بداية لا بد من الإشارة، أو بالأحرى التأكيد أنّ الجميع متفقون، ونعني اللاجئين بالدرجة الأولى، على ان حق العودة يتعرض لمؤامرة خطيرة هي الأخطر وعبر اكثر من ستة عقود، تقوم على شطب هذا الحق التاريخي المقدس، والقبول بالجريمة الإسرائيلية، وهي نفي الشعب الفلسطيني من وطنه والى الأبد الى اربعة رياح الارض.
ومن ناحية أخرى فالجميع أيضاً، رغم إقرارهم بهذه الحقيقة الموجعة، التي يحملها كيري في حقيبته، متفقون انهم لا يملكون وصفة جاهزة للتصدي لهذه المؤامرة وافشالها.
وبوضع النقاط على الحروف فمن المعلوم ان الدول العربية مجتمعة، وفي قمة بيروت 2002، وجهت طعنة خطيرة لحق العودة، عندما أخضعت هذا الحق في المبادرة العربية، للتفاوض مع العدو الصهيوني، وهذا يعني الغاء هذا الحق، لأن العدو لن يوافق على عودة لاجئ واحد الى وطنه، وهذا الرفض تلتقي عليه كافة الوان الطيف السياسي الاسرائيلي من أقصى اليمين الى أقصى اليسار.
وفي هذا السياق عمل العدو وبمنتهى اللؤم والدهاء على تفريغ هذا الحق الانساني والتاريخي المقدس من محتواه والالتفاف عليه، مدعوماً من حليفته واشنطن، اذ دعا الرئيس ترومان الى عودة مائة الف لاجئ، ثم ما لبث الى ان تراجع الى عشرة الاف، وبقيت الادارات الاميركية وعلى مدى العقود الماضية تعمل على توطين اللاجئين، وتشجيعهم بالهجرة الى اقاصي المعمورة “استراليا”، وهو ما طرحه مؤخراً جون كيري، مضيفاً اليها الدول الاسكندنافية، في اطار خطته القائمة على شطب هذه القضية باعتبارها تشكل الوجع الدائم للمنطقة، ولغماً يهدد بالانفجار في كل لحظة، في ظل ارتفاع عدد اللاجئين الى خمسة ملايين لاجئ، يشكلون ثقلاً ديمغرافياً في الدول المحيطة بالكيان الصهيوني.
لقد كشفت اتفاقية “اوسلو” ان العدو معني بالدرجة الاولى بإنهاء قضية اللاجئين، وبالتالي تم تأجيل البحث فيها الى المرحلة النهائية، في الوقت الذي عمل فيه العدو من تحت الطاولة على تصفيتها، ومن خلال مفاوضات سرية، اسفرت عن ما يسمى بوثيقة عباس- بيلين، وهي الوثيقة التي يعتمد عليها كيري، لاعادة انتزاع اعتراف الرئيس الفلسطيني من جديد بهذه الاتفاقية، والعمل على تنفيذها من خلال الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل، والذي يعني شطب حق العودة وتسفير اهلنا من الجليل والنقب والمثلث، باعتبار ان هذه الارض ملك لليهود وحدهم، وشطب الرواية الفلسطينية والتاريخ الحقيقي للمنطقة من جذوره، واعتماد الرواية الاسرائيلية، القائمة على الاساطير والخرافات.
الشعب الفلسطيني والشعوب العربية هي المتضررة فعلاً من الغاء حق العودة، ما يفرض عليها البحث عن آلية جديدة، لكف ايدي العابثين بهذا الحق التاريخي المقدس الذي لا يسقط بالتقادم، بعد ان سقط القناع وظهرت تفاصيل المؤامرة بابشع صورها.
باختصار.. لا نملك تصوراً محدداً لافشال المؤامرة ومحاسبة المتورطين، ولكننا ندعو اللاجئين في كافة المخيمات ان يعلنوا عن ايام غضب في كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في الداخل والشتات تعلن التمسك بحق العودة، وعقد دورة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني لإعادة التاكيد بضرورة التمسك بهذا الحق التاريخي، والزام اللجنة التنفيذية بعدم التفريط بهذا الحق المقدس، تحت طائلة سحب شرعيتها، وعدم اخضاعه للتفاوض مع العدو، كما نصّت المبادرة العربية، وتجريم كل من يتنازل او يفرط بهذا الحق ووصمه بالخيانة العظمى، وضرورة ملاحقته ومحاكمته ليكون عبرة لغيره.