاد الإسلامي، كانت على مستوى الفعل والحدث، ليس فقط من حيث جاهزية  كتائبها العسكرية "سرايا القدس"، والتي نفذت عمليات نوعية، وأثبتت أنها على درجة عالية من الكفاءة، بل القيادة السياسية للحركة كانت في لقاءاتها ومقابلاتها وحركتها تعكس نبض الشارع الفلسطيني، وتؤكد على الموقف الوطني والتوحد في إطار المجابهة والتصدي للعدوان في الميدان، وفي الإطار الإعلامي كانت وسائل الإعلام المقربة منها متميزة في تغطية سير العدوان الهمجي على شعبنا في قطاع غزة، وبالذات فضائية "فلسطين اليوم" التي كانت متميزة ومهنية في التغطية، ولم تغفل أية اخبار أو فعاليات وعمليات عسكرية لأي من فصائل المقاومة الأخرى مما جعل منها محط أنظار وقبلة كل المتابعين لأخبار العدوان الهمجي على شعبنا في القطاع.

وكذلك كانت حركة الجهاد الفلسطيني، ليس فقط حريصة على وحدة شعبنا وكل قواه وفصائله في التصدي للعدوان فقط، بل كانت ووقفت بصلابة ضد الإنقسام الفلسطيني وخاضت وبذلت جهوداً جدية وحثيثة مع طرفيه (حماس وفتح) من أجل إنهائه، وعلى نفس الدرجة من الحرص والمسؤولية الوطنية، كانت حريصة على عدم إستعداء المحيط العربي لقطاع غزة، بل كانت  تقول بان أية تهدئة او هدنة يجب ان بكون لمصر دور مركزي فيها، وهي تدرك دور الجغرافيا السياسية واهميتها لأهلنا وشعبنا هناك واضعة مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أية مصالح فئوية وحزبية أو عربية وإقليمية، وهذا يجعلها مقبولة على كل الأطراف الفلسطينية والعربية، فيما يخص شروط وقف العدوان على شعبنا في القطاع.

نحن في إطار إشادتنا بمواقف حركة الجهاد الإسلامي، ليس من باب التزلف أو التملق، بل من باب الوفاء وإعطاء هذه الحركة حقها في التقدير والإحترام، والثقة التي إنتزعتها بصلابة قيادتها ومناضليها، حيث كانوا السابقين في خوض الإضرابات المفتوحة عن الطعام في سجون الإحتلال إحتجاجاً على عدم شرعية وقانونية اعتقالهم، ونحن هنا نقصد الإعتقال الإداري، حيث خاض الأسير المحرر والمعاد إعتقاله في الثامن من هذا الشهر خضر عدنان إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة جاوزت الست وستين يوماً لينال حريته وليواصل نضاله ضد الإعتقال الإداري، ورغم ما تعرض له من إهانات وشتائم في هذا الإعتقال إلا أنه بقي كالطود الشامخ، ووجّه من سجنه لشعبنا ومقاومتنا في قطاع غزة رسالة قال فيها "نوجّه التحية لغزة ومقاومتها البطلة، والأسرى يتابعون بطولاتكم وينظرون بشغف إلى يوم النصر العظيم والقريب بإذن الله، وإن دماء غزة الطاهرة ستقلب السحر على الساحر لتحرك كل ساكنٍ في فلسطين ضد الصهاينة المحتلين".

على فصائلنا الوطنية والإسلامية أن تترجم ما ترفعه من شعارات عن الوحدة الوطنية إلى فعل في الميدان والواقع، وأن لا تختفي تلك الشعارات مجرد إنفضاض اللقاءات والجلسات، لنعود إلى دائرة الردح والردح المضاد وعبارات التكفير والتخوين والتفريط وغيرها، فنحن أحوج من أي وقت مضى ليس فقط بفعل العدوان الهمجي على شعبنا في قطاع غزة، بل حجم الأخطار الكبيرة المحدقة بقضيتنا ومشروعنا الوطني، تلك الأخطار وما يرافقها من مشاريع سياسية مشبوهة، يراد منها التصفية للقضية والتبديد للحقوق، ولذلك علينا جميعاً قوى وأحزاب من مختلف ألوان الطيف السياسي والمنابت الفكرية، أن ننحي خلافاتنا جانباً، وأن لا نضيع اتجاه البوصلة، وأن لا نغلب صراعاتنا وخلافاتنا على الصراع مع العدو، وأنا أرى في حركة الجهاد الإسلامي نموذجاً خلاقاً للوحدة والتجميع لا التفريق.

 

* كاتب ومحلل فلسطيني يقيم في مدينة القدس