Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

ما بين نتنياهو ووزيري جمع المعلومات وأمن الاحتلال… ضاعت المنطقة!

فلسطين اليوم

كثيرة هي تلك التصريحات الصحافية التي أصمت آذاننا على مدار عام تقريباً من الحرب على فلسطين والحرب على لبنان، تصريحات صحافية متلونة ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر طاعن في الدماء والكراهية.

المساهمون في هذا المضمار كثر وعلى رأسهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، واثنين آخرين يجب أن لا يغيبا عن الذاكرة، أحدهما يقول إنه مع صفقة لوقف النار في فلسطين ولبنان، صفقة تنهي الحرب وتضمن عودة الهدوء إلى المنطقة، ثم يذهب ليوقع أمراً فورياً يشعل المزيد من النار عبر تزويد إسرائيل بالسلاح، لتجده لاحقاً وخلال ساعات فارقة ومع كل حادثة مهمة، وفي مؤتمر صحافي صاخب يقول إن بلاده تجمع المعلومات! حتى باتت قصة جمع المعلومات مساحة واضحة للتندر والمسخرة، يجمع معلومات من موظفي المطبخ العالمي الذين قصفت مركبتهم في غزة، ويجمع معلومات عن اغتيال الناشطة التركية الأمريكية عائشة نور، ويجمع معلومات عن مقتل رعايا أمريكيين من أصول فلسطينية، وقائمة لا تنتهي من الاستهدافات، من دون جدوى ومن دون تحقيق ومن دون عقاب ومن دون أي نتيجة أو رادع يذكران.

أما ثانيهما فيحدثنا عن رغبة بلاده بخفض التصعيد في الشرق الأوسط ليعود ويتوعد دول الإقليم إن هي فكرت المس بإسرائيل، لتراه يعلن عن نشر الطائرات والبوارج والبطاريات وقائمة لا تنتهي من صنوف السلاح والموت دفاعاً عن دولة التطرف والاحتلال.

وعندما يسأله أحدهم عن انفصام المواقف، يعود ليقول إن بلاده ملتزمة بأمن إسرائيل، وليعلن في ذلك الإطار عن ترحيب بلاده بقتل فلان واغتيال علان، مباركاً العملية العسكرية الإسرائيلية هنا أو هناك، مدعياً بأن بعض العمليات لن تكون إلا محدودة التمدد والمواقيت.

سير الدول العميقة في أمريكا وبريطانيا وغيرهما في مسار الدعم الأعمى لإسرائيل هو ما يولد النفور العالمي ويغذي الكراهية الدولية ويحث على الانتقام والقتل والسحق والهدم والتهجير.

لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الطاعن في المراوغة، وزميله الشريك في مشهد اليوم وزير الدفاع لويد أوستن، يقول الشعب الفلسطيني: كفاكما ضحكاً على الذقون، كفاكما استفادة من ضعف رئيسكما جو بايدن، وانشغاله بحزم أمتعته لمغادرة البيت الأبيض، كفاكما إذعاناً لمواقف اللوبيات الصهيونية، فالشعب الفلسطيني وشعوب الأرض لا يعيشون في العصر الحجري، ولا ينامون ليلهم ينتظرون الأخبار لتصلهم عبر الحمام الزاجل!

الجميع يعرف ويرى كيف يتدحرج المشهد وبدعمكما نحو تحقيق حلم نتنياهو بشرق أوسط جديد، ليس فيه فلسطينيون، ولا سلام فيه، ولا دولة فلسطينية فيه ولا كرامة عربية فيه.. بل فيه حدود جديدة لإسرائيل من الفرات إلى النيل، إسرائيل التي لم تعرف يوماً مصطلح المؤقت، فالمؤقت يصبح دائماً، وليس هناك مصطلح محدود، فالمحدود يصبح واسعاً وممتداً حسب شهية الاحتلال الإسرائيلي ونزواته. إن سير الدول العميقة في أمريكا وبريطانيا وغيرهما في مسار الدعم الأعمى لإسرائيل هو ما يولد النفور العالمي ويغذي الكراهية الدولية ويحث على الانتقام والقتل والسحق والهدم والتهجير. لذا لا بد من إعادة تعريف مفهوم معاداة السامية ومعنى صداقة إسرائيل، إذ أن التساوق مع رغبة إسرائيل المستدامة في شن الحروب بحثاً عن تماسك نسيجها المجتمعي بفعل الخوف والرعب، والسعي لتحريك اتهام كل من يقول لا للاحتلال بأنه معادٍ للسامية، هما من يولدان التنافر المحتمل والمتصاعد بين إسرائيل ودول وشعوب أخرى، وهو ما يغذي الصراعات والكراهية والحقد حول العالم.

صديق إسرائيل هو من يصدقها القول: فالقوة والقتل والمحق والسحق لن يساهموا إلا بأن يجعلوا كل فلسطيني أكثر فلسطينية، فالهوية والانتماء والمواطنة والحقوق والإصرار والبقاء لا تغلبها الصواريخ والعنتريات والعضلات مهما امتلك أصحابها من كثافة الدعم وذكاء التكنولوجيا وتواطؤ المتخاذلين وفتاكة السلاح وبشاعة الأهداف، ومهما راكموا من مخزون الخونة والعملاء والأُجراء، الذين باعوا شرفهم وكراماتهم وقبلوا خيانة أطفالهم ونسائهم وشعبهم وتاريخهم .

أعيدوا النظر في مشروعكم الصهيوني… فمصيبة فلسطين لم تعد داخل حدودها، بل أصبحت مهوى قلوب البشرية قاطبة.. فهل يحافظ وزراء الكذب والتضليل وانفصام المواقف على نسق تعاملهم مع الصراع، أم تجعلهم البشرية يستفيقون! ننتظر ونرى!

*كاتب فلسطيني