أكد مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، أن "الجواب على ادعاءات عدد من المسؤولين الإسرائيليين بتراجع مخزون حزب الله الصاروخي إلى نحو 20 % من قدراتنا الفعلية واضح في الميدان، عندما طالت الصواريخ الأسبوع الماضي ضواحي تل أبيب وحيفا، ومراكز ومعسكرات تُقصف لأول مرة في الجولان وحيفا، واستخدام صاروخ الفاتح 110 ولدينا المزيد، وذلك بالإدارة المناسبة التي قررتها قيادة المقاومة".
وأعاد عفيف التأكيد، لمناسبة يوم الشهيد، أن لدى المقاومين، لا سيما في الخطوط الأمامية، "ما يكفي من السلاح والعتاد والمؤن ما يكفي حرباً طويلة نستعد لها على الصعد كافة".
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، و"بعد 45 يوماً من القتال الدامي، ومع 5 فرق عسكرية ولواءين، و65 ألف جندي، ما زال عاجزاً عن احتلال قرية لبنانية واحدة، وما الملحمة التي سطرها المجاهدون في قلعة الخيام سوى شاهد حي على البطولة وإرادة القتال العصية على الانكسار.
"مستعدون للحرب الطويلة.. ولم يصلنا أي جديد في وقف إطلاق النار"
وحول إعلان الاحتلال توسيع عمليته، أشار عفيف إلى أن "العدوان واسع أصلاً، والاحتلال لم يضع لحربه أهدافاً محددة كي لا يكرر خطأه في حرب تموز"، مؤكداً أن "الاحتلال لا يضع أهدافاً نهائية وأسقفاً عالية مسبقاً بسبب قوة المقاومة في لبنان وصعوبة مواجهتها".
وقال: "مستعدون للحرب الطويلة مع الاحتلال على كل المستويات، أكان في الجبهة أم في الداخل".
وعن الاتصالات الدولية الجارية حالياً لوقف إطلاق النار، أشار إلى "أن ثمة اتصالات دولية سمعنا عنها في وسائل الإعلام، لكن لبنان لم تصله أي اقتراحات محددة. وحتى الآن لم يرد لبنان أي جديد، وما زلنا في مرحلة جس النبض، وما نسمعه محصور بوسائل الإعلام والصحافة".
ولفت إلى أن "ثمة مناخاً سياسياً متصاعداً وحراكاً كبيراً بين موسكو وواشنطن وطهران وعواصم أخرى مع وصول ترامب إلى سدة الرئاسة".
لدينا الوقت الكافي قبل أن تغرق الدبابات الإسرائيلية في وحل لبنان
وأشار إلى العناصر الحاسمة في الميدان، والمتمثلة "بإرادة الحسينيين الكربلائيين الاستشهاديين العازمين على الموت دفاعاً عن وطنهم وشعبهم، والوقت الكافي قبل أن تغرق دباباتهم مع قدوم الشتاء في وحل لبنان، والأرض التي نعرفها وتعرفنا، والتي تمنحنا حرية المناورة والحركة؛ فإما أن نحيا فوقها أعزاء وإما أن نموت دونها شهداء".
وتوجه إلى الكيان الإسرائيلي بالقول: "لن تكسبوا حربكم بالتفوق الجوي أبداً، ولا بالتدمير وقتل المدنيين من النساء والأطفال، وما دمتم عاجزين عن التقدم البري والسيطرة الفعلية، فلن تحققوا أهدافكم السياسية أبداً، ولن يعود سكان الشمال إلى الشمال أبداً. ومع المزيد من التصدع في جبهتكم الداخلية، سيبدأ العد العكسي، وستكون هناك نقطة تحول كبرى، وعندها ستتأكد يا هذا مجدداً صدق ما قاله سيدنا الأسمى أنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت".
قيادتنا لبنانية ومقاومونا لبنانيون ونحن لا نأتمر بأوامر أحد
أما المقاومون، فتوجه إليهم بالقول: "إلى المجاهدين والمقاومين، أولي البأس الشديد، إنّ وقائع الميدان الفعلية في يدكم، وستكون لها الكلمة الفصل في السياسة والقرار، وفي ضوء قتالكم وصمودكم يتحدّد مصير مقاومتكم ووطنكم، بل ربما مصير الشرق الأوسط بأكمله".
وتحدث عن التشكيك في جوهر المقاومة ونياتها، وفي قدراتها وانتمائها الوطني الصافي إلى بلدها وشعبها، مشيراً إلى أن "الجوقة إياها عادت إلى العمل وإلى التشكيك وبث السموم ونشر الشائعات وضرب الروح المعنوية بانسجام تام مع آلة الدعاية الصهيونية"، لأن المقاومة استعادت المبادرة في الميدان، ولأن العدو عجز عن التقدم البري، ومع استقرار الأوضاع التنظيمية، وانتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً، وملء الشواغر في المراكز القيادية بفعل استشهاد عدد من القادة.
وشدد على أن المقاومة نشأت على الأرض اللبنانية التي احتلها العدو الإسرائيلي، وقال: "قيادتنا لبنانية، ومقاومونا لبنانيون أباً عن جدٍ، لسنا فصيلاً عند أحد، ولا نأتمر بأوامر أحد، ولا نتلقى إيعازاً من أحد كي ندافع عن بلدنا أو نساند شعباً مظلوماً، وعلاقتنا بالجمهورية الإسلامية ودعمها لمقاومتنا أطهر من أن تمسها ألسنتكم بالسوء، ولكنكم اعتدتم الاستزلام والمال الحرام والارتماء بأحضان السفارات".
وخاطبهم بالقول: "إنكم تعلمون أن العدوان على لبنان بدأ عام 1936 في مجزرة حولا، فهل كان حزب الله حينها موجوداً؟ هل يجب أن نعود إلى التاريخ كثيراً؟ إلى عام 1947 و1948، عام 1974 و1978 وإلى عام 1982 عندما دخلت دباباته إلى العاصمة بيروت لنؤكد أن العدوان والاحتلال والنيات التوسعية موجودة في صلب العقيدة الإسرائيلية العسكرية. إن نشوء حزب الله في العام 1982 كحركة مقاومة هو في الأصل رد فعل طبيعي على الاحتلال، فلماذا التشويه للحقائق واستغفال الناس وضرب الذاكرة الجماعيّة وتحميل المسؤولية للضحايا؟ والتعامل مع حركة التاريخ كأنها قطع مجتزأة تنتقون منها ما يخدم سياستكم ويبرر حملاتكم".
إذا سمعتم عن مفاوضات لوقف إطلاق النار.. فاعلموا أن سببها هو الميدان
وتطرق في حديثه إلى ما يدور في لبنان حالياً عن مقولات "قوة لبنان في ضعفه" و"العين لا تقاوم المخرز"، وغيرها من الشعارات التي تحمل الهزيمة النفسية المسبقة أمام الاحتلال، والتي سادت عام 1982، عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى بيروت، متسائلاً: "عن أي ميدان تتحدثون؟ وقراكم تدمر والنازحون يعانون في مراكز الإيواء؟ ما مفهومكم للنصر والهزيمة؟ عن أي ميدان نتحدث؟ عن ميدان البطولة والمقاومة والشرف والفداء الذين سطر فيه المجاهدون بدمائهم عجز العدو عن احتلال قرية لبنانية واحدة يبسط عليها نفوذه، فضلاً عن أن يبني عليها كريات الخيام، كريات عين إبل جديدة. ألم تقرأوا معاريف، وهي تقول 50 ألف جندي و40 يوماً ونحن عاجزون عن احتلال قرية واحدة في جنوب لبنان؟".
وأضاف: "عن أي ميدان نتحدّث، نعم الميدان القادر كل يوم ومتى شاء وطبقاً لقرار قيادة المقاومة قصف تل أبيب. الميدان القادر على تغيير المعادلات السياسية. وإذا سمعتم يوماً ما عن مفاوضات سياسية لوقف إطلاق النار، فاعلموا أن سببها الوحيد هو الميدان وصمود أبطال المقاومة في الميدان".
وتوجه إليهم بالقول: "أفهم أنكم خصومنا السياسيون منذ زمان طويل، نحترم حق الاختلاف، وأفهم أنّ البعض منكم يحمّل حزب الله المسؤولية عن الحرب، وهذا ما تقولونه علانية، ولكن اكسروا أعيننا مرة واحدة ببيان إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان. أو إدانة قتل المدنيين من النساء والأطفال. أو إدانة تدمير القرى والإبادة الجماعية، إدانة قصف البلديات وقتل رؤساء البلديات، إدانة تدمير سوق النبطية التاريخي، وأسواق صور القديمة، أو اجتماع في البريستول ليس أكثر".
وأردف: "ألستم جماعة المجتمع الدولي والقانون الدولي، رسالة إلى الأمم المتحدة على الأقل فيها شكوى من القتل والمجازر وتدمير المنازل. لا تجرأون، (بتزعل) عوكر منكم، ثم إذا تكلمنا عنكم وواجهناكم بالحقيقة (بتزعلوا)، والبعض أرسل لي رسائل أنك في مؤتمرك الصحافي تخوننا. عجباً يرضى القتيل ولا يرضى القاتل".
مفهومنا للانتصار هو منع العدو من تحقيق أهدافه
وتحدث عفيف عن مفهومَي الانتصار والهزيمة في هذه المرحلة، فأشار إلى أن "مفهوم حزب الله للانتصار والهزيمة هو مفهوم أي حركة مقاومة في التاريخ، أي منع العدو من تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية، أما عدم المقاومة فهو الهزيمة الكاملة والاستسلام المذل، وهذا ما لم يكن ولن يكون".
وتابع: "نعلم أن الكلفة عالية والثمن كبير، ولا نتجاهل ذلك، وليس لدنيا إنكار للواقع، ولكننا نعرف ما في صدور أبناء أمتنا وشعبنا من الصبر والتحمل والعزيمة والدعاء لأبنائها وفلذات أكبادها الموجودين على الجبهات، وإن النصر صبر ساعة...".
"لن تستطيعوا أن تفكوا الارتباط بين الجيش والمقاومة"
وعن علاقة حزب الله بالجيش اللبناني، أكد عفيف أنها علاقة متينة وقوية، وأضاف: "نحن من آمن بثلاثية الذهب والبطولة: جيش وشعب ومقاومة، نحن نفهم ونقّدر دور الجيش في حماية التراب الوطني والأمن الوطني. لقد تعمّدت دماء الشهداء هادي نصر الله وهيثم مغنيّة وعلي كوثراني بدماء الشهيد جواد عازار".
وتابع: "أن يقوم العدو بقتل الرائد الشهيد البطل محمد فرحات على تراب عيترون، والذي كان تشييعه في زغرتا عرساً وطنيّاً جامعاً، فإننا نفهم رسالة العدو، هكذا نفهم الجيش وهكذا نفهم علاقة المقاومة به. أما أولئك الذين لطالما قاتلوا الجيش إبّان الحرب الأهلية البغيضة وقتلوا ضباطه وجنوده، أما أولئك الذين وقفوا خلف شعار الدفاع عن الجيش لإطلاق النار على المقاومة بذريعة تساؤل طبيعي وطلب التوضيح من دون إدانة أو اتهام عن حادثة البترون فنقول لهم خسئتم، فلن تستطيعوا أن تفكوا الارتباط بين الجيش والمقاومة، وكلاهما كلّ بطريقته وإمكاناته في قلب معركة الدفاع عن لبنان واللبنانيين".
وأشاد عفيف بالتظاهرات المنددة بالاحتلال، والتي جرت فصولها في أمستردام، رداً على الاستفزازات الصهيونية، مشيراً إلى أن الحكومات تقف من أجل قمع الحريات وعدم المس بما هو صهيوني، وربما يحصل تكاتف دولي لمنع إدانة إسرائيل شعبياً، كما هو الحال سياسياً، ولكن رغم ذلك، فإن رسالة المتظاهرين في هولندا كما في العالم سابقاً أن إسرائيل معزولة لأن العالم في النهاية إنسان سوي له قلب ومشاعر وليس حجراً وطيناً".
غاب السيد الشهيد جسداً ولكنه ما زال قائد المعركة ورمزها
وفي ذكرى يوم الشهيد، شدد عفيف على أن "احتفالنا الحقيقي في ذكرى فاتح عهد الاستشهاديين الشهيد أحمد قصير هو بتحقيق الانتصار في ساحات القتال والجهاد".
وقال: "هذه هي المرة الأولى التي نأتي فيها إلى مجمع سيد الشهداء، والسيد لا يخرج فينا خطيباً يأسر القلوب والأرواح، وهذه هي المرة الأولى التي نحيي فيها عبر هذا المؤتمر الصحفي الرمزي يوم الشهيد في غيابه".
وأضاف: "لئن غاب جسده قسراً وقهراً في معركة ما زال هو قائدها ورمزها، فإنه باقٍ في الشهداء الذين كان يؤبّنهم ويرثيهم ويعزي عائلاتهم بكل ما أوتي من عاطفة وحنان، وباقٍ خالداً أبداً في المجاهدين الذين تخرجوا من مدرسته أبطالاً كربلائيين، كان السيد أمةً في رجل، وما زال، لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد".